صعود مؤشرات الأسهم اليابانية في جلسة التعاملات الصباحية    فلسطين.. طائرات الاحتلال تنفذ غارات على مخيم البريج وسط قطاع غزة    ضياء السيد: مواجهة الأهلي والترجي صعبة.. وتجديد عقد معلول "موقف معتاد"    طلاب الشهادة الإعدادية بالإسماعيلية يؤدون امتحان مادتي العلوم والتربية الفنية    الاحتلال الإسرائيلي يشن غارات كثيفة شرقي مدينة رفح الفلسطينية جنوبي قطاع غزة    مندوب فلسطين أمام مجلس الأمن: إسرائيل تمنع إيصال المساعدات إلى غزة لتجويع القطاع    فرصة للشراء.. تراجع كبير في أسعار الأضاحي اليوم الثلاثاء 21-5-2024    مندوب مصر بالأمم المتحدة: العملية العسكرية في رفح الفلسطينية مرفوضة    تفاصيل طقس الأيام المقبلة.. ظاهرة جوية تسيطر على أغلب أنحاء البلاد.. عاجل    أحمد حلمي يتغزل في منى زكي بأغنية «اظهر وبان ياقمر»    وزير الصحة: 700 مستشفى قطاع خاص تشارك في منظومة التأمين الصحي الحالي    مساعد وزير الخارجية الإماراتي: لا حلول عسكرية في غزة.. يجب وقف الحرب والبدء بحل الدولتين    مفاجأة.. شركات النقل الذكي «أوبر وكريم وديدي وإن درايفر» تعمل بدون ترخيص    الصحة: منظومة التأمين الصحي الحالية متعاقدة مع 700 مستشفى قطاع خاص    وزير الصحة: العزوف عن مهنة الطب عالميا.. وهجرة الأطباء ليست في مصر فقط    الطيران المسيّر الإسرائيلي يستهدف دراجة نارية في قضاء صور جنوب لبنان    منافسة أوبن أيه آي وجوجل في مجال الذكاء الاصطناعي    اعرف موعد نتيجة الشهادة الإعدادية 2024 محافظة المنيا    محمود محيي الدين: الأوضاع غاية في التعاسة وزيادة تنافسية البلاد النامية هي الحل    أحمد حلمي يغازل منى زكي برومانسية طريفة.. ماذا فعل؟    «في حاجة مش صح».. يوسف الحسيني يعلق على تنبؤات ليلى عبداللطيف (فيديو)    هل يرحل زيزو عن الزمالك بعد التتويج بالكونفدرالية؟ حسين لبيب يجيب    «بيتهان وهو بيبطل».. تعليق ناري من نجم الزمالك السابق على انتقادات الجماهير ل شيكابالا    خط ملاحى جديد بين ميناء الإسكندرية وإيطاليا.. تفاصيل    «سلومة» يعقد اجتماعًا مع مسئولي الملاعب لسرعة الانتهاء من أعمال الصيانة    مبدعات تحت القصف.. مهرجان إيزيس: إلقاء الضوء حول تأثير الحروب على النساء من خلال الفن    مصطفى أبوزيد: احتياطات مصر النقدية وصلت إلى أكثر 45 مليار دولار فى 2018    7 مسلسلات وفيلم حصيلة أعمال سمير غانم مع ابنتيه دنيا وايمي    سائق توك توك ينهي حياة صاحب شركة بسبب حادث تصادم في الهرم    الأنبا إرميا يرد على «تكوين»: نرفض إنكار السنة المشرفة    الاحتلال يعتقل الأسيرة المحررة "ياسمين تيسير" من قرية الجلمة شمال جنين    التصريح بدفن جثمان طفل صدمته سيارة نقل بكرداسة    وكيل "صحة مطروح" يزور وحدة فوكة ويحيل المتغيبين للتحقيق    بعد ارتفاعها ل800 جنيها.. أسعار استمارة بطاقة الرقم القومي «عادي ومستعجل» الجديدة    وزير الصحة: 5600 مولود يوميًا ونحو 4 مواليد كل دقيقة في مصر    "رياضة النواب" تطالب بحل إشكالية عدم إشهار22 نادي شعبي بالإسكندرية    ميدو: غيرت مستقبل حسام غالي من آرسنال ل توتنهام    وزير الرياضة يهنئ منتخب مصر بتأهله إلي دور الثمانية بالبطولة الأفريقية للساق الواحدة    موعد عيد الأضحى 2024 في مصر ورسائل قصيرة للتهنئة عند قدومه    دعاء في جوف الليل: اللهم ابسط علينا من بركتك ورحمتك وجميل رزقك    طبيب الزمالك: إصابة أحمد حمدي بالرباط الصليبي؟ أمر وارد    «الداخلية»: ضبط متهم بإدارة كيان تعليمي وهمي بقصد النصب على المواطنين في الإسكندرية    الدوري الإيطالي.. حفل أهداف في تعادل بولونيا ويوفنتوس    إجازة كبيرة رسمية.. عدد أيام عطلة عيد الأضحى 2024 ووقفة عرفات لموظفين القطاع العام والخاص    كيف أثرت الحرب الروسية الأوكرانية على الاقتصاد العالمي؟.. مصطفى أبوزيد يجيب    إيران تحدد موعد انتخاب خليفة «رئيسي»    أطعمة ومشروبات ينصح بتناولها خلال ارتفاع درجات الحرارة    على باب الوزير    «حماني من إصابة قوية».. دونجا يوجه رسالة شكر ل لاعب نهضة بركان    حظك اليوم برج الميزان الثلاثاء 21-5-2024 على الصعيدين المهني والعاطفي    سعر الدولار والريال السعودي مقابل الجنيه والعملات العربية والأجنبية اليوم الثلاثاء 21 مايو 2024    بدون فرن.. طريقة تحضير كيكة الطاسة    وزير العدل: رحيل فتحي سرور خسارة فادحة لمصر (فيديو وصور)    مدبولي: الجامعات التكنولوجية تربط الدراسة بالتدريب والتأهيل وفق متطلبات سوق العمل    تأكيداً لانفرادنا.. «الشئون الإسلامية» تقرر إعداد موسوعة مصرية للسنة    الإفتاء توضح حكم سرقة الأفكار والإبداع    «دار الإفتاء» توضح ما يقال من الذكر والدعاء في شدة الحرّ    وكيل وزارة بالأوقاف يكشف فضل صيام التسع الأوائل من ذى الحجة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أوباما ونتنياهو ليسا استثناء في ذكرى نكبتنا: لتتفرغ الفصائل لإدارة معركة التحرير
نشر في مصر الجديدة يوم 26 - 05 - 2011


أوباما ونتنياهو
منذ خطاب أوباما وردود نتنياهو عليه وخطابه في الكونجرس أثناء زيارته الأخيرة لأمريكا ومعظم الساسة وكثير من الكتاب يستنكرون عليهما تصريحاتهما ورؤيتهما للحل النهائي وكأنهما استثناء من دون كل مَنْ سبقهم من الرؤساء الأمريكيين والصهاينة أو كأن رؤيتهما للتسوية جديدة على مسامعهم؟! ولكن لأناس اعتادوا على قراءة التاريخ ونسيان أو تناسي حقائقه أمام تعليق آمالهم على هذا وذاك شيء متوقع! وكذلك ليس جديداً ولا مستغرباً على كتاب ومحللين سياسيين ومفكرين امتهنوا الكتابة والتحليل والفكر للارتزاق وبيع الوهم للجماهير إرضاء إلى مَنْ يدفع من المرتبطين بالمشروع الصهيو-غربي الذين تنصبوا علينا من عقود رموز فكرية وسياسية تعتقد أنها وحدها مَنْ تفهم أو تدرك كنه وأبعاد الأحداث وهم جهلة لا يعرفون إلا مهنة الارتزاق والكذب باسم التحليل والفكر، وقد تكون الثورات العربية قد كشفت زيف الكثيرين منهم! لو كان ساستنا ومفكرينا درسوا تاريخنا وتاريخ الصراع وأحداثه دراسة واعية للفهم وليس لمجرد القراءة والمعرفة ذلك إن درسوه، ولو كانوا استخلصوا العبر والدروس منه كما يفعل الغرب والصهاينة ووضعوا خططهم للتحرير والمقاومة والمفاوضات بناء على وعيهم به، واستحضارهم لحقائق الهجمة وأبعادها وتطور أحداث الصراع منذ نشأة الحركة الصهيونية على الأقل ما أوصلونا إلى هذا المنعطف الخطير في المفاوضات والمقاومة؛ ولكانوا أدركوا منذ عقود الصراع الأولى حقيقة ومعالم الحل النهائي الذي سيفرضه علينا العدو الصهيو-غربي إذا تركنا أنفسنا لأوهام الثقة بالصديقة بريطانيا أو أوروبا أو أمريكا ولم نبادر إلى الفعل العملي لإفشال مخططاتهم وعدم منحهم الوقت لتحقيق أهدافهم على الأرض وفرض سياسة الأمر الواقع علينا! في هذه الحلقة مَنْ يتأمل مشاريع التسوية الأولى التي طُرحت قبل وفي عام النكبة وكما سيأتي في الحلقات القادمة عن موضوع اللاجئين إضافة لهذه الحلقة سيجد أننا نحن الذين خدعنا أنفسنا ولم يخدعنا أحد لأن رؤيتهم للحل النهائي سبق لهم طرحها طوال عقود الصراع!
ثوراتنا تُجهض في العواصم العربية
إن تاريخ الأنظمة العربية مع الثورات الفلسطينية قد أثبت صحة مقولة: "إن الثورات الفلسطينية تُجهض دائماً في العواصم العربية". وهذا ما نخشاه لانتفاضة الأقصى/انتفاضة الأقصى الحالية. لذلك آثرت أن أقدم هذه الدراسة في هذه المرحلة بالذات كتجربة يمكن أن تستحضرها القيادات الفلسطينية المعنية#، وهي تُقدِم على مرحلة جديدة، حتى لا تقع فيما وقع فيه سابقيها وتكرر نفس الأخطاء وتعيد نفس التجربة.
حقيقة أنه لم يضر بحقوق الجماهير الفلسطينية إلا الزعماء والقادة العرب ومواقف بعض الدول العربية التي سرعان ما كانت تهرول على أعتاب الدول الكبرى لترضى عنها، والآن على أعتاب العدو الصهيوني*، وتقوم بدورها بالضغط على القيادة-لا الشعب-الفلسطينية للثقة بالصديقة (كذا). وتعمل هذه الدول جهدها لفرض الرؤية أو الحل المطلوب منها أن تجعل منه انتصاراً وقمة ما يمكن تحقيقه مدعية أنه ليس بالإمكان أفضل مما كان. إن هذه القيادات والزعامات الواهنة هي آفة أمتنا لأنها لا تتعلم لا من ماضيها ولا حاضرها##.
وقد كانت بداية تجارب القضية المركزية للأمة معها عام 1936 بعد استشهاد القائد الشيخ عز الدين القسام، حيث أثبتت كل قوة الإمبراطورية التي لا تغيب عنها الشمس آنذاك-بريطانيا-عجزها عن القضاء على ثورة الجماهير الفلسطينية ضدها وضد اليهود معا في فلسطين. وفشلت كل أساليبها اللئيمة ومن خلفها اليهود في حمل العرب والمسلمين في فلسطين على وقف إضرابهم العام الذي استمر ستة أشهر-أطول إضراب في التاريخ- وشل كل مرافق الحياة. لقد كان العجز والفشل البريطاني واضح للعيان رغم السجون والإعدامات وتدمير القرى وفرض الضرائب وتشريد الأهالي من بيوتهم. لولا تدخل الزعماء العرب (عبد العزيز آل سعود، وغازي الأول ملك العراق، وعبد الله أمير شرق الأردن) الذين لم يترددوا في تنفيذ ما طلبته منهم الصديقة بريطانيا** وسافروا رأساً إلى فلسطين، ولم يعودوا إلى بلادهم إلا بعد أن حققوا رغبة صديقتهم "بريطانيا" بعد النداء الذي وجهوه إلى الجماهير الثائرة في فلسطين لوقف إضرابها وثورتها وذلك في الأسبوع الأول من أكتوبر/تشرين الثاني سنة 1936. الذي جاء فيه تلك العبارة الشاهد على تكرار المأساة إلى اليوم دون إدراك أنه هو نفس الدور مع تغير الوجوه: "معتمدين على حسن نوايا صديقتنا الحكومة البريطانية ورغبتها المعلنة لتحقيق العدل. وثقوا بأننا سنواصل السعي في سبيل مساعدتكم"(1). جزاكم الله خيراً!.
واليوم نفس العبارة أو مضمونها يتردد هنا وهناك، معتمدين على ثقتهم في الصديقة الجديدة-أمريكا- وكما تناسى السابقين أعمال وسياسة بريطانيا الساعية لخلق (الوطن القومي اليهودي) في فلسطين يتعامى أو يتناسى قادة وزعماء اليوم غايات وأهداف ومن قبلها مواقف وسياسة الصديقة أمريكا اليوم، ويحملون الجماهير الفلسطينية ومن ورائها الأمة كاملة على تجرع الحلول القاتلة بالقوة. وآخرها ما أكد عليه أو تراجع عنه في/بعده خطابه أوباما بتاريخ 21/5/2011 من تعهد بحفظ أمن العدو الصهيوني والحفاظ على نقاء يهودية الكيان الصهيوني وعدم العودة إلى حدود عام 1967 ورفض عودة اللاجئين الفلسطينيين إلى ديارهم التي هُجروا منها عام 1948.
والآن سنعرض إلى أهم الحلول ومشاريع التسوية التي طُرحت قبل أن تتولى جامعة الدول العربية تقرير مصير الجماهير الفلسطينية سواء قبل النكبة أو بعدها إلى أن تم تشكيل منظمة الحرير الفلسطينية.
أول مشاريع التسوية
بعد وقف الثورة وحل الإضراب وعودة الحياة في فلسطين إلى طبيعتها أملاً في الصديقة بريطانيا النظر بعين العطف إلى حقوق الجماهير العربية والمسلمة في فلسطين سرعان ما عادت واشتعلت الثورة من جديد لأن الصديقة بريطانيا لم تفِ وعودها لحلفائها الزعماء العرب، وأرسلت الصديقة بريطانيا في يناير 1937 لجنة للتحقيق في الأسباب التي أدت إلى اندلاع الثورة عُرفت باسم لجنة (اللورد بيل). وقد صدر تقرير اللجنة في 7 يوليو/تموز 1937 وجاء صفعة قوية تتالت بعده الصفعات على الوجوه العربية إلى اليوم لتلك الثقة في الصديقة بريطانيا، وقد أوصى تقرير اللجنة بتقسيم فلسطين إلى ثلاث مناطق: عربية و(يهودية) ومنتدبة، مما أدى إلى عودة اشتغال الثورة، علماً أن رفاق الشيخ الشهيد عز الدين القسام لم يوقفوا أعمالهم العسكرية بعد النداء الذي وجهه الزعماء العرب السابق ذكره إدراكاً منهم لأبعاد الهجمة وعدم ثقتهم في بريطانيا أو القادة العرب*#. وليس موضوعنا الحديث عن تطور الأحداث العسكرية هنا ولكن نريد القول أننا لا نتعلم حتى من التاريخ القريب مع أن الأحداث تتكرر في سيناريو شبه ثابت وتؤكد على أن أبعاد الهجمة أخطر مما يتصور كثيرون، إنها تستهدف الأمة وكيانها ووجودها كله.
فمثلاً على صعيد أهمية الأردن لتأمين حدود كيان العدو الصهيوني الشرقية وكمفتاح للتغلغل الاقتصادي اليهودي في الدول العربية والإسلامية من ورائه، جاء في تقرير اللجنة التي أرسلتها بريطانيا لتعيين الحقائق الواردة في تقرير لجنة "بيل": "إن الرأي العسكري يدل على أنه يتعذر تقسيم بلاد صغيرة كفلسطين، وتكون لحدودها أي صفة عسكرية حقيقية، وأنه لا يوجد غربي نهر الأردن حد لأن يصلح أن يكون خطاً عسكرياً مرضياً، ولا يمكن اعتبار أي حد لأي نوع من أنواع التقسيم صالحاً لضمان السلامة الكافية"(2). وهذا فيه دليل على استيعاب الغرب لدرس الحرب الصليبية الأولى واستحضار وصية لويس التاسع وشروط الصليبيين على الملك الكامل لأجل قبول السلام أن يعطيهم حصني الكرك والشوبك إضافة إلى القدس! ووعي الهجمة هذا القرن بكل أبعاد الصراع الضرورية لما يتم تحقيقه من مكاسب، وكذلك وجدنا اليوم ما أن وقعت منظمة التحرير اتفاق أوسلو مع العدو الصهيوني حتى وقع الأردن اتفاقية سلام معه!.
وقد سبق أن بدأت بريطانيا تدرس كيفية تأمين حدود آمنة للكيان الغريب "الإسفين" من خطر الدول المحيطة به وذلك بعد صدور قرار عصبة الأمم بالوصاية البريطانية على فلسطين من أجل تهيئة الأوضاع لتنفيذ مقررات تقرير "كامبل بنرمان" وتحقيق الفصل بين شطري الوطن الإسلامي وزرع القومية الغربية في قلب الأمة النابض، الذي تكفل به وعد بلفور، فعقدت مؤتمر في القاهرة لدرس موضوع (إمبراطورية الشرق الأوسط) حضره كبار الاستعماريين البريطانيين المشتغلين في شئون البلاد العربية وبعد بحث الموضوع رأى المؤتمرون ضرورة الاحتفاظ بالحماية البريطانية في مصر وتأسيس إمارة شرق الأردن لتكون سوراً بدفع خطر البادية عن فلسطين التي هي خط الاستعمار البريطاني لتثبيت قدمه فيها بواسطة قضية الوطن اليهودي.
وتزامناً مع تصاعد سياسة العدو الصهيوني في تكريس وتوسعة مغتصبات (غلاف القدس) وخاصة المغتصبة المقامة على أرض جبل أبو غنيم (مغتصبة معاليه أدوميم) لربط أراضيها بالقدس وضمها إليها تمهيداً لضمها وغيرها من الكتل الاغتصابية الكبرى للأراضي المحتلة عام 1948 عند أي حل نهائي، كما وعد جورج دبليو بوش الإرهابي شارون رئيس وزراء العدو الصهيوني في خطاب الضمانات (وعد بلفور الجديد) الذي منحه له في 14 نيسان/إبريل 2004 نُذكر بالنقطة التالية لأهميتها:
أما عن بناء المغتصبات وتصاعد وتيرتها يوماً بعد يوم رغم توقيع معاهدة ما يسمى (السلام) بين منظمة التحرير والعدو الصهيوني وذلك في محاولة لكسب أكبر مساحة ممكنة من الأرض قبل مفاوضات الحل النهائي، فقد أدرك قادة العصابات الصهيونية منذ صدور قرار التقسيم عام 1937: "أن مشروع تقسيم فلسطين الذي تقدمت به السلطات البريطانية، وطريقة تقسيم البلد التي تمت بموجبه، تمّا بطريقة الهدف منها ضم معظم المناطق التي تحتوي على (مستوطنات) يهودية إلى (الدولة اليهودية) المقترحة، ولذلك وضعت خطة جديدة اتجهت لإقامة (المستوطنات) في قلب المناطق العربية، وفي أماكن لم يصلها (الاستيطان الصهيوني) حتى ذلك الوقت، وذلك لمنع تقسيم فلسطين أو تقسيمها على الأقل، بشكل يمكّن اليهود من الحصول على أكبر جزء منها. ولهذا باشرت مؤسسات (الاستيطان الصهيوني) تنفيذ هذه الخطة استناداً على اعتبارات إستراتيجية أصلاً ودون الاهتمام بشكل زائد بالنواحي الاقتصادية، فأقامت خلال سني الثورة وما بعدها حوالي 50 (مستوطنة) ... في أماكن كانت خالية نسبياً، حتى ذلك الوقت ... ومن الجدير بالذكر أن المؤسسات الصهيونية عادت ولجأت إلى إقامة (المستوطنات) اليهودية بهذا الشكل في أكثر من مناسبة فيما بعد. لوضع معارضيها أمام الأمر الواقع، فأقامت انطلاقاً من هذه الاعتبارات (المستوطنات) في النقب عام 1947 لمنع تغيير قرار التقسيم. واستمرت في إتباع هذه السياسة بعد إقامة (إسرائيل)"(3) **#.
ثاني مشاريع التسوية ***
أما مشروع التسوية الثاني فتمثل في قرار التقسيم 181 الصادر عام 1947 والذي بموجبه أقيم كيان العدو الصهيوني عام 1948، واستطاع أن يغتصب الجزء الأكبر من الأراضي التي كانت من حق الدولة العربية حسب قرار التقسيم نفسه، وما يهمنا ذكره هنا ليتناسب وسياق الهجمة أنه عندما قررت الأمم المتحدة تقسيم فلسطين بين المسلمين واليهود "وأثناء مناقشة حدود الدولتين المقترحتين، اقتراح الوفد الأمريكي منح القسم الأكبر من صحراء النقب للعرب، للتعويض عن بعض التعديلات التي أدخلت حول مسألة تقسيم يافا والقطاع الغربي من الجليل الأعلى وغيرها"(4) ما أثار حفيظة زعماء العصابات الصهيونية، لأن ذلك يعتبر غباء وجهل من الوفد الأمريكي بأبعاد المؤامرة ضد الأمة والوطن وأن بقاء صحراء النقب بأيدي العرب لن يحقق الهدف اليهودي-الغربي من غرس الكيان الصهيوني في فلسطين كإسفين وخنجر في قلب الأمة! وقد اعترف حاييم وايزمان زعيم الحركة الصهيونية آنذاك "أنه كان قادماً لإقناع ترومان بأن يكون التقسيم في النقب على أساس خط عمودي بين العرب واليهود فوجد ترومان أكثر منه حرصاً على تسليم النقب كله لليهود"(5).
هذا على صعيد الأمم المتحدة أما على صعيد الأرض في النقب فقد قامت المؤسسات اليهودية ببناء (50 مغتصبة) جديدة في النقب وغيرها، لمنع تغيير قرار التقسيم، وقد استمر اليهود في إتباع هذه السياسة بعد إقامة كيان العدو الصهيوني إلى يومنا هذا. وهذا ما يجعلنا نقول بكل ثقة أن العدو الصهيوني لن يُفرط بالقدس التي يؤكد رؤساء وزرائه على اختلاف اتجاهاتهم منذ احتلالها عام 1967 أنها العاصمة الموحدة والأبدية لكيان العدو الصهيوني وأنها لن تعود إلى العرب أبداً.
وصدر قرار التقسيم 1947 حسب الأماني اليهودية وعادت الحرب والمعارك من جديد لمنع تنفيذ هذا القرار بعد أن رفضه العرب وقررت الجامعة العربية إدخال جيوشها للحفاظ على الأراضي العربية ومنع احتلال العصابات اليهودية لأراضٍ جديدة، وفي الحقيقة كان دخولها لتسليم الأراضي العربية لليهود ومباركة قيام كيان العدو الصهيوني في قلب الأمة والوطن، ومع تصاعد حالة الحرب في فلسطين بين المسلمين واليهود تحميهم بريطانيا والعالم أجمع قررت بريطانيا سحب قواتها من فلسطين يوم 15 مايو/أيار 1948، وفي الوقت نفسه قررت العصابات الصهيونية إعلان قيام كيان العدو الصهيوني مساء يوم 14 مايو/أيار 1948.
ثالث مشاريع التسوية
ومع اشتداد المعارك أرسلت الأمم المتحدة مندوباً لدراسة الأوضاع المتردية في فلسطين ورفع توصياته في تقرير يعرض على مجلس الأمن وكان الوسيط الدولي هو الكونت (فولك برنادوت) السويدي الأصل، وبعد إطلاعه على الأوضاع على الأرض واستماعه لآراء أطراف الصراع العربية واليهودية رفع مشروعه إلى الأمين العام للأمم المتحدة الذي قام بنشره في 20 أيلول/سبتمبر 1948، وقد كان أبرز ما جاء فيه وأدى إلى اغتياله يوم 17/10/1948 على يد العصابات الصهيونية ويتعارض مع المخطط اليهودي-الصليبي ضد الأمة والوطن، أنه:
* أوصى بضم النقب كله إلى الأراضي العربية بما فيه مدينتا المجدل والفالوجة.
* أوصى بضم مدينة القدس إلى العرب مع إعطاء اليهود حرية العمل بشؤون البلدية مع ضمان الوصول إلى الأماكن المقدسة.
* كما أكد على حق الأبرياء الذين شردوا من بيوتهم بسبب الحرب وعمليات الإرهاب العودة إلى ديارهم، وأن تُدفع تعويضات عن الممتلكات لغير الراغبين في العودة(6).
وما كاد ينشر هذا المشروع حتى رفضه العرب واليهود وقامت العصابات الصهيونية باغتيال في شرق القدس على مرأى ومسمع من العالم وهو الوسيط الدولي وممثل الأمم المتحدة ولم يتخذ أي إجراء ضد العصابات الصهيونية أو ضد كيانها المغتصِب لوطننا. وذلك يؤكد التقاء المصالح اليهودية العالمية مع المصالح الصليبية العالمية في فلسطين والوطن كله، ويؤكد أن "كيان العدو الصهيوني هو الجزء المركزي في الهجمة الغربية والمشروع الغربي الصليبي وأن غرسه في قلب الوطن جاء لضمان حالة الهيمنة الغربية وتكريس التبعية والإلحاق.
التاريخ 26/5/2011
# القيادات الفلسطينية المعنية هنا هي حماس.
* نقصد التسابق العربي الآن على إقامة العلاقات الدبلوماسية والاقتصادية والتجارية.... والتطبيع مع العدو الصهيوني، في الوقت الذي أثبت ويثبت فيه العدو الصهيوني عدائه لما يسمونه (السلام) ويرتكب أبشع الجرائم اليومية ضد الجماهير الفلسطينية، ويغتصب مزيداً من الأراضي الفلسطينية.
## إن هذه القيادات والزعامات الواهنة هي آفة امتنا لأنها لا تتعلم لا من عدوها ولا من ماضيها ولا حتى حاضرها" قصدت بها القيادات العربية البائسة منها وقيادات حماس التي تعيش في بعض العواصم العربية وما يترتب على ذلك من رهن للقرار الفلسطيني لتلك العواصم!.
** لم يتعلموا من سلفهم الحسين بن علي وثورته على الدولة العثمانية، ومساعدته للحلفاء ضدهم من أجل الحصول على استقلال البلاد العربية، فكان الجزاء له على ذلك من قبل حلفائه الإنجليز الاحتلال القسري باسم الانتداب. وسلخ فلسطين من جسد الأمة والوطن ليقام عليها كيان العدو الصهيوني.
1- صالح مسعود أبو يصير: جهاد شعب فلسطين خلال نصف قرن، رسالة ماجستير، بيروت، دار الفتح، القاهرة، 1970، ص225.
*# وذكر عدم وقف قيادات القسام للمقاومة موجهة لحركتي حماس والجهاد الإسلامي اللتين ترفعا شعار القسام: "هذا جهاد: نصر .. أو استشهاد" وهو منهما براء!.
2- محمد مصباح حمدان: الاستعمار والصهيونية العالمية، المكتبة العصرية، صيدا، بيروت، 1967، ص194.
3- جريس، صبري، "السياسة الصهيونية والمجتمع اليهودي في فلسطين خلال الانتداب البريطاني 1918-1948"، في كتاب: القضية الفلسطينية والصراع العربي الصهيونية، الجزء الأول، اتحاد الجامعات العربية،مطابع جامعة الموصل، ص398.
**# نفس الأمر ولكن بشكل مختلف اسمه تبادل الأراضي سيحتفظ العدو الصهيوني بالمغتصبات الكبرى في الضفة الغربية والقدس ولن تكون جزء من أراضي الدولة الفلسطينية إن أُقيمت في الأراضي المحتلة عام 1967، وهو ما يؤكد عليه كل الرؤساء الأمريكيين وبعض الأوروبيين من عدم العودة إلى حدود عام 1967!.
*** هناك مشاريع أخرى قدمت قبل هذا المشروع ولكننا سنقف مع أهم المشاريع وخاصة التي فيها دلالات على أبعاد المؤامرة وجذورها التاريخية وآثارها المستقبلية.
4- قدري، قيس مراد، الصهيونية وأثرها على السياسة الأمريكية 1939-1948، مركز الأبحاث، منظمة التحرير الفلسطينية، 1402ه، 1982م، ط1، ص194.
5- أبو بصير، مرجع سابق، ص317.
6- الموسوعة الفلسطينية، هيئة الموسوعة الفلسطينية- دمشق، ص.ب 8084، الطبعة الأولى، 1984. ص188 سمير أيوب: وثائق أساسية في الصراع العربي الصهيوني، الجزء الرابع، صامد للطباعة والنشر والتوزيع، بيروت، يناير 1984، ص181.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.