"رأى عدد من الخبراء أن قرار وكالة "ستاندرد اند بورز" خفض التصنيف الائتماني للولايات المتحدة كان قرارا قاسيا ولكنه عقوبة منطقية لواشنطن بسبب عجزها على التحكم في ديونها المتزايدة بشكل كبير. وكانت "ستاندرد اند بورز" قد خفضت درجة تصنيف الولاياتالمتحدة لاول مرة في تاريخها الجمعة من اعلى درجة "ايه ايه ايه" الى "ايه ايه" لتخرج الولاياتالمتحدة من مجموعة أكبر مقترضين في العالم ومن بينهم شركاؤها في مجموعة السبع وهم بريطانيا وكندا وفرنسا والمانيا. وقال الخبير الاقتصادي جارد برينشتاين، المستشار السابق لنائب الرئيس الاميركي جو بايدن على مدونته على الانترنت "ان انتقادهم لسياستنا العاجزة وعدم قدرتنا على الحصول على عائدات في اطار صفقة خفض العجز، منطقي للغاية". وعلى الارجح فان اتخاذ هذه الخطوة كان صعبا على الوكالة، ولكنها اتت بعد معركة قاسية استمرت اشهرا بين الحزبين الديموقراطي والجمهوري بشان رفع سقف الديون الاميركية البالغة 14,3 ترليون دولار، وخفض العجز الهائل في الميزانية. ورأى المحلل الاقتصادي نوريل روبيني المعروف بتوقعاته القاتمة، أنه كان على الولاياتالمتحدة ان تتوقع تلك الخطوة التي طبقت على دول اوروبية لاسباب مماثلة. وقال لتلفزيون بلومبرغ "لقد خفضت الوكالات درجات تصنيف عدد من الدول الاوروبية، وانتقد الاوروبيون تلك الوكالات بقولهم +لماذا تخفضون تصنيفاتنا ولا تخفضون تصنيف الولاياتالمتحدة؟" وكانت ستاندرد اند بورز حذرت في نيسان/ابريل من احتمال تخفيض تصنيف الولاياتالمتحدة، الا ان وزير الخزانة الاميركية تيموثي غايتنر استبعده حينها. وبعد ذلك وفي تموز/يوليو أصدر صندوق النقد الدولي تقريرا جاء فيه أن "خفض تصنيف الولاياتالمتحدة قد يؤدي الى تجدد الاضطرابات في اسواق المال العالمية". وفي نهاية المطاف أقدمت ستاندرد اند بورز على خفض تصنيف الولاياتالمتحدة رغم طلبات واشنطن منها في اللحظات الاخيرة مراجعة ارقامها. وبعد ذلك اصدرت وزارة الخزانة الاميركية بيانا قالت فيه ان ستاندرد اند بورز ارتكبت "خطأ" يثير الشكوك في "نزاهتها". وسخر الاقتصادي الحائز على جائزة نوبل بول كروغمان من قرار ستاندرد اند بورز، وذكر بالدعم الذي قدمته الوكالة ومنافساتها للمنتجات المالية التي ادت الى اندلاع الازمة الاقتصادية العالمية. واضاف "هذه مهزلة، ليس لان الولاياتالمتحدة تستحق افضل تصنيف، بل لان هؤلاء الناس غير مؤهلين لاصدار الاحكام". وقالت ستاندرد اند بورز انه رغم الوعود التي قطعتها واشنطن على مدى اشهر لمجموعة العشرين ولصندوق النقد الدولي والدائنين وللشعب الاميركي، الا ان الاتفاق الذي تم التوصل اليه لمنع حدوث التخلف الكارثي عن سداد الديون لم يكن كافيا لاحتفاظ واشنطن بتصنيف "ايه ايه ايه". ودرست الوكالة امكانية خفض العجز في الميزانية بمقدار 4 ترليون دولار خلال عشر سنوات يشتمل على خفض في النفقات وزيادة في العائدات. الا ان الجمهوريين رفضوا زيادة العائدات. ويدعو الاتفاق الذي جرت المصادقة عليه وتحول الى قانون الثلاثاء الى خفض بمقدار 917 مليار دولار فقط خلال عشر سنوات، الا انه ينص كذلك على ان تضع لجنة من الكونغرس لم تؤلف بعد برنامجا لخفض 1,5 ترليون دولار بنهاية العام. وكان من المأمول ان يحل النمو الاقتصادي الاميركي مشكلة الديون. ولكن البيانات اظهرت ان نمو اجمالي الناتج المحلي لم يتجاوز 1,3 بالمئة في الربع الثاني، بعد نمو مخيب لم يتجاوز 0,4 بالمئة في الربع الاول. وقالت ستاندرد اند بورز ان حالة شبه الركود ليست هي وحدها المشكلة، ودافعت عن موقفها. وصرح جون تشامبرز رئيس لجنة التصنيفات السيادية في ستاندرد اند بورز للصحافيين السبت "القضية هنا تبقى ان نقطة البداية لعبء الديون الاميركية على المستوى الفدرالي ومستوى الولايات والمستوى المحلي، لا تزال مرتفعة". وقال "نعتقد انه بالمقارنة مع عدد الحكومات الاخرى ذات التصنيفات المرتفعة للغاية، فان الحكومة الاميركية ليست لديها نفس القدرة على التوصل الى حلول طويلة الامد لوضع الشؤون المالية العامة على ارض صلبة". وازمة الدين الاميركي الذي وصل الى 100% من اجمالي الناتج المحلي هي مشابهة للوضع في دول اخرى خسرت درجة "ايه ايه ايه" مثل اليابان، التي لم تستعد تلك الدرجة مطلقا، بعكس دول مثل كندا التي استعادت ذلك التصنيف بعد جهود سياسية ومالية هائلة. واضافت ستاندرد اند بورز مزيدا من السلبية لوضع التنصيفات الاميركية حيث حذرت من احتمال اجراء مزيد من التخفيض على درجة التصنيف خلال عامين اذا لم يتم تحقيق تقدم في تحسين الوضع المالي في البلاد.