طوكيو: مؤخرا صدرت الترجمة الإنجليزية لكتاب الكاتب الياباني الأكثر مبيعا هاروكي موراكامي "عن الذي أتحدث عنه كلما أتحدث عن الجري" فالكاتب باع البار الذي كان يملكه في عام 1982 ليكرس حياته للكتابة، بعدها قرر أن يجري ليحافظ علي قوامه الرياضي، وبعد عام من مواظبته على الجري، ذهب ليجري المسافة بين مدينة أثينا ومدينة ماراثون التي يبلغ طولها 40 كيلومتراً، الآن محصلته 25 ماراثون جري شارك فيهما و11رواية كتبها. وكتب موراكامي كتابه الأخير هذا في الأربعة شهور التي كان يجهز فيها نفسه قبل دخوله ماراثون نيويورك عام 2005، وهو عبارة عن مذكرات موراكامي وخواطره حول الجري و الكتابة. في كتابه الجديد يكتب موراكامي كما نقلت عنه صحيفة "البديل" المصرية: "أنا سعيد لأنني لم أتوقف عن الجري كل هذه السنوات. والسبب وراء ذلك، هو حبي للروايات التي أكتبها. فأنا أتطلع بالفعل لمعرفة أي نوع من الروايات سأكتب في المرة القادمة. ولأنني كاتب محدود- شخص غير كامل يعيش حياة محدودة غير كاملة- فالحق أنني مازلت أشعر أن هذه الطريقة هي الإنجاز الحقيقي. إن تسميتها بالمعجزة أمر مبالغ فيه، إلا أنني بالفعل أحسها علي هذا النحو. وإن كان الجري كل يوم يساعدني علي إنجاز ذلك فأنا ممتن جدا للجري". "كتابة الروايات، بالنسبة لي، هي أساسا نوع من العمل اليدوي. الكتابة نفسها عمل ذهني، إلا أن إنهاء كتاب بأكمله لهو أمر أقرب للعمل اليدوي. وإن لم يشمل الرفع الثقيل أو الجري السريع أو القفز العالي. أغلب الناس، علي الرغم من ذلك، يرون فقط القشرة الخارجية لجوهر الكتابة ويعتقدون أن الكتاب أشخاص منغمسون في عمل هادئ ذهني يتم إنجازه في مكاتبهم. يخيل إليهم، أنه لو بوسعك رفع فنجان قهوة، فأنت قادر علي كتابة رواية. لكنك بمجرد أن تحاول، سرعان ما تكتشف أنها ليست مهنة سلسة كما يخيل إليك. العملية برمتها- بجلوسك علي مكتبك، و جمع شتات ذهنك في نقطة واحدة وكأنه شعاع ليزري، وتخيل شيئا ما في أفق الورقة الخاوية، وخلق قصة، واختيار الكلمات المناسبة، كلمة كلمة، والحفاظ علي مسار تدفق القصة- تحتاج إلي طاقة كبيرة، علي مدار فترة زمنية طويلة، أكثر مما يتخيل أغلب الناس. قد لا يتحرك جسدك بوصة واحدة، لكن هناك عملاً مرهقاً متواصلاً بداخلك. كل واحد يستخدم عقله عند التفكير. لكن الكاتب يرتدي سترة تسمي الحكي ويفكر بكل كيانه، أما بالنسبة للروائي فهذه العملية تحتاج وضع وتشغيل كل احتياطيك الجسدي الذي غالبا ما يصل لأقصي معدلاته". يواصل الكاتب العداء صاحب رواية "كافكا علي الشاطئ" خواطره فيكتب: "لا يهم طول المسافة التي تناسبني لأجريها، بالطبع هناك أيام أشعر فيها بالخمول وعدم الرغبة في الجري. حقيقة هذا يحدث كثيرا. في أيام كهذه أفكر في أسباب مقنعة لسحق هذه الرغبة. مرة ذهبت لمقابلة العداء الأوليمبي توشيهيكو سيكو عقب اعتزاله وتوليه مهام مدير مجموعة شركات S&B وسألته: "هل يشعر عداء في نفس مستواك بأنه لا يرغب في الجري اليوم، كأن تفضل عدم الجري و تود الخلود للنوم؟" نظر إلي وبصوت عمل على أن يوضح من خلاله مدى غباء سؤالي رد: " بالطبع طيلة الوقت". ولد موراكامي في 12 يناير عام 1949 لأب كان ابنا لكاهن بوذي وأم كانت ابنة لتاجر ثري كليهما درس الأدب الياباني، منذ طفولته وموراكامي متأثر بالثقافة الغربية خاصة الموسيقي والأدب ولقد تأثرت كتاباته بهذا الأمر لدرجة أن عناوين رواياته حملت أسماء أغاني شهيرة . درس بجامعة "واسيدا" في طوكيو، وكانت أول وظيفة عمل بها في محل لبيع أشرطة الكاسيت، نفس مهنة بطل روايته " الغابة النرويجية"، في عامه 29 بدأ موراكامي أولي رواياته "اسمع الريح تغني" بينما كان يشاهد مباراة بيسبول ثم واصل كتابته مدفوعا برغبة لم يخبرها من قبل. ترجمت أعماله إلى ما يقارب الأربعين لغة، وفاز بجائزة فرانز كافكا الأدبية، وصدر له "الغابة النرويجية" و"سبوتنيك الحبيبة" و"كافكا على الشاطئ".