شهدت مكتبة الإسكندرية مساء أمس ختام المؤتمر الدولي السادس "بيوفيجن الإسكندرية 2012"، الذي نظمته المكتبة في الفترة من 22 إلى 25 إبريل 2012 تحت شعار "العلوم الحياتية الجديدة: الربط بين العلوم والمجتمع". وأعلن الدكتور محمد الفحام؛ مدير مركز الدراسات والبرامج الخاصة بمكتبة الإسكندرية، إن المؤتمر تضمن 28 جلسة، وشارك فيه أكثر من 2050 مشارك من 30 دولة. وأضاف أن 84% من المشاركين هم من الطلبة وحديثي التخرج وطلبة الدراسات العليا، أما 15% فهم من الأكاديميين، كما أن 63% من المشاركين هم من النساء. وقال إن المؤتمر شارك فيه حوالي 115 متحدث بارز، وشهد مشاركة أربعة من الحائزين على جائزة نوبل؛ وهم: ريتشارد ارنست (الكيمياء 1991)، وجين ماري لين (الكيمياء 1987)؛ الذي شارك في المؤتمر من خلال مؤتمرًا مرئيًا، وهارولد كروتو (الكيمياء 1996)؛ الذي أرسل رسالة للمشاركين عبر الفيديو، وبيتر دوهرتي (الطب 1996) الذي شارك أيضًا من خلال الفيديو. وألقى الدكتور إسماعيل سراج الدين؛ مدير مكتبة الإسكندرية، كلمة في الجلسة الختامية للمؤتمر، تحدث فيها عن العلوم الحياتية الجديدة وربطها بالمجتمع، وأهمية التنسيق بين العلماء وصانعي القرار في تطبيق التكنولوجيا الحديثة، وضرورة وجود أخلاقيات تحكم العلاقة بين العلم ومصالح المجتمع. وقال إن العلم هو عبارة عن بحث وتنقيب مستمر، ولذلك يجب استمرار دعم العلماء ودمج الحكمة التي استمدها الإنسان من العلوم الإنسانية مع العلوم الحياتية. وأشار إلى أن دول العالم المختلفة، ومصر بصفة خاصة، تعاني من انفصال كبير بين العلوم الإنسانية والعلوم الطبيعية، مبينًا أن هذه الثقافة المبنية على الجهل بأساسيات العلوم تنتج مناخ مضاد للعلوم وتحول العلم إلى جدال سياسي لا ينتج عنه أي نفع للمجتمع. وشدد على أهمية ربط العلوم بالمصلحة العامة في السنوات المقبلة، وذلك انطلاقًا من قواعد أخلاقية تضع مصلحة المجتمع في المقدمة، مؤكدًا أن ليس كل ما هو قابل للتنفيذ علميًا يمكن إدراكه أخلاقيًا. ولفت إلى ضرورة وجود حدود بين القطاع الخاص والمصلحة العامة، على أن يشارك العلماء في وضع قواعد البحث وألا يقتصر ذلك على صانعي القرار فقط. وتحدث عن أهمية تضافر مجالات البحث المختلفة وتفادي الأبحاث من جانب واحد، والمراجعة المستمرة للقرارات التي اتخذت في الماضي في ضوء الأدلة العلمية الجديدة، وتنظيم كيفية تطبيق العلوم باستخدام التكنولوجيا الحديثة، وتطوير نظام خاص للبحث العلمي. وأكد سراج الدين أن قادة العالم مجتمعين لم يتمكنوا من تحقيق الهدف الأول من الأهداف الإنمائية للألفية، وهو تقليل الفقر والجوع. وشدد على أن العالم يواجه تحدي كبير في هذا الإطار، يستلزم تضافر جهود العلماء والقطاعين العام والخاص بناء على نهج أخلاقي يشجع البحث والابتكار والريادة. وعرض الدكتور رفيق نخلة؛ نائب مدير الموارد البشرية بمجموعة بروجاكس، أهم ما جاء في المؤتمر في مجال الصحة، مبينًا أن جلسات المؤتمر بينت أن تدهور الصحة يتأثر بالزيادة السكانية والظروف الإقتصادية، كما أنه ينتج عن غياب صناعة القرار وعدم مطابقة أولويات البحث مع حاجات المرضى. وأشار إلى أن المؤتمر تطرق إلى التقدم الملحوظ في مجال اللقاحات؛ مبينًا أن اللقاحات تنقذ حياة أكثر 2.5 مليون شخص كل عام. وأوضح أن التحديات الموجودة في هذا الإطار هي سوء التوزيع وعدم وصول اللقاحات للجميع، والذي يتسبب في وفاة أكثر من 2 مليون شخص. وأضاف أن المؤتمر عرض فكرة مشروع WIPO، والتي تساعد على إتاحة المعرفة العلمية في ظل قوانين الملكية الفكرية. وأشار إلى أن المؤتمر قدم نماذج مذهلة في مجال الإنسان الآلي الحيوي، إلا أن النماذج طرحت تساؤلات حول الذكاء الاصطناعي، وإلى أي مدى سيسمح الإنسان للإنسان الآلي باتخاذ القرارات؟ من جانبها، عرضت زوي كوان؛ مؤسسة ورئيسة شركة Qingchu Thinking، الجوانب الخاصة بالاحتفال بيوم العلم. وأكدت أن المؤتمر دعا إلى دعم صغار العلماء والتعاون بين الجامعات والحكومات ومؤسسات الصناعة، وتوصيل فوائد العلم للمجتمع، والاهتمام بتعليم العلوم، واعتماد العلماء على الابتكار في إجراء الأبحاث وتوصيل الأفكار العلمية وجذب الممولين. وتحدث الدكتور سامي الراكشي؛ أستاذ مساعد بكلية الزراعة بجامعة الإسكندرية، عن الجلسات الخاصة بالزراعة والغذاء. وأشار إلى أن المؤتمر تطرق إلى سبل تطوير الزراعة، والتطوير الجيني للحبوب باستخدام التكنولوجيا الحيوية. وأوضح أن المؤتمر عرض فوائد الزراعة المحافظة على الموارد conservation agriculture، والتي تساعد على زيادة المحصول والاستخدام الأمثل للمياه وعدم الإهدار وتحسين الظروف الاقتصادية، مبينًا أنها تستخدم في نحو 125 مليون هكتار حول العالم. وقال إن المؤتمر أكد أنه لا يوجد بديل لاستخدام التكنولوجيا الحيوية في السنوات المقبلة لتحقيق الأمن الغذائي لحوالي 9 بليون نسمة بحلول علم 2050. من جانبه، تحدث الدكتور أحمد عطية؛ وكيل معهد الدراسات العليا والبحوث بجامعة الإسكندرية، عن الجوانب البيئية التي تعرض لها المؤتمر. وأوضح أن المؤتمر تطرق إلى أهمية دراسة الميتاجينوم في بحث الحفاظ على التنوع الحيوي. وأضاف أن المؤتمر أكد أن دول الشرق الأوسط لديها فرصة ذهبية لتلبية 90% من احتياجات الطاقة من خلال الصحراء.
وأشار إلى أن المؤتمر ناقش أهمية ترشيد استهلاك المياه لتحقيق الأمن الغذائي بحلول عام 2050، حيث إن 97.5% من المياه هي من المحيطات و25.5% فقط يستخدم في الزراعة وغيرها. من جانبه، قال محمد يحيى؛ المحرر بمجلة Nature الشرق الأوسط، إن المؤتمر بحث التعاون بين مصر والإتحاد الأوروبي في مجال العلوم والتكنولوجيا، ومحاولات تحول الشراكة من مجرد التمويل إلى التعاون المشترك. وأشار إلى أن الجلسات أكدت على أهمية تطبيق التقنيات الحديثة والاعتماد على القرارات السياسية والتعاون بين مجالات البحث المختلفة لتحقيق الأمن الغذائي. وقال إن المؤتمر شهد جلسة لبحث إطلاق مشروع أطلس العالم الإسلامي للعلوم والإبتكار، والذي يتم بالتعاون مع الجمعية الملكية البريطانية، وتشارك فيه مكتبة الإسكندرية، ويهدف إلى تحديد وتقييم أنشطة العلوم والتكنولوجيا والإبتكار في عدد من دول منظمة المؤتمر الإسلامي؛ منها: مصر، وماليزيا، وقطر، والسنغال، وتركيا، وإندونيسيا. وكانت مكتبة الإسكندرية قد افتتحت المؤتمر الدولي السادس "بيوفيجن الإسكندرية 2012"، يوم 22 إبريل 2012. وافتتح المؤتمر كل من ديديه هوش؛ رئيس المنتدى العالمي لعلوم الحياة بفرنسا، وكوجي أومي؛ مؤسس ورئيس منتدى العلوم والتكنولوجيا في اليابان، ورومان مورنزي؛ المدير التنفيذي لأكاديمية العلوم للعالم النامي، والدكتور إسماعيل سراج الدين؛ مدير مكتبة الإسكندرية، والدكتور أسامة الفولي؛ محافظ الإسكندرية. شارك في المؤتمر مجموعة كبيرة من المتحدثين البارزين؛ منهم بروس البيرتس؛ الرئيس السابق للأكاديمية الوطنية للعلوم ورئيس تحرير مجلة العلوم، والدكتور مصطفى السيد؛ رئيس جوليوس براون ومدير معمل ديناميات الليزر ومعهد جورجيا للتكنولوجيا، والبروفسور جيلبرت أومن؛ أستاذ الطب وعلم الوراثة البشرية والصحة العامة بجامعة ميتشيجان. شارك في المؤتمر أيضًا الدكتور هوانمنج يانج؛ مدير معهد بكين لعلم الجينوم، وفيفيان ديريك؛ رئيس معهد بريدجز بالولايات المتحدةالأمريكية، والدكتور شريف قنديل؛ أستاذ علوم المواد بمعهد الدراسات العليا والبحوث بجامعة الإسكندرية. وتحدث في المؤتمر أيضًا مارك فان مونتاجو؛ رئيس الإتحاد الأوروبي للتكنولوجيا الحيوية، والدكتورة منى مرعي؛ رئيس معامل هندسة الأنسجة بكلية طب الأسنان بجامعة الإسكندرية، والدكتور مصطفى قاسم؛ مدير معمل الغدد الصماء في جامعة أودنسه بالدنمرك، والبروفسور رونالد لابورت؛ أستاذ علم الأوبئة بجامعة بتسبرج. وتضمن المؤتمر العديد من الجلسات التي تناقش مواضيع عدة مثل تعزيز العلوم في الشرق الأوسط، والعلوم الحياتية الجديدة، والأمن الغذائي، ودور العلم في خدمة المجتمع، والتكنولوجيا الحيوية، والتنمية الحضرية. وشهد المؤتمر جلسة بعنوان "عجائب العلوم المتعددة"، وأخرى بعنوان "العلوم الحياتية الجديدة: إدراك أساسيات الحياة"، والتي تناولت دور العلوم الحياتية الجديدة في إدراك وفهم العديد من الموضوعات؛ ومنها أصل الحياة وطبيعة الصحة والمرض، والدور الذي يمكن أن تلعبه تلك العلوم في المستقبل. ناقش المؤتمر أيضًا مشكلة الحصول على الغذاء، والتي تواجه حوالي بليون شخص في العالم. وبحث مشكلة الأمن الغذائي وتوزيع الغذاء والتحديات الاجتماعية والاقتصادية والبيئية المتعلقة بالأمن الغذائي. وجاء ضمن المؤتمر جلسة بعنوان "العلم والسياسات في خدمة المجتمع"، والتي عرض فيها مجموعة من العلماء نماذج ناجحة تبين قدرة العلم على تقديم حلول ملموسة للمجتمع، وسبل تنشئة أجيال تتمتع بمعرفة علمية أساسية. وتضمن المؤتمر جلستين بعنوان "الإنسان الآلي الحيوي Biorobotics: الاستفادة القصوى من الإنسان والآلة"، والتي ناقشت تكنولوجيا الإنسان الآلي الحيوي الفريدة والتي تسعى إلى دمج خصائص الطبيعة والآلة، كما شهد المؤتمر جلسة بعنوان "التكنولوجيا الحيوية: مكافحة الجوع"، والتي تناولت الاستراتيجيات التي قدمها العلماء في مجال الغذاء والزراعة والبيئة لزيادة إنتاج الغذاء. وخصص المؤتمر جلسة خاصة لمناقشة تطورات مشروع "المليون محاضرة" (Science Supercourse)، الذي تطوره مكتبة الإسكندرية بالتعاون مع منظمة الصحة العالمية في بطرسبرج. وأقيم على هامش المؤتمر معرض بعنوان "BioFair@BioVisionAlexandria 2012"، والذي قدم فرصة للعارضين لعرض منتجاتهم وخدماتهم للمشاركين في المؤتمر، والمتحدثين البارزين. ويعد من أبرز المشاركين في معرض "BioFair@BioVisionAlexandria 2012": البنك الدولي، ومنظمة الصحة العالمية، وأكاديمية العلوم للعالم النامي. وجاء ضمن فاعليات المؤتمر أيضًا معرض لشباب الباحثين لعرض أبحاثهم ومشروعاتهم، الذي قدم فرصة لعقد العديد من المناقشات المثمرة وتبادل المقترحات مع عدد من العلماء من مختلف أنحاء العالم. وسبق بيوفيجن الإسكندرية عقد مؤتمر TWAS/BVA.NXT 2012، يومي 21 و22 إبريل 2012، والذي نظمته مكتبة الإسكندرية بالتعاون مع أكاديمية العلوم للعالم النامي (TWAS) للباحثين الشباب من العالم النامي. وتناول المؤتمر هذا العام موضوع "الابتكار العلمي في العالم النامي: من النظرية إلى التطبيق"، وقام بتسليط الضوء على أهمية الابتكارات العلمية في تحقيق التنمية المستدامة. يذكر أن مؤتمر "بيوفيجن الإسكندرية" يعد مؤتمر دولي تنظمه مكتبة الإسكندرية بالتعاون مع المنتدى العالمي لعلوم الحياة "BioVision- the World Life Sciences Forum". ويقام هذا المؤتمر في الأعوام الزوجية، بالتبادل مع المنتدى العالمي لعلوم الحياة الذي يعقد في مدينة ليون بفرنسا في الأعوام الفردية منذ عام 2004. وقد نجح المؤتمر منذ سنوات في جذب العديد من الحائزين على جائزة نوبل، والمتحدثين البارزين، والعلماء، ورجال السياسة، بالإضافة إلى عدد كبير من المشاركين من جميع أنحاء العالم.