نسمع ونرى كثيرًا أن أبًا أوصى لأحد أبنائه بنصيب زائد على إخوته فى الميراث لاعتقاده بأنه الأولى من إخوته , أو أن أبا منع أحد الأبناء من الميراث لانحرافه عن المسار الطبيعى حتى يعود إلى رشده.. فهل من الأفضل أن يترك الأب تركته لتقسم حسب الشريعة, أم ما فعله هو الصواب؟! بداية يؤكد د. عبد المعطى بيومى– العميد السابق لكلية أصول الدين, عضو مجمع البحوث الإسلامية أن الوصية لا تجوز لوارث لنهي النبى عن ذلك، ولكن إذا كان أحد الورثة قاصرًا فعليه أن يوصى من يثق به فى أن يتنازل عن شيء من ميراثه لمساعدته فى التعليم والزواج مشيرًا إلى أن الوالد فى هذه الحالة له الخيار فى أن يكتب الوصية قبل الوفاة أو يتركها ويقسم الميراث حسب الشرع, مشددًا على ضرورة وجود مبرر شرعى فى حالة كتابة حق أكثر لأحد الأبناء وعدم التفرقة فى المعاملة حتى لا تمتلئ صدورهم بالكراهية مع ضرورة تقوية أواصر الإخوة لأن الأخ سند لأخيه وليس خصمًا. ويرى الدكتور محمد رأفت عثمان أستاذ الفقه المقارن بكلية الشريعة والقانون, عضو مجمع البحوث الإسلامية, أن التساوى فى الميراث بين الأبناء مطلب شرعى، مؤكدًا أن الوصية لا تجوز فى أكثر من الثلث, وفقًا لما ورد فى حديثي النبى (ص) لسعد بن أبى وقاس. وأشار عثمان إلى أن بعض الفقهاء يمنعون الوصية للوارث مطلقًا, فإذا أعطى الوالد مالا لأحد الورثة فلابد أن يعطى الباقين بنفس القدر مصداقا لقول النبى لمن جاءه يطلب شهادته على مال أعطاه لأحد أبنائه دون الباقين: "أشهد غيري فإنى لا أشهد على جور". وأضاف أن بعض العلماء يرون جواز الوصية لبعض الورثة المحتاجين للمال عندما يكون الوارث معاقًا أو لم يكمل تعليمه مثل باقى إخوته بشرط أن يكون غير كافٍ لذلك، مؤكدا عدم جواز التفرقة فى المعاملة بين الأبناء لأن ذلك يولد الكراهية ويشجع على عقوق الآباء علاوة على كونه ينشر الضغائن بين الإخوة. ويؤكد الدكتور مصباح حماد وكيل كلية الشريعة والقانون بجامعة الأزهر أن الأب حر فى ماله طالما أنه حي يرزق, وقد يفضل بعض أبنائه المطيعين , فله أن يختار طريقة تماثل رغبته فى الوصية, فيبيع لأحد أبنائه دون الآخرين وذلك فى حياته, وبهذه الكيفية يكون للابن الذى يتم البيع له فى حياة والده، ولكنه لم يستبعد أن يترك ذلك آثارًا سلبية فى نفوس الإخوة تجاه بعضهم البعض. وأشار خالد شافعى المحامى بالنقض إلى وجود وصية واجبة بموجب القانون واجبة التنفيذ لأبناء الابن المتوفى أو البنت المتوفاة قبل الأب ولا يمكن حصول هؤلاء الورثة على حقهم من جدهم إلا بعد وفاته, مشيرا إلى وجود بعض الأشقاء ضعاف النفوس الذين يرفضون تسليم الميراث لأبناء الأخ أو الأخت المتوفاة وقال : أنصح الأب الذى يرى أن أبناءه من هذا النوع أن يسجل وصيته ويحدد فيها حق أبناء المتوفى, وإشهارها بالشهر العقارى, وأوضح أن القانون لايشترط أن تكون الوصية مكتوبة لأنه يجوز للأبناء المطالبة بميراث أبيهم شرعًا. وتؤكد د. نادية رضوان، أستاذة علم الاجتماع بحامعة قناة السويس على أنه من الصعب أن نجد مشاعر الأب تنحاز إلى أبناء دون الآخرين, لأنهم جميعًا متساوون فى محبتهم ومكانتهم عنده, ولكن نتيجة لانحراف بعض الأبناء عن المسار الطبيعى فى العلاقة بين الأبناء وآبائهم- قد يضطر الأب إلى اللجوء لوسيلة يعيدهم بها إلى الخلق القويم ويكون ذلك إما بحرمانهم من الميراث أو التلويح بذلك. وأشارت رضوان إلى نموذج آخر من الآباء , يرى في أحد أبنائه دماثة فى الخلق, وبالتالى يستأمنه على نصيب ابنه العاق أو القاصر إلى أن يعود الى رشده ويعيد له حقه فى تركة أبيه.. وعولت رضوان على التربية الدينية الصالحة التي يسودها روح الحب بين الأبناء والآباء من ناحية, والأبناء وبعضهم البعض من ناحية أخرى حتى يكونوا سندًا لأبيهم فى حال بلوغه أرذل العمر.