حظت مصر الكنانة منذ أكثر من ألف عام باحتضان كعبة العلم في أكبر هيئة إسلامية على وجه الأرض ممثلة في الأزهر الشريف ، حافظاً للعلم الديني الإسلامي و شريعته و وسطيته ، بعيداً عن التحريف و التعصب و تأويل المبطلين ، بضوابط اجتهادية جماعية ، من صفوة علماء الأمة اخلاصاً و علماً ، لذلك ظل و سيظل تهوى إليه أفئدة كل مسلم يبحث عن دينه الحق ، لقيادة كافة آفاق الحياة اليومية العلمية و العملية . و لأن الأمة الإسلامية كتب لها المولى عز و جل البقاء و الخيرية و الجهاد بقوله تعالى ( كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف و تنهون عن المنكر ) و قد خص أهل مصر بأنهم في رباط إلى يوم القيامة . و حتى نتنافس جميعاً كأزهريين و نتسابق لخدمة الإسلام و تقديم فكره الوسطي النقي ، في تبني صريح لخدمة قضايا المسلمين في مشارق الأرض و مغاربها ، فيعود للأزهر مكانته الرائدة في قيادة مواكب العلم و النور في مصر و العالم . و لذلك فقد وفقني المولى عز و جل بمقترح دراسة سبق و قدمتها لفضيلة الشيخ طنطاوي – رحمه الله – شيخ الأزهر السابق قبل سفره الأخير لحضور فعاليات احتفالية جائزة الملك فيصل العالمية في العاصمة السعودية الرياض و التي وافته المنية خلالها . فتتلخص دراستي هذه في محاولة عملية لتعليم نساء المسلمين تلاوة القرآن الكريم تلاوة صحيحة شاملة أحكام التلاوة و التجويد ، و حفظه في دورة زمنية محددة ، و تعليمهن بطريقة مبسطة أمور دينهن الحياتية فيما يتعلق بالطهارة ،و العدة ،و الرضاعة ... و غير ذلك من فقه النساء المفتقد لدى الكثير من المسلمات . و ذلك عن طريق انشاء مراكز تابعة للأزهر الشريف في كل منطقة داخل محافظة القاهرة و باقي محافظات الجمهورية ،و تعميم وجودها أيضاً خارج مصر ، بحيث تكون نظام الدراسة في هذه المراكز غير خاضع لأي شروط من سن أو مؤهل علمي أو حتى جنسية ... أو غير ذلك ، و يكون ذلك بمقابل مادي رمزي ، فقط لضمان جدية الإستمرار ، و كذلك تخصيص قسم في هذا المركز لتعليم الأجانب اللغة العربية من خلال تعليمهم أحكام تلاوة القرآن و تلاوته و تجويده صحيحاً . لما ثبت لي من خلال عملي كباحثة ، و داعية إسلامية ، و محكم مسابقات القرآن الكريم ، و القيام بتدريس أحكام تلاوة و تجويد القرآن الكريم للعرب و الأجانب أن هذه أسرع طريقة لتعليم الأجانب اللغة العربية ، و التي تسبق بكثير في سرعتها و اتقانها تعليمهم لها من خلال قواعد النحو و الصرف . كما تتدرج الدراسة في هذه المراكز إلى مستويات لطالبات العلم ، فمنهن من تتعلم للثقافة الدينية و التعليم الشخصي ، و أخريات يمكن تكثيف الدراسة لهن على حسب القدرات لكل منهن ، حتى يتم افراز عناصر نسائية متفوقة تتكفل بالتدريس في هذه المراكز للطلبة ، فيتكون الاكتفاء الذاتي لجميع المراكز مع تفضيل أن يقوم بالتدريس في هذه المراكز النساء فقط و بالتالي يتكون لدينا قاعدة هائلة من المدرسات الواعدات و المسلمات الواعيات لقرآنهن و أمور دينهن . و بذلك يتم التخلص من ظاهرة الاحتياج الدائم لبيوت المسلمين إلى من يعلم أبنائهم و خاصة البنات منهن لتلاوة القرآن و حفظه و تعليم أمور الدين المختلفة ، فيلجأ البعض لاستقدام شيخ بالمنزل أحياناً بضوابطه الشرعية و التي تربك نظام الأسرة ، و أحياناً أخرى بدون ضوابط شرعية لمن لا يعلم أصول دينه ، و بيوت أخرى تيأس من تعليم أبنائها عندم تمل البحث عن المعلمات من النساء فلا تجدهن ، لقلة عددهن أحياناً أو لتكلفتهن الباهظة على احتياجات الأسرة . لذا فإنني على أتم الاستعداد لمناقشة هذا المقترح و المشاركة في تنفيذه بخطة و دراسة وافية مع فضيلة شيخ الأزهر الحالي الدكتور الطيب ، و كذلك تقديمها لأي من هيئات أو منظمات أو رابطات العالم الإسلامي التي تتبنى هذا المقترح و تنفيذه داخل مصر أو خارجها ، و بالتالي تعود للمسلمين و خاصة النساء منهن للريادة بين نساء العالم فلا يتعرضن لغزو العقول بطوفان العولمة أو غيرها ، فيتحولن لخير سفراء للدين الإسلامي .
الداعية و الباحثة الإسلامية / هدى الكاشف عضو المجمع العلمي لبحوث القرآن و السنة محكم مسابقات القرآن الكريم – و القائمة على تدريس أحكام تلاوة و تجويد القرآن الكريم للعرب و الأجانب [email protected]