يذهب مؤلف كتاب "القاعدة ومعنى الحداثة" جون غراى إلى أن الإسلام المتشدد يرفض الزعم بأنه حركة حديثة، وعالم العصور الوسطى ربما توحّد بالعقيدة ولكنه لم يحتقر أو يستهن بالعقل، وقد جاءت رؤيته للعالم من خلال الدمج بين العقلانية اليونانية والتوحيد اليهودى المسيحي. وفى النظام الوسيط للأشياء، فإن الطبيعة كان يعتقد أنها عاقلة، ثم جاء المذهب الرومانسى الذى آمن بأن العالم يمكن أن يصاغ مجددا من خلال عمل إرادى وكجزء من العالم الحديث الذى بشر به عصر التنوير من أجل حضارة كونية تقوم على العقل وكلتا الفكرتين كانتا فعلا ورد فعل الواحدة ضد الأخرى وكانتا من قبيل الميثولوجيات. ووفقا لمحمد البصيرى العكرمي بصحيفة "العرب" اللندنية يوضح الكتاب انه فى بداية القرن الحادى والعشرين عادت الأفكار الرومانسية كجزء من المقاومة والتصدى للكونية الأمريكية، والقاعدة ترى نفسها بديلا للعالم الحديث ولكن الأفكار التى تستقى منها تظل رغم ذلك وبصورة جوهرية أفكارا حداثية. ومثلما ذكر كارل كراوس عن التحليل النفسي، فإن الإنسان المتشدد هو أحد أعراض المرض الذى يزعم أنه جاء لمداواته والخلاص منه، وهكذا نرى أن المؤلف قد انتهج مقاربة تمتاز بالتفرد والطرافة وتعتمد جملة مفاهيم فى البحث والدراسة غير المسبوقة فى جلّ الكتابات الأخرى التى تناولت حتى الآن، قضايا بالغة الأهمية يعيشها عالم اليوم مثل الإرهاب وصدام الحضارات ونهاية التاريخ وإعادة صياغة آليات الهيمنة الاستعمارية، فضلا عن عودة الروح إلى القوميات والمذاهب والمعتقدات الروحية والمقدسات التى ينفض عنها الغبار فى تراث أمم وشعوب كثيرة شرقا وغربا. ويظل السؤال قائما: هل حقا أن الإرهاب هو نتاج الحداثة الغربية أم أنه ظاهرة تجد لها فاعلين فى محور "للشرّ" ليس لديه مشروع للبناء وإنما نزعة سادية قد تصل إلى درجة الجريمة المحضة.