قناة السويس أكبر خطر على الجيش المصري فى أية معركة مع العدو الصهيوني
كنز الثروة, بوابة الشمال وبوابة الشرق, مقبرة الغزاة والقاطنين, حائط الصد الأخير, والأول، فاصلة الشرق عن الغرب, شهدت حديث السماء وفرار موسي وعودة الأنبياء , أرض التيه العظيم , منها بدأت الرحلة المقدسة وإليها إنتهت, صحراء جرداء , جبال وعرة , أمطار وسيول , أبار وينابيع , جفاف وموت , وحياة وأمل، موضعها أسيا , وموقعها افريقيا , إنها حقا أرض الأضداد..... إنها أرض الفيروز: سيناء. حقائق كثيرة , قد يستوعبها البعض وينكرها ويهون من قدرها الكثير , وللأسف يتجاهلها من يعلمها , ويتعامي عنها رجال أولي بها من غيرهم ينساها الضعفاء من الحكام , ولا يقبل الزعماء الحقيقون إلا بالسيطرة المطلقة عليها ,ولما لا أوليست هي حقا بوابتنا إلي الشرق الذي هو نفسه غرب الأخرين. وبعيدا عن تعقيدات الجغرافيا , والحدود والمساحة , فكل أرض تفرض قواعدها وثوابت تجبرنا إذا أردنا العيش فيها أن نتعامل معها , فالأرض وطن , والوطن يسمح دائما لقاطنيه بالدفاع عنه , ويستعصي علي الغرباء في أن يكون سببا في إستعمار أهله وشعبه. هكذا كانت سيناء. فهل هي كذلك اليوم. لكي نفهم واقع سيناء فلابد لنا أن نضع خطا زمنيا فاصلا , وهذا الخط يبدأ من بعد حفر قناة السويسفسيناء قبل القناة شيء , وبعدها شيء أخر , لقد كانت لجيوش مصر علي مدار الألاف من السنين قواعد عسكرية قائمة ودائمه في سيناء وصولا للشام , وكانت هذه القواعد دائما وأبدا أجهزة إنذار مبكر لأي تهديد , قد يتحرك تجاه مصر , وتحدثنا الأثار في كل بقعة من البقاع أن حكام مصر قد فطنوا إلي أهميتها , وأنا لست هنا أتحدث عن الأهمية الأقتصادية وهذا الروث الذي يحاول الأعلام ان يروج له بإستمرار , ولكني هنا أتحدث عن الأهمية الإستراتيجية لسيناء كحائط صد أخير , وجهاز إنذار لكل ما يمكن ان يتهددنا من الشمال الشرقي. إن سيناء قبل القناة لم تكن تتطلب مجهودا خرافيا للسيطرة عليها , فقناة السويس مع مميزاتها , إلا انها تحمل عيوبا قاتله عسكريا وإستراتيجيا , وما مقابل المرور الذي نتحصله من عبور السفن والبوارج إلا مسكن لألام ما بعد شق القناه , إنها كالجرح القطعي الذي لا يلتئم أبدا , ولابد للمريض أن يأخذ مسكنات دائمة , وليس اسهل من تعريفة المرور كمسكن. فلماذا إذن؟ في كتاب فن الحرب لصن تزو , القاعدة الثالثة إن أعلي درجات البراعة العسكرية هي إعاقة خطط العدو بالهجوم المضاد , يليها منع قوات العدو من الإلتحام ببعضها البعض (عزلها وقطع خطوط الإتصال والإمدادت). هذه قاعدة أساسية في إستراتيجية الدفاع , وبوجود قناة السويس تصبح الأمور ببساطة عبارة عن شرق وغرب ومانع مائي له من الصعوبة المعروفة في العبور بسبب التيارات المائية التي تختلف مرتين في نفس اليوم الواحد. كيف إذن نجهض هجوما , وبالفعل تم قطع الإتصال بين المقدمة المهاجمة لجيشنا والمؤخرة المساندة بالتعيين والدواء والذخيرة بل قل بالقيادة في حد ذاتها. إن مجرد سرية صغيرة متسللة تستطيع ضرب الكباري العائمة , أو حتي صواريخ موجهه بالأقمار الصناعية , الأمر الذي يؤدي حتما إلي تعطيل الأتصال بين مقدمة الجيش ومؤخرته مما يعني ببساطة خسارة الحرب. إن الضعف العددي ينبع من الإستعداد لصد هجمات محتملة في أماكن متعددة , بينما القوة العددية تأتي من إجبار العدو علي إتخاذ مثل هذه الإستعدادت لمقابلتنا (صن تزو) , أصبحت سيناء بلا منازع أرضا فارغة من التواجد الإستراتيجي مما يركز قواتنا في الغرب من القناة , ويجعل مساحة المواجهه بطول القناة كلها , أضف إليها خليج السويس في حالة سيطرة المهاجم علي سيناء كما حدث في هزيمة يونيو 67. مما يزيد من مساحة الأرض المطلوب حمايتها وتأمينها , الأمر الذي يقسم القوات ويجعلنا عرضة لأي ثغرة تماما كالتي حدثت في ثغرة الدرفسوار بين الجيشين الثاني والثالث. وعودة للعنوان الرئيس, أنه لا أحد يموت في سيناء , فيكفينا هنا ان نشرح ببساطة طبيعة الارض , فسيناء توجد بها جميع اسباب الحياة , والسبب الرئيس هو بالطبع الماء , الذي يوجد في جميع ارجائها , والغريب في الأمر , أن المناطق التي لا ينزل بها المطر تجد بها الأبار , والمناطق الجبلية الوعرة , يوجد بها مخازن طبيعية حفرت في الصخر مشكلة أحواض تحتفظ بالمياه , ناهيك عن التنوع الجميل في الأشجار المثمرة طبيعيا , أوليس المن والسلوي يكفيان. إن نقطة قوتنا الوحيدة التي كنا نملكها في سيناء هي فهمنا لطبيعة الأرض , فسيناء بالنسبة لمن لا يفهمها مقبرة , وبالنسبة لمن يفهمها ويعرفها قلعة مفتوحة تعادل ستة في المائة من مساحة مصر. ونقطة القوة هذه فقدناها أمام عدونا الإستراتيجي , وعدونا الجديد المتحالف معه , فقد خبرت إسرائيل طبيعة الأرض في خمس سنوات , ومازالت بعدها حتي اليوم ترسل الالاف من الجواسيس المساحين في شكل سياح , لكي تعدل من خرائطها وتمسح وتحدث كل شبر فيها. هذه هي سيناء اليوم , واقع خطير لم نذكر منه إلا جزء يسير , ونتسائل بعد هذا من منظور المواطن في نظام يفترض ان يتبني نظرية الأمن القومي الشامل فيما بعد الثورة , ومن حقنا أن نتسائل: أين كان وكنتم حينما ظهرت هذه المتغيرات التي قلبت الواقع , الذي تعودنا عليه ورتبنا إستراتيجيتنا العسكرية طبقا له؟ ألم يكن هنالك احد يفكر في هذه الأرض , أم أصبح الجميع يجري وراء مصالحة , ام كان النظام القديم جبانا رعديدا لا يستطيع ان ينظر أبعد من أصابع قدمية؟ إنني اقول ببساطة , إن واقع سيناء اليوم يتطلب منا أكثر بكثير من عمليات عسكرية أتخذت من الطيور رمزا لها , ويبدوا ان الطيور اصبحت هي الرمز الوحيد الذي نتبناه , فمن طائر النهضه إلي طائر النسر لا فرق كله ريش بيطير.
علاء سعد خبير نظم معلومات مرشح محتمل من الشباب للإنتخابات الرئاسية