في السابع عشر من شهر فبراير الماضي خرج الشعب الليبي ليطالب بحقوقه المشروعه في الحرية والديمقراطية والعدالة الإجتماعية حاذيا حذو نظيريه في مصر وتونس ولكن النظام الليبي قابل هذه التظاهرات السلمية برد غاشم بالطائرات والدبابات مماجعل الثوار يسلحون أنفسهم للرد علي عدوان القذافي ونظامه ولكن ذلك لم يكن كافيا لصد العدوان ودفع الظلم عن أنفسهم . ووسط كل هذة الأحداث المخيفة تدخل مجلس الأمن ليصدر قرارآ عاجلا بفرض حظر جوي علي ليبيا لإيقاف طائرات القذافي التي تسقط المئات من المدنيين يوميآ. وسريعا قامت قوات التحالف بالإسراع في تنفيذ القرار وشن غارات جوية علي مواقع القوات الموالية للقذافي وفرض منطقة حظر علي الطيران الليبي التابع للعقيد ، ومع مرور الأيام أزداد الموقف في ليبيا غموضا إذ تناحرت جميع الأطراف المشاركة في العمليات في ليبيا فقوات الناتو سرعان مابدأت التناحر بينها وتضاربت تصريحات مسؤليها عن الموقف الليبي ثم أزدادت الأمور غرابة بضربات متكررة من الناتو للثوار مماجعل الثوار يستنكرون موقف الناتو ويصفونه بالمتواطئ . وللأسف أتضح أن الجميع في ليبيا يقاتل من أجل أهداف معينة ومصالح شخصية وهذا ماكشف عنه الصراع والتناحر بينهم ......
صراع الناتو إلى أين سيذهب ؟
صراع الناتو في ليبيا ظهرجليا مع بداية الأحداث علي المسرح الليبي فمنذ الضربة الأولي للطيران الفرنسي خرج الإعلام الفرنسي ليهلل ويمجد في ماقامت به قواته وأخذت وسائل الإعلام الفرنسية في سرد تفاصيل الضربة الجوية شارحة كل صغيرة وكبيرة عن ماقامت به قواتها مما يوحي أن فرنسا أرادت أن تظهر أنها الطرف الأقوي في ليبيا منذ الوهلة الأولي. إلى أن أستمر الصراع في التزايد يوما بعد يوم فجاء رفض فرنسا تولي الناتو قيادة العمليات في ليبيا وذلك حتي لاتشاركها دول أوروبية صغيرفي الكعكة الليبية أما أمريكا فرفضت القيادة وطالبت بسرعة نقلها لقوات التحالف وذلك لعلمها بأن المعركة في ليبيا ستنتهي بفضيحة علي الطريقة العراقية وخسائر فادحة وقتلي بالألاف مماجعل الإدارة الأمريكة ترفض القيادة سريعا خاصة مع قرب الإنتخابات الرئاسية . الصراع بين فرنسا وأمريكا لم يقف عند هذا الحد بل أمتد الصراع إلي كافة المصالح الإقتصادية للبلدين في ليبيا حيث حاولت فرنسا بيع نفط الشرق باليورو مماجعل أمريكا تتدخل لدي المجلس الإنتقالي محذرة من أن تكون عملة تجارة النفط عملة أخري غير الدولار . التناحر بين قوات التحالف في ليبيا لايزيد الموقف إلا غموضا ولا يضيف إلا مزيدا من الغرابة ويضع مزيدا من التساؤلات يبقي أهمها لماذا جاءت قوات الناتو إالي ليبيا ؟؟؟؟؟
الناتو والثوار
مع بداية الضربات الجوية لحلف الناتو وإعتراف الحلف بالمجلس الإنتقالي الليبي استبشر الليبيون خيرا وظنوا أن تخلصهم من القذافي بات قريبآ جدآ ولكن مع التعمق في الأحداث خيمت الغرابة والغموض علي المشهد الليبي وعلي العلاقة بين الناتو والثوار فكانت بداية الغرابة بتوجيه ضربات متتاليه من جانب قوات التحالف للثوار بحجة عدم علمهم بامتلاك قوات الثوار للدبابات وأزدادت الأمور غرابة لتباطؤ الناتو في تكثيف ضرباته بحجة سوء الأحوال الجوية في الوقت الذي كانت قوات القذافي تقصف الثوار من كل مكان في الظروف الجوية ذاتها ومازاد الموقف غرابة هو التصريحات المتبادلة من الطرفين حيث صرح شمس الدين عبدالمولي عضو المجلس الإنتقالي ساخرا ً " يبدو أن من يقصفوننا لايعانون من ظروف جوية سيئة " في إشارة لإعتذار الناتو عن تكثيف ضرباته بسبب الأحوال الجوية ، كما انتقد عبدالفتاح يونس رئيس المجلس الإنتقالي تباطؤ قوات الناتو في قصف القوات التابعه للقذافي وقال في مقابلة مع الجزيرة " أصبحنا تحت رحمة القذافي والناتو معا " مؤكدا إعطاء الناتو معلومات خاطئة لهم أثناء محاولتهم لإقتحام البريقة ، كما شدد يونس علي أن الثوار قد خاب ظنهم في قوات التحالف لتباطؤها في قصف القذافي . وبنفس الغرابة جاءت تصريحات مسؤلي الناتو في هذا الصدد خاصة التصريحات الأمريكية بداية من رفض الإعتذار عن قصف دبابات الثوار بالإضافة الي تصريحات لقادة عسكريين من المخابرات الأمريكية أكدت وجود لعناصر من تنظيم القاعدة بين صفوف الثوار الليبين كما حذرت " باشمان" عضو لجنة الإستخبارات بمجلس النواب ومرشحة الحزب الجمهوري في إنتخابات الرئاسة من أن حملة الناتو ستعزز من تواجد تنظيم القاعده داخل ليبيا وقالت مازلنا لانعلم من هي قوات المعارضة التي نمدها بالمساعدة مؤكدة علي سيطرة الإرهاب علي البترول الليبي في حال سقوط القذافي مما سيجعل لهم مصدر تمويل دائم . كلام باشمان ربما يكون قاسيا علي الثوار بسبب كونها معارضة لنظام أوباما ولكونها منافسة له في الإنتخابات القادمة ولكنه في نفس الوقت صادر من مسؤل داخل لجنة الإستخبارات داخل مجلس النواب الأمريكي مما يؤكد علي أن المعامله بين أمريكا والثوار مازالت في مرحلة التوجس بين الجانبين فكلاهما مازال يشكك في نوايا الأخر .
كيف ستكون النهاية ؟؟؟
نهاية المشهد الليبي لن تكون بالطريقة التي توقعها الجميع فربما يطول المشهد أشهر بل وسنوات ، وعن نهاية المشهد في ليبيا أختلف الخبراء والمراقبين في توقع النتيجة التي ستنتهي إليها الأوضاع في ليبيا ولكن مايتفق عليه معظم الخبراء إن لم يكن جميعهم هو أن النهاية في ليبيا لن تكون بالحل العسكري نظرآ لحالة الجمود التي تخيم علي الأوضاع في ليبيا ، فالجميع يؤكد أن حالة الجمود المسيطرة علي المشهد الليبي تضع النهاية بين خيارات عدة فالبعض يري أن الأمور ستتجه إلي قيام الناتو بتسليح الثوار وتدريبهم حتي يتمكنوا من صد العدوان والتقدم نحو الغرب للسيطرة علي بقية الأجزاء الواقعة تحت وطأة القذافي ، بينما يري أخرون أن الأوضاع ستتجه الي التدخل البري لقوات الناتو خاصة وأن الأصوات تتعالي داخل قوات الناتو بذلك وهو مانفاه وزير الدافع الأمريكي روبرت جيتس الذي أكد أن أي مسؤل يأمر بتدخل عسكري بري في ليبيا فهو يحتاج الي كشف طبي للتأكد من سلامة قواه العقلية ولكن مسؤل روسيا لدي حلف شمال الأطلسي عاد ليؤكد دخول الحلف ليبيا بريا تحت ستار دخول قوافل إنسانية الي البلاد؛ أما الخيار الثالث والذي يعد أخطر الخيارات المطروحه ولكنه بات حاضرا وبقوة في المشهد الليبي وهو " تقسيم ليبيا " . لكن تقسيم ليبيا خيار قد لايتوقعه غالبية الناس ولكن المتأمل في تصريحات المسؤلين عن العمليات في ليبيا يجد أن تقسيم البلاد حاضرا في أذهانهم ، الخبراء يؤكدون أن حالة الجمود ستؤدي لامحالة إلي تقسيم ليبيا وهو ماذكرته مجلة نيوزويك الأمريكية في أحد تقاريرها عن الموقف الليبي حيث أكد التقرير علي تقسيم ليبيا الي دولتين برقة في الشرق وطرابلس في الغرب وهو مالم ينفه رئيس وكالة الإستخبارات الأمريكية جيمس كلاير الذي أكد تفوق قوات القذافي في ليبيا كما أكد علي مانشرته مجلة نيوزويك ولكنه أضاف أنه من الممكن تقسيم ليبيا الي ثلاث دويلات . ولم يختلف تصريح وزير خارجية بريطانيا كثيرا عن تصريحات جيمس كلاير إذ أكد علي أن المواجهات في ليبيا ذاهبة الي طريق مسدود وهو ماسيؤدي الي التقسيم لامحاله . فثوار ليبيا بدأو يستشعرون الخطر وبدأت أصوات استغاثاتهم بقوات الناتو تتعالي مطالبين إياهم بالتدخل الحاسم والتخلي عن التباطؤ من أجل إنقاذ البلاد خشية التقسيم حيث طالب موسي كوسا وزير الخارجية المنشق بسرعة التدخل من قوات الناتو مطالبا بحضور الحل السياسي أيضا ومحذرا من تقسيم البلاد في حال غيابه . الوضع الليبي يزداد غموضا يوما بعد يوم فالثوار لايستطيعون التقدم لقلة تدريبهم وتسليحهم الضعيف والقذافي غير قادر علي مواصلة السيطرة علي المزيد من البلدان بسبب الحصار المفروض علي طائراته من قوات التحالف ، كما أن قوات التحالف لاتزال تراقب الموقف بحذر وكأنها لاتزال تتبني موقف الممسك للعصا من وسطها فبرغم هجماتها إلا أنها تبقي هجمات علي استحياء لاتغني ولاتسمن من جوع . والمخيف هو أن حالة الجمود بدأت تخيم علي الأوضاع في ليبيا مما سيفتح باب التكهنات والتساؤلات ولكن يبقي السؤال الأهم إلي أين ستتجه ليبيا ؟؟؟؟