لا المجلس العسكري و لا الإخوان المسلمين لهم الحق في اتخاذ أي إجراء من إجراءات وضع الدستور الجديد ، والوحيد الذي له الحق في اتخاذ تلك الإجراءات هو رئيس الجمهورية الذي سيتم انتخابه من الشعب ، هذا الكلام ليس موقفاً سياسياً أو كلاماً مرسلاً ، بل هذا هو قرار شعب مصر في الاستفتاء الذي جري علي المواد الدستورية المعدلة لدستور عام 1971 ، فالقول بان الإخوان و المجلس العسكري لا يملكون اتخاذ أي إجراء من إجراءات وضع الدستور الجديد هو كلام يتفق مع الدستور و القانون و الواقع ، و ما تم من قرارات و ما يتم من إجراءات حالية و ما يدلي من أراء تخالف ذلك هي كلها باطله . و قطعاً لدابر الشك في صحة هذه المسالة التاريخية فلنستحضر وثيقتان هامتين الأولي وقع عليها الشعب المصري ببصمته و خاتمة و إبهامه ، و الثانية هي الرسالة رقم 28 الصادرة من المجلس العسكري ، هاتان الوثيقتان أكدتا علي وجوب انتخاب رئيس للجمهورية قبل الشروع في اتخاذ أي إجراء متعلق بالدستور . الوثيقة الأولي و هي ورقة الاستفتاء علي التعديلات الدستورية الذي جري في 19 مارس من العام الماضي ، تلك الوثيقة التي احتوت علي تعديل عدة مواد من دستور 1971 و التي من بينها نص المادة (189) التي تقول : و لكل من رئيس الجمهورية و بعد موافقة مجلس الوزراء و نصف أعضاء مجلسي الشعب و الشورى طلب إصدار دستور جديد .. الخ، النص هنا واضح و صريح و لا اجتهاد مع صراحة النص، و الشعب وافق عليه و اقره و العالم كله شهد به و عليه. أما الوثيقة الثانية و هي رسالة المجلس العسكري رقم 28 و التي أصدرها بتاريخ 27 مارس من العام الماضي و التي قال فيها : انه لا صحة للأنباء التي تناقلتها وسائل الإعلام المختلفة عن تأجيل انتخابات الرئاسة لعام (2012) و الرسالة أيضا واضحة و صريحة . إذن نحن أمام قرار أصدره الشعب في الاستفتاء بوجوب انتخاب رئيس للجمهورية أولا قبل وضع الدستور ، و أمام رسالة أرسلها المجلس العسكري إلي الشعب طمئنه فيها علي انه بعد الاستفتاء و قبل حلول عام 2012 سيكون هناك رئيس منتخب ، و نحن أيضا إزاء حالة من قبيل التحدي الواضح لإرادة الشعب و صحيح القانون و الدستور ممن يعلمون و يدركون حقيقة ذلك ، أو عدم دراية بالقانون و الدستور ممن لا يجهلون . و للتأكيد اسألوا طارق البشري و صبحي صالح عما إذا كانت صياغة المادة (189) من التعديلات الدستورية التي كتبوها بأيديهم و استفتي عليها الشعب تتطلب انتخاب رئيس للجمهورية أولا من عدمه ؟ ثم اسألوا المجلس العسكري عن مفهوم تأكيده انه لا صحة عن تأجيل انتخابات رئيس الجمهورية لعام (2012) ، إذا صمتوا عن الإجابة و هم بالفعل صامتون أو إذا أجابوا و لن يجيبوكم ، فأنكم في الحالتين ستعرفون أن صحيح الواقع و القانون و الدستور يقتضي انتخاب رئيس للجمهورية قبل وضع الدستور .