تفاصيل مران منتخب مصر الختامي استعدادا لمواجهة بوركينا فاسو (صور)    هربًا من حرارة الجو.. مصرع طالب غرقًا أثناء الاستحمام بنهر النيل بقنا    كان متعمدًا.. لماذا لم يبلغ بايدن حليفه نتنياهو بالصفقة قبل الإعلان عنها؟    بريطانيا.. رئيس حزب العمال يتهم سوناك بتعمد الكذب عليه بشأن زيادة الضرائب    بوتين يتّهم الولايات المتحدة بالتسبب في الأوضاع الراهنة بفلسطين    الملف ب 50 جنيها.. تفاصيل التقديم بالمدارس الرياضية للإعدادية والثانوية    نهضة بركان يحسم مصير معين الشعباني    الحج 2024.. عضو ب"شركات السياحة": حملات لترحيل حاملي تأشيرات الزيارة من مكة    طرح البوستر الرسمي لفيلم "عصابة الماكس" قبل عرضه في عيد الأضحى    رشاد عبده: الدعم النقدي الأفضل لكن في مصر العيني هو الأنسب    هل يغير جوميز مركز عبد الله السعيد فى الزمالك؟    البرتغال تعلن اعتزامها تشديد القيود على الهجرة    رئيس البعثة المصرية للحج: استقبلنا 2000 حالة في العيادات حتى الآن    ناجي الشهابي: الحكومة نفذت رؤية الرئيس وكانت خير معين لتنفيذ التوجيهات    مركز اللغات والترجمة بجامعة القاهرة يطلق برنامج Summer camp لأطفال    أحمد السبكى يكشف محافظات المرحلة الثانية للتأمين الصحى الشامل بتكلفة 86 مليار    وزير العمل يشارك في الملتقى الدولي للتضامن مع عمال فلسطين والأراضى العربية المحتلة    أحمد فهمي يروج لفيلم عصابة الماكس: السكة لسه طويلة    رسائل تهنئة بمناسبة عيد الأضحى 2024    عيد الأضحى 2024: هل يجوز الانتفاع بلبن وصوف الأضحية حتى نحرها؟ «الإفتاء» توضح    بالفيديو.. خالد الجندي: هذا ما يجب فعله مع التراث    السعودية وإثيوبيا تعلنان إنشاء مجلس أعمال مشترك    الحكومة الألمانية تعتزم تخفيف الأعباء الضريبية بمقدار 23 مليار يورو خلال السنوات المقبلة    خبير اقتصادى: الحكومة المستقيلة حققت تنمية غير مسبوقة فى الصعيد وسيناء    السعودية ومصر تعلنان موعد غرة ذي الحجة وعيد الأضحى 2024 غدًا    منى زكى تقبل اعتذار "اليوتيوبر" المتهم بالإساءة إليها وتتنازل عن الدعاوى    «درَّة التاج»| العاصمة الإدارية.. أيقونة الجمهورية الجديدة    أستاذ قانون دولي: أمريكا تعاقب 124 دولة أعضاء في المحكمة الجنائية الدولية    وزراء مالية منطقة اليورو يؤيدون موقف مجموعة السبع بشأن الأصول الروسية    رئيس جامعة المنوفية يستعرض الخطة الاستثمارية وتعظيم الاستفادة من الموارد الذاتية    رئيس «أسيوط» يشهد احتفال «الدول العربية» بتوزيع جائزة محمد بن فهد    أمين الفتوى بدار الإفتاء: الدعاء مستجاب في روضة رسول الله    رؤية مصر 2023.. "الأزهر" يدشن وحدة للاستدامة البيئية - تفاصيل    نور تحكي تجربتها في «السفيرة عزيزة» الملهمة من مريضة إلى رائدة لدعم المصابين بالسرطان    رئيس الجمعية الوطنية بكوت ديفوار يستقبل وفد برلماني مصري برئاسة شريف الجبلي    إنقاذ حياة كهربائي ابتلع مسمار واستقر بالقصبة الهوائية ببنها الجامعي    أمين الفتوى يوضح طريقة صلاة التسابيح.. مٌكفرة للذنوب ومفرجة للكروب    بعد صدور قرار النيابة بشأن التحاليل.. أول تعليق للفنانة هلا السعيد على واقعة التحرش بها من سائق «أوبر»    فوز الدكتورة هبة علي بجائزة الدولة التشجيعية 2024 عن بحث حول علوم الإدارة    السبت أم الأحد؟.. موعد الوقفة وأول أيام عيد الأضحى المبارك 2024    «الأطباء» تعلن موعد القرعة العلنية ل«قرض الطبيب» (الشروط والتفاصيل)    بفرمان كولر.. الأهلي يستقر على ضم 3 لاعبين في الصيف الجاري    تعليق مثير من مدرب إشبيلية بشأن ضم أنسو فاتي    رحلة البحث عن الوقت المناسب: استعدادات وتوقعات لموعد عيد الأضحى 2024 في العراق    الامارات تلاقي نيبال في تصفيات آسيا المشتركة    الجريدة الرسمية تنشر قرار محافظ الجيزة باعتماد المخطط التفصيلى لقرية القصر    "معلومات الوزراء": التقارير المزيفة تنتشر بسرعة 10 مرات عن الحقيقية بمواقع التواصل الاجتماعي    وزير الري يبحث مشروعات التعاون مع جنوب السودان    وزير التنمية المحلية: مركز سقارة ينتهي من تدريب 167 عاملاً    محافظ القليوبية: تطوير ورفع كفاءة 15 مجزرًا ونقطة ذبيح    مندوب فلسطين الدائم ب«الأمم المتحدة» ل«اليوم السابع»: أخشى نكبة ثانية.. ومصر معنا وموقفها قوى وشجاع.. رياض منصور: اقتربنا من العضوية الكاملة بمجلس الأمن وواشنطن ستنصاع لنا.. وعزلة إسرائيل تزداد شيئا فشيئا    حزمة أرقام قياسية تنتظر رونالدو في اليورو    تكريم الطلاب الفائزين فى مسابقتى"التصوير والتصميم الفنى والأشغال الفنية"    النشرة المرورية.. خريطة الكثافات والطرق البديلة في القاهرة والجيزة    محافظ كفر الشيخ يتفقد موقع إنشاء مستشفى مطوبس المركزي    بتقرير الصحة العالمية.. 5 عناصر أنجحت تجربة مصر للقضاء على فيروس سي    رئيس إنبي: اتحاد الكرة حول كرة القدم إلى أزمة نزاعات    صحة الوادى الجديد: تنفيذ قافلة طبية مجانية بقرى الفرافرة ضمن مبادرة حياة كريمة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



النص الكامل للتقرير الذى يكشف مصادر تمويل الاستيطان الإسرائيلى فى القدس
نشر في مصر الجديدة يوم 17 - 10 - 2009

تنفرد "مصر الجديدة" بنشر النص الكامل لتقرير الجمعيات الأمريكية التى تمول الاستيطان فى القدس، والتى اختصتها بها مصادر داخل جامعة الدول العربية.. وفيما يلى نص التقرير:
قطاع فلسطين بجامعة الدول العربية
تقرير
جمعيات أميركية معفاة من الضرائب تمول الاستيطان والاستيلاء على عقارات المقدسيين فى البلدة القديمة وأحيائها.
تكشفت فى الفترة الأخيرة العديد من الحقائق والمعلومات التى تثبت وجود العديد من المؤسسات والهيئات المدنية فى الولايات المتحدة الأمريكية التى تمول إقامة وحدات استيطانية فى القدس الشرقية المحتلة عام 1967 ومحيطها، والاستيلاء على بيوت وأملاك المقدسيين وطردهم من بيوتهم بالتحايل والتزوير.
وقد أصدرت وحدة البحث والتوثيق فى مركز القدس للحقوق الاجتماعية والاقتصادية – مؤسسة حقوق إنسان فلسطينية مركزها مدينة القدس- تقريرًا يحمل عنوان "أميركيون يدعمون ويمولون الاستيطان فى الأراضى الفلسطينية خلافا للقوانين"، أكدت فيه وجود العديد من المنظمات والجمعيات الأمريكية التى تمول البناء الاستيطانى غير الشرعى وغير القانونى فى الأراضى الفلسطينية المحتلة، كما يستخدم جزء من أموال هذه المنظمات فى الاستيلاء على عقارات المقدسيين وطردهم منها ، كما حدث مؤخرا فى الاستيلاء على عقارى عائلتى الغاوى وحنون ، وأكثر من 70 عقارا فى البلدة القديمة من القدس ، ونحو 40 عقارا آخر فى سلوان، حيث يقف على رأس تلك الجمعيات الأميركية جمعية خاصة يديرها المليونير الأمريكى من أصل يهودى "ايرفينغ موسكوفيتش"، علما أن جميع المبالغ التى تتبرع بها هذه الجمعية الاستيطانية معفاة من الضرائب، عدا الأموال التى يتبرع بها مانحون أميركيون وتصل عبر قنوات عديدة إلى جمعيات التطرف الاستيطانية وأشهرها "عطيرات كهانيم" ، و"ألعاد"، و"شوفوبنيم" ، وصناديق حكومية إسرائيلية عديدة تمول البناء الاستيطانى اليهودى فى قلب القدس العربية المحتلة ، وفى الضفة الغربية.
وتقوم جمعيات ومنظمات يهودية عديدة من أشهرها مؤسسة C&M مملوكة للمليونير الأمريكى اليهودى إيرفينغ موسكوفيتش بتمويل كامل لجميع الأنشطة الاستيطانية اليهودية فى القدس الشرقية المحتلة ، حيث ينقسم عمل الشركة إلى نوعين: الأول: الاستيلاء على عقارات المقدسيين وتمويل شراء أراض وعقارات بطرق التزوير والغش داخل البلدة القديمة وفى الأحياء المحيطة بها ,، وقد نجحت تلك المؤسسة التى تعد من بين أشهر 1000 مؤسسة خاصة فى الولايات المتحدة فى تمويل عمليات استيلاء على 70 عقارا داخل أسوار البلدة القديمة بواسطة جمعية عطيرات كهانيم التى تتخذ من عقبة الخالدية – طريق العكارى فى البلدة القديمة مقرا لها ، حيث تدير نشاطها من هناك وتشرف على عدد من المدارس التلمودية والكنس، ويعتبر متتياهو دان رئيس هذه الجمعية الذراع التنفيذية للمليونير موسكوفيتش ، وقد نجح فى توسيع نشاط جمعيته إلى خارج أسوار البلدة القديمة خاصة فى سلوان ، ورأس العمود والشيخ جراح، وجبل الزيتون.
لكن المشروع الأهم الذى موله موسكوفيتش هو بناء حى استيطانى فى قلب حى رأس العمود قبل عدة أعوام أطلق عليه اسم "معاليه هزيتيم" وهو لا يبعد سوى 150 مترا هوائيا عن المسجد الأقصى ، يشتمل على 132 وحدة استيطانية ، إضافة إلى إعلانه تمويل بناء حى استيطانى آخر فى ذات المكان سوف يحمل اسم "معاليه ديفيد" ويشتمل على بناء 104 وحدات استيطانية ، سترتبط بمعاليه هزيتيم بجسر ، ما سيرفع عدد المستوطنين فى قلب حى رأس العمود إلى نحو 200 عائلة.
كما يقف موسكوفيتش وراء تمويل العشرات من صفقات بيع العقارات المشبوهة فى الأحياء المحيطة بالبلدة القديمة ، وجميع هذه الصفقات ممولة من صالات القمار التى يملكها موسكوفيتش فى أنحاء متفرقة من الولايات المتحدة ، وهى تأتى على أنها لدعم مؤسسات تربوية وأكاديمية يهودية لكنها تذهب فى الواقع لتعزيز الاستيطان اليهودى فى القدس الشرقية المحتلة.
ووفقا للمعلومات ، فإن موسكوفيتش يملك كازينو للعبة البينغو فى مجمع سكنى لمحدودى الدخل فى جنوب كاليفورنيا وترسل إيرادات هذا الكازينو لبناء المستوطنات اليهودية فى القدس الشرقية والخليل.
وكان موسكوفيتش قد شارك فى تمويل وبناء نفق البراق أسفل المسجد الأقصى فى عام 1996 ، وكان افتتاح النفق هذا سببا فى اندلاع مظاهرات وصدامات عنيفة بين الفلسطينيين والإسرائيليين أوقعت 70 قتيلا فى صفوف الفلسطينيين و12 قتيلا إسرائيليا.
والواقع أن مساهمة مواطنين أميركيين أمثال موسكوفيتش فى تمويل المستوطنات الإسرائيلية لا تقتصر على المعارضة المباشرة لسياسة الولايات المتحدة الرسمية فحسب، بل أن الكثير من الهبات تحسم من الضرائب وترسل لتمويل البناء الاستيطانى فى مناطق تعتبرها الولايات المتحدة ، والإتحاد الأوروبى خاضعة للاحتلال الإسرائيلى غير الشرعي.
ونشير هنا إلى تقرير أصدره صندوق النقد الدولى فى أواسط الثمانينيات من القرن الماضى والذى ورد فيه أن "الهبات التى تصل إلى إسرائيل من مختلف أنحاء العالم بلغت مليار دولار سنويا ، و70% منها يأتى من الولايات المتحدة ، كما أن الأموال المرسلة إلى إسرائيل غالبا ما تصل إلى مؤسسة الاستيطان من دون علم المانحين".
وغالبا ما تحدد الجمعيات الخيرية ألأميركية أن هباتها تذهب إلى الجمعيات الخيرية فى إسرائيل ، رغم أن المتلقين هم فى الضفة الغربية التى تعتبرها الولايات المتحدة مناطق محتلة . مثلا أعلنت جمعية الأصدقاء الأميركيون لكلية( يهودا والسامرة) أن منحها تهدف إلى تأمين المال لتعزيز المؤسسات التعليمية فى إسرائيل والاستجابة لحاجاتها، رغم أن الكلية تقع فى مستوطنة أرئيل المقامة على أراضى المواطنين الفلسطينيين قرب نابلس.
وتشير تقارير أخرى إلى إرسال هبات إلى "هيلون موري" ، و"غوش عتصيون"، و"فرناى شمرون"، ,"أفرات"و "بات عاين"، وجميعها منظمات وجمعيات تقع فى مستوطنات بالضفة الغربية اشتهر مستوطنوها بالسيطرة على أراضى مواطنين فلسطينيين وتجريدهم منها، بل والاعتداء العنيف على هؤلاء المواطنين.
التدقيق فى سجلات (مصلحة الضرائب) حددت 28 منظمة وجمعية أميركية أخرى قدمت 33,4 مليون دولار كهبات لا تشملها الضرائب للمستوطنات والمنظمات المتعلقة بها بين عامى 2004 و 2007.
وكانت منظمة "عير دافيد" وهى إحدى المنظمات الاستيطانية الرائدة فى تهويد القدس الشرقية المحتلة بحسب سجلات مصلحة الضرائب الأميركية، قد جمعت 8,7 مليون دولار عام 2004 ،و1,2 مليون دولار عام 2005، و2,7 مليون دولار عام 2006.
وبحسب مصلحة الضرائب، فإن الهدف الأساسى لمنظمة عير دافيد فى تفاديها لدفع الضرائب هو:" إنشاء صندوق خيرى لتقديم المساعدة المالية وغيرها من الخدمات لصالح الشعب اليهودى فى مدينة القدس القديمة يشمل: تعليم تاريخ مدينة القدس المذكوة فى الإنجيل وآثارها ، ومساعدة ودعم التعليم ، وإيواء العائلات وإعادة بناء الممتلكات المدمرة".وتعنى عبارة "إعادة بناء الممتلكات المدمرة" العقارات التى تستولى عليها منظمات الاستيطان اليهودى فى القدس الشرقية المحتلة من أصحابها الفلسطينيين بوسائل التزوير والخداع .
وأكد تقرير آخر نشرته خدمة الأبحاث فى الكونغرس الأمريكى عام 2005 أن قوانين الولايات المتحدة تنص على أن المساعدات الأميركية المقدمة لا يمكن استخدامها فى الأراضى المحتلة ، فى حين أن قوانين الضرائب الأميركية لا تستثنى الهبات المقدمة لنشاطات سياسية مثل المستوطنات. ولتجاوز هذه العقبة قامت إسرائيل بفصل المنظمة الصهيونية العالمية عن الوكالة اليهودية شبه الحكومية ، وهو ما سمح للمانحين بضخ الأموال إلى المستوطنات من دون خسارة حق الإعفاء الضريبي‘ فى حين أن المنظمتين لا تزالان تعملان تحت المظلة نفسها ، ومع المسئولين أنفسهم.
ربع مستوطنى الضفة الغربية حاليا ومجموعهم نحو 100 ألف هم أميركيون شماليون كانوا قد انتقلوا للعيش فى الضفة الغربية، جزء مهم منهم يقطن فى مستوطنات اشتهرت بتطرف مستوطنيها مثل البلدة القديمة من الخليل ، وكريات أربع ، وتفوح قرب نابلس.
وقد كتب ستيفن زونس البروفيسور فى جامعة سان فرانسيسكو : " أمضيت بعض الوقت مع هؤلاء المهاجرين الأميركيين الذين يتبجحون بقدراتهم على إبقاء العرب على الخط. أنهم يتجولون فى المدينة / موجهين أسلحتهم إلى المارة ويضحكون حين يبتعد المواطنون خائفين عن طريقهم".
بينما يقدر زونس أن ما بين ثلث ونصف مستوطنى الخليل اليوم هم من الأميركيين، وشارك كثيرون منهم فى احتلال بيوت الفلسطينيين فى القدس والخليل ، وبناء بؤر استيطانية غير شرعية .والواقع أن الحكومة الإسرائيلية تعمل على تشجيع توطين هؤلاء الأميركيين الشماليين فى المستوطنات اليهودية بالضفة الغربية ، وتقدم الوكالة اليهودية شبه الحكومية مساعدات مالية للمهاجرين المنتقلين للسكن فى مستوطنات الضفة الغربية مثل مستوطنة أرئيل، كما يظهر على الموقع الالكترونى للوكالة.
ويذكر أن المجرم باروخ غولدشتاين الطبيب الأمريكى من أصل يهودى قتل فى العام 1994 فى مجزرة الحرم الإبراهيمى 29 فلسطينيا بينما كانوا يؤدون صلاة الفجر، وهو واحد من أميركيين كثيرين انتقلوا من الولايات المتحدة للعيش فى المستوطنات اليهودية تاركين خلفهم حياة رغدة ، تحركهم مشاعرهم الدينية ومطالبات يهودية بإسرائيل الكبرى.
إن العلاقة بين الجمعيات الخيرية الأميركية والاحتلال الإسرائيلى علاقة قديمة وممتدة، حيث كانت كثير من الهبات والمساعدات المالية التى تجمعها تلك الجمعيات تذهب إلى بناء المستوطنات اليهودية ، وكانت هذه الجمعيات على الدوام تنتهك القانون الأمريكى الخاص بعمل الجمعيات الخيرية، وبالرغم من ذلك لم تتخذ خطوات رادعة ضد هذه الجمعيات من قبل الأوساط القضائية والرسمية الأميركية.
فقد فشلت دعوى قضائية تقدم بها أميركيون وفلسطينيون وإسرائيليون عام 1984 ضد إعفاء ست جمعيات خيرية أميركية من الضرائب وهي: الصندوق الوطنى اليهودى ، الوكالة اليهودية فى أميركا ، المنظمة الصهيونية العالمية ، النداء اليهودى المتحد، النداء الإسرائيلى المتحد، وأميركيون من أجل إسرائيل آمنة.
وقام معهد أبحاث سياسة الشرق الأوسط وهو منظمة تركز على التداخل بين السياسة الأميركية تجاه الشرق الأوسط وتطبيق القانون بتوثيق قضية الجمعيات التى تنتهك السياسة الأمريكية والقانون الدولى ، وقدم المعهد عرائض وفقًا لحرية قانون المعلومات للحصول على معلومات حول نشاطات الجمعيات من مصلحة الضرائب الأميركية ، واستخدمت السجلات إضافة إلى شهادات عيان حول استخدام الهبات لإعلام وزارتى العدل والمالية الأميركيتين، كما قدم الملف إلى المدعى العام فى نيويورك فى دعوى قضائية لم يتم الرد عليها بدعوى أن المعلومات التى قدمت تخضع للدراسة.
وتظهر وثائق مصلحة الضرائب الأميركية ذاتها ، وكذلك تحقيقات تلقاها معهد الأبحاث أنه تم تبييض الأموال لتمويل الاحتلال، على سبيل المثال قيام رجل أعمال وعضو فى اللوبى الإسرائيلى "جاك ابراموف" الذى حكم عليه بالسجن لأربع سنوات فى العام المنصرم بتبييض الأموال إلى المؤسسة المالية للرياضة التى تمول مستوطنة بيتار عيليت غير الشرعية ، كما تبتاع الأسلحة والبنادق للمستوطنين".
ووفقا لتقرير أعده المعهد الأمريكى المذكور، فإن جميع الأموال الآتية من الولايات المتحدة غير آمنة من تبييض الأموال، علما بأن عددا كبيرا من المنظمات تجمع الأموال والهبات علنا لتمويل الاحتلال الإسرائيلى للأراضى الفلسطينية. ومعظم الجمعيات تقدم هذه النشاطات إلى مصلحة الضرائب الأمريكية على أنها "نشاطات تثقيفية" ،فيما آخرون من أمثال مؤسسة صندوق إسرائيل تقول بصراحة أنها تمول نقل المستوطنات الإسرائيلية وتسليحها.
اللافت للنظر فى نشاط هذه الجمعيات والمنظمات الأميركية اليهودية هو مقدار الحماية والحصانة التى تتمتع بها رغم عدم قانونية كثير من نشاطاتها ، وانتهاكها الفظ للقوانين ألأميركية وحتى مخالفتها للسياسات العامة للإدارة الأميركية الجديدة برئاسة باراك اوباما فيما يتعلق بالصراع الفلسطينى الإسرائيلي، والموقف من الاستيطان فى الأراضى الفلسطينية، إلى درجة أن نفوذ هذه الجمعيات وتأثيرها امتد إلى وزارة المالية ومصلحة الضرائب الأميركيتين المسئولتين عن مراقبة ومتابعة نشاطات الجمعيات والمنظمات العاملة فى الأراضى الأميركية، حيث رفضتا طلبا تقدم به معهد أبحاث سياسة الشرق الأوسط بموجب قانون حرية الوصول إلى المعلومات لمعرفة قانونية نشاطات تلك الجمعيات ، إلا أن وزارة المالية رفضت الطلب بموجب قانون السرية المصرفية ، فيما تذرعت مصلحة الضرائب بقوانين الخصوصية ورفضت التعليق. وفى هذا يقول غرانت سميث مدير المعهد: "إنهم يتسترون على الحقيقة فى كل المواضيع. إنها مواجهة بين قوى التمويل الاحتلال والسياسات الأميركية الرسمية".
وتؤكد معطيات المعهد الأمريكى بهذا الشأن ما ورد فى تحقيق نشرته صحيفة "هارتس" الإسرائيلية فى عددها الصادر يوم 17 أغسطس 2009 حول سياسة الخداع التى تمارسها الجمعيات اليمينية الإسرائيلية للسلطات الأميركية ، وجمعها ملايين الدولارات لدعم الاستيطان.
ويتطرق التحقيق تحديدا إلى جمعية (عطيرات كهانيم) التى تعمل على إسكان مستوطنين يهود فى القدس الشرقية والاستيلاء على أراض ومنازل فلسطينية من خلال ملايين الدولارات التى تأتيها من متبرعين أميركيين ، وعبر ما يعرف ب "منظمة الأصدقاء الأميركيين من أجل عطيرات كهانيم" المسجلة فى الولايات المتحدة كمؤسسة غير ربحية تعمل لأهداف تعليمية.
ووفقا لقانون الضرائب الأمريكى فإن المؤسسات غير الهادفة للربح من المفروض أن تعمل لأهداف مثل التعليم، الدين، الدعم الاجتماعى ، لكن من المحظور عليها العمل من أجل دعم آراء ومواقف سياسية ، علما بان جمعية "عطيرات كهانيم" تتمتع بامتيازات ضريبية مختلفة، مكنتها من جمع ملايين الدورات واستخدامها فى شراء أراض وعشرات المبانى فى القدس الشرقية المحتلة، وإسكانها بعائلات يهودية بعد طرد أصحابها الفلسطينيين منها.
وتنقل صحيفة هآرتس عن دانيال لوريا رئيس مجلس أمناء والمدير الفعلى لعطرات كوهانيم قوله "إن تسجيل الجمعية فى الولايات المتحدة كعاملة فى مجال التعليم ناجم عن اعتبارات ضريبية". وأضاف:" لدينا جمعية أصدقاء عطيرات كهانيم" العاملة فى الولايات المتحدة فى مكتب صغير وبسيط وأتوجه كل عدة أشهر إلى الولايات المتحدة لجمع الأموال ، وكل شيء يمر عبر مكتبنا الذى لا تعترف به سلطات الضرائب هناك...نحن الجمعية الرئيسية التى تعمل على إنقاذ الأراضى .. الأعمال فى نيويورك تستهدف فقط إنقاذ الأراضي." ويتابع:" 60% من نشاطاتنا تمر عبر الولايات المتحدة.، وقدم التقرير الأخير للمنظمة عام 2008 و 2007، إذ تم التبرع للمنظمة بمبلغ 2,1 مليون دولار ونقل فى ذلك العام لجمعية عطيرت كهانيم مبلغ 1,6 مليون دولار ، أما باقى المبلغ فقد استخدم لإقامة حفلات التبرع ولدفع مصاريف مختلفة وأجور بمبلغ 80 ألف دولار دفعت للمديرة التنفيذية للمنظمة وهى نائبة الرئيس شوشانا هيكيند زوجة دوف العضو فى مجلس النواب الأمريكى عن ولاية نيويورك، والمؤيد المتلهف لليمين فى إسرائيل.وجمعت المنظمة فى السنوات الأخيرة ملايين الدولارات ،وذلك على النحو التالي: 1,3 مليون دولار فى العام 2006، و900 ألف دولار عام 2005، وحوالى مليونى دولار عام 2004. ومن بين المتبرعين الكبار للمنظمة المليونير اليهودى الأمريكى إيرفينغ موسكوفيتش الذى يملك حاليا فندق شبرد فى حى الشيخ جراح فى القدس الشرقية المحتلة بعد الاستيلاء عليه.
والواقع أن ملايين الدورات التى تتدفق على جمعيات الاستيطان اليهودى فى البلدة القديمة من القدس ومحيطها تأتى من الولايات المتحدة، دون أن تخضع لرقابة سلطات الضرائب الأمريكية ، وتجند نواب فى الكونغرس الأمريكى لجمع مزيد من الدعم المالى الأمريكى لبناء الأحياء الاستيطانية اليهودية فى قلب الأحياء الفلسطينية على تخوم البلدة القديمة كما هو الحال عليه فى رأس العمود والشيخ جراح وجبل الزيتون، مما يخلق واقعا سياسيا صعبا يدفع الفلسطينيون المقدسيون ثمنه مزيدا من هدم منازلهم والاستيلاء على عقاراتهم ، بل يمكن وصف ما يجرى بأنه حرب خفية يقودها المستوطنون المتطرفون، عبر دعم مالى أمريكى غير محدود، لا يساهم بالمطلق فى تعزيز ما تقول الإدارة الأمريكية أنه سعى لتحقيق السلام والاستقرار فى المنطقة، فيما يستقوى هؤلاء المستوطنون بالتمويل المالى المتدفق إليهم.
الخلاصة:
إسرائيل تمارس سياسة خطيرة للغاية من خلال إصرارها على إقامة المستوطنات فى الأراضى الفلسطينية المحتلة، وبصفة خاصة فى مدينة القدس ومحيطها، ضاربة عرض الحائط بكافة المواثيق والقرارات الدولية، ما يؤكد عدم اكتراثها بعملية السلام فى الشرق الأوسط.
أن هناك مسئولية تقع على عاتق الإدارة الأمريكية الجديدة التى أعلنت رغبتها فى السعى إلى التوصل لاتفاق سلام فى الشرق الأوسط، كما طالبت بوقف الاستيطان الإسرائيلى فى الأراضى الفلسطينية المحتلة، واعتبرته عقبة فى سبيل التوصل لاتفاق سلام مستقبلي.
والجدير بالذكر أن أحكامًا أمريكية صدرت بالسجن على مسئولى مؤسسات خيرية إسلامية تقوم بجميع التبرعات لمساعدة الفلسطينيين داخل الأراضى الفلسطينية المحتلة بينما تتجاهل الإدارة الأمريكية والأوساط القضائية والرسمية كمصلحة الضرائب ووزارة المالية، قيام العديد من الجمعيات والهيئات غير الحكومية بتوجيه الأموال والهبات والمساعدات لبناء المستوطنات اليهودية على الأرضى الفلسطينية المحتلة، ولم تتخذ خطوات رادعة ضد هذه الجمعيات والهيئات حتى الآن.
الأمانة العامة لجامعة الدول العربية تدين هذه السياسة، وتطالب بوقفها فورًا، وتدعو الإدارة الأمريكية الجديدة إلى وقف وتجفيف كل الأموال والتبرعات التى تحول إلى المستوطنين والمستوطنات الإسرائيلية لأن هذه الأموال تسهم فى عمل عدواني، غير شرعي، وتمنع التوصل إلى اتفاق سلام فى المستقبل.
كما أن هناك مسئولية تقع على عاتق كافة منظمات حقوق الإنسان للعمل على وقف الاستيطان فى الأراضى الفلسطينية المحتلة بكافة أشكاله، لكونه يشكل انتهاكًا للقانون الدولى والقرارات الدولية، وتعديًا على الحقوق المشروعة للمواطن الفلسطينى فى أرضه وبلده.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.