فجأة أصبح حديث الأزمة على كل لسان، والحكومة التي ملأت الدنيا ضجيجًا بإنجازاتها الوهمية على مدار سنوات، والتي كان مسئوليها حتى شهور قليلة مضت يفخرون (كذبًا) بالإنجازات العظيمة التي حققها الاقتصاد المصري (في عصر مبارك)، يخرج مسئوليها الآن علينا منكسي الرؤوس، ليحدثونا عن الأزمة الاقتصادية الخانقة التي طالت كل شيء. والتي تشعبت وتعددت مظاهرها لتشمل نقص السيولة، والركود الحاد، وانهيار قيمة الجنيه، وزيادة البطالة... الخ. لكن حديث المسئولين عن الأزمة يشبه أحاديث الساحات الشعبية، ويعيش الاقتصاد المصري في أزمة دائمة ومع حالة ركود حاد في السوق المصري. تعد أزمة نقص السيولة والركود في الأسواق أحد أهم مظاهر الأزمة وأشدها. تأثيرًا على الاقتصاد الرأسمالي. وعادة ما يرتبط نقص السيولة بزيادة حالة الركود في الأسواق، فالنقص الحاد في السيولة والانكماش الحاد في حركة التداول في الأسواق هما وجهان لعملة واحدة. ويحاول الكثيرون من الاقتصاديين البرجوازيين للنظام المصري إيهامنا بأن الأزمة ظهرت خلال العامين الماضيين فقط، لكن الحقيقة التي تطل حتى من البيانات الرسمية، أن مشكلة نقص السيولة والركود بدأت مع بداية عملية التكيف الهيكلي (الإصلاح الاقتصادي) وبرنامج الخصخصة الذي بدأت الحكومة في تنفيذه منذ عام 1991 تضمن البرنامج ضغط الإنفاق الحكومي، كما شمل عدة تغيرات اقتصادية أخرى مثل تحرير سعر الصرف وطرح جزء كبير من أسهم شركات القطاع العام في سوق الأوراق المالية بالإضافة إلى تطبيق نظام المعاش المبكر على عدد كبير من العاملين في شركات ومصانع قطاع الأعمال العام. ومن النتائج المعروفة لهذه الإجراءات خلق حالة من الركود والانكماش في الانكماش في الاقتصاد المحلي، للأسباب التالية: 1- تقليل الإنفاق الحكومي (يشمل الإنفاق على الخدمات مثل الصحة والتعليم) يقلل من حجم النقود المتداولة في 2- تحرير سعر الصرف، يجعل العملة المحلية خاضعة باستمرار لمدى التوازن في الميزان التجاري بين الصادرات والواردات. وهو ليس في صالح الجنيه المصري، حيث تفوق الواردات الصادرات، وهو ما أدى لانخفاض قيمة الجنيه باستمرار. 3- طرح أسهم شركات القطاع العام في البورصة، يساهم في امتصاص جزء من السيولة، والاستثمارات الجديدة، بدلاً من استثمارها مباشرة في السوق. في أنشطة إنتاجية جديدة، تساهم في توسع الاقتصاد. 4- تطبيق نظام المعاش المبكر وتصفية العمالة، يساهم في إضعاف القوة الشرائية الإجمالية للمجتمع (بتقليل القيمة الإجمالية للأجور) وهو ما يعمق من حالة الركود والانكماش.. وقد تجلت أزمة الركود في أبشع صورها في سوق العقارات، حيث قدر حجم الوحدات السكنية المجمدة التي عجز ملاكها عن بيعها بسبب ارتفاع أسعارها 100 مليار جنيه، وهو الأمر الذي دفع خبراء النظام الاقتصاديين للتحذير من تعرض الاقتصاد المصري لأزمة مشابهة للأزمات التي تعرضت لها اقتصاديات دول جنوب شرق أسيا. وانعكست آثار هذه الأزمة بالسلب على كافة الأنشطة الاقتصادية الأخرى. حيث عجزت الحكومة عن المضي في برامج بيع شركات القطاع العام بسبب عدم توافر السيولة الكافية في السوق. وتخلصت الحكومة من العمالية عن طريق تطبيق نظام المعاش المبكر عن طريق الخصخصه. ومن أهم سمات برنامج الخصخصة المصري اعتماده في الغالب نموذج البيع لمستثمر رئيسي بدلاً من طرح الأسهم في البورصة أو تمليكها للعاملين بالشركات. بهدف توسيع قاعدة الملكية. كما ادعت الحكومة في البداية. كما تميز بعملية نهب واسعة عبر تقييم معظم الشركات بقية أقل من قيمتها الحقيقية. وهو ما تبدي بعد طرح أسهمها في البورصة. حيث زادت قيمة الأسهم عدة أضعاف. وساهم برنامج الخصخصة في تفاقم الأزمة الاقتصادية عبر عدة وسائل وهى زيادة نسبة البطالة بعد انضمام مئات الآلاف من المشردين من عمال القطاع العام سابقًا إلى السوق بحثًا عن عمل ثانيًا: انكماش الاقتصاد المصري. عبر جذب مليارات الجنيهات لشراء شركات القطاع العام، بدلاً من استثمارها في مشروعات جديدة. وبالتالي زيادة الناتج الإجمالي، والحد من البطالة بتوظيف عمالة جديدة.