مظاهرة ب"جامعة القاهرة" تندد بوجود الحرس الجامعي بعد كثير من الجدل قالتها المحكمة الإدارية العليا "لا مكان للأمن التابع لوزارة الداخلية بالجامعات المصرية" ، في حكم تاريخي قضت به الإدارية العليا مؤكدة في حيثيات حكمها أن هذا الحكم غير قابل للطعن عليه وهو حكم واجب النفاذ .. مساحتنا للاختلاف اليوم تأتي بين طلاب وأساتذة الجامعات الذين تلقوا الحكم بسعادة بالغة في حين تلقته الحكومة بشيء من الضيق والحزن أو قل " عدم الرضا " ، لكن لا حيلة لأحد في شيء فالحكم نهائي وليس فيه استئناف ولا طعن أو بالبلدي " م الآخر ملهوش حل " .. بين هؤلاء وأولئك تأتي مساحتنا للاختلاف . الجامعات المصرية طالما نادت بتنفيذ الدستور والقانون اللذان أقرا باستقلالية الجامعات وفي الوقت نفسه أصرت الحكومة متمثلة في وزارتي الداخلية والتعليم العالي علي زرع أعضاء وفرق من رجال الشرطة داخل الجامعات وأسمتهم " الحرس الجامعي " ، الذي لا نعلم يحرس أمن من ؟ أو يحافظ علي من ؟ ومن من ؟ .. وإثر هذا الإصرار من الحكومة قام الدكتور عبد الجليل مصطفي الأستاذ بجامعة القاهرة برفع دعوي قضائية طالب فيها بإبعاد الحرس عن الجامعة ، وحكمت المحكمة بطرد الحرس ، فاستأنفت الحكومة فجاء الحكم التاريخي الذي أقر بعدم اختصاص أية محكمة أخري بنظر القضية وأن حكم طرد الحرس من الجامعة حكم نهائي واجب النفاذ وعلي الحكومة سرعة تنفيذه . وبعد سماعه الحكم أكد الدكتور أحمد نظيف رئيس مجلس الوزراء احترام الحكومة لأحكام القضاء ومن بينها حكم المحكمة الإدارية العليا الصادر مؤخراً والذي يقضي بإبعاد الحرس الجامعي التابع لوزارة الداخلية عن الجامعات. إلا أن نظيف قال : إن الحكم لا يقضي بإلغاء الحرس الجامعي، وأن مفهومنا للحكم أنه يلغي تبعية هذا الحرس لوزارة الداخلية حتى لا يوجد بوليس داخل الجامعة تابع لوزارة الداخلية ، وأن يكون هناك نوع من الاستقلالية فى هذه الوظيفة. فيما أكد الدكتور عبد الجيل مصطفى المنسق العام للجمعية الوطنية للتغيير وصاحب دعوى طرد الحرس الجامعي أن الحكم تاريخي بحق الجامعات المصرية، وله أهمية شديدة، وأثر كبير على طلاب الجامعات المصرية ، وأساتذة الجامعات بعد أن تحول العديد منهم إلى مخبري أمن دولة .. مضيفًا : لكننا نأمل أن يكون هناك سرعة في تنفيذ قرار المحكمة الإدارية العليا، ويلاقي القرار قبولا من قبل وزارة الداخلية وتقوم بطرد الحرس الجامعي. ومن جانبه أكد المحامي نبيه الوحش أن قرار المحكمة الإدارية العليا بتأييد حكم محكمة القضاء الإداري بطرد الحرس الجامعي من الجامعات المصرية وإلزام الحكومة بإنشاء وحدات للأمن الجامعي تتبع وزارة التعليم العالي، بدلا من الحرس الجامعي التابع لوزارة الداخلية، حكم واجب النفاذ ولا يجوز الطعن عليه. وقال الوحش إن الحكومة ليس بمقدورها الالتفاف على الحكم القضائي الصادر طبقا للمادة 123 من قانون العقوبات، والمادة 170 من الدستور، التي تنص على أن المختص بالتنفيذ إذا لم ينفذ القرار يتعرض للحبس أو العزل من الوظيفة .. مضيفاً وعلى المدعين أن يوجهوا إنذارا للمختص بالتنفيذ في غضون ثمانية أيام لتنفيذ الحكم، وإذا رفض وزيري الداخلية والتعليم العالي "بصفتيهما" تنفيذ الحكم يتم رفع دعوى قضائية ضدهما بالعزل والحبس. كما أثار الحكم حالة من ردود الأفعال المتباينة بين القبول والرفض والارتياح بين أوساط أساتذة الجامعات والطلبة، والمهتمين بالشأن التعليمي ، حيث أكد الدكتور هاني هلال وزير التعليم العالي والدولة للبحث العلمي أن الوزارة تنتظر مسودة الحكم الصادر من المحكمة الإدارية العليا بخصوص إخراج الحرس الجامعي من الجامعات واستبداله بوحدات أمن من المدنيين بالجامعات .. مضيفا أن الوزارة ستدرس الحكم وتنفذه. وأضاف هلال أن الحرس الجامعي لا يتدخل في العملية التعليمية وأن دوره حماية المنشآت والمباني فقط في الجامعات .. لافتا إلى أن كل جامعة عليها أن تحدد الأعداد التي تحتاجها. فيما قال الدكتور مصطفي كمال رئيس جامعة أسيوط أن ترك الحرس الجامعي للجامعة سوف يولد العديد من المشاكل وعدم السيطرة علي الأمور داخل الجامعة ، وأن جامعة أسيوط بها نحو 150 ألف طالب وأستاذ و موظف وعامل ، بالإضافة إلي عدم الحفاظ علي منشآت الجامعة التي تقع علي مساحة 500 ألف فدان. وقال رئيس جامعة أسيوط أري أنه من الضروري بقاء الحرس الجامعي داخل الجامعة حفاظاً علي الأرواح والممتلكات، حيث إن إنشاء وحدات خاصة بالأمن لن تفلح في تفعيل النظام والسيطرة علي مجريات الأمور داخل الجامعة ، ونفى قيام إدارة الجامعة بتنظيم مسيرات رافضة للحكم .. مؤكداً أن الجامعة سوف ترفض هذا الحكم بشتى الطرق حفاظاً علي كيان الجامعة. فيما أكد الدكتور محمود علم الدين رئيس قسم الصحافة بكلية الإعلام جامعة القاهرة أن أدبيات العمل الإعلامي تقضي بأنه لا تعقيب مطلقا على أحكام القضاء .. مضيفا أن الأهم الآن هو السؤال عن الخطوة التالية هل ستنفذ الجامعات القرار؟، وما هي آليات التنفيذ أو الامتناع .. مشيراً إلي أنه بالرغم من تأييده لوجود الحرس الجامعي إلا أنه لا يملك الاعتراض أو التعقيب على أحكام القضاء. جدير بالذكر أن المحكمة الإدارية العليا كانت قد قضت في وقت سابق بتأييد حكم محكمة القضاء الإداري بطرد الحرس الجامعي من الجامعات المصرية بعد سنوات من وجود قوات الأمن داخل حرم الجامعات . وأكدت المحكمة الإدارية العليا في حيثيات حكمها بإلغاء قرار وزير الداخلية فيما يتضمنه من إنشاء إدارة للحرس الجامعي تابعة لوزارة الداخلية داخل جامعة القاهرة تأسيسا، على أن وجود قوات للشرطة تابعة لوزارة الداخلية بصفة دائما داخل حرس الجامعة يمثل انتقاصا للاستقلال الذي كفله الدستور والقانون بالجامعة، وقيدا على حرية الأساتذة والباحثين والطلاب فيها، كما أن إلغاء الحرس الجامعي يسمح لهيئة الشرطة بالتفرغ للمهام الجسام الملقاة على عاتقها كفالة الطمأنينة والأمن للمواطنين في ربوع البلاد على امتدادها. وأشارت المحكمة في حيثيات الحكم إلى أن محاكم مجلس الدولة دون غيرها هي المختصة بالفصل فيما يتعلق بتنفيذ ما يصدر عنها من أحكام، وأنه يتعين الامتناع عن إقامة إشكالات في تنفيذ أحكام مجلس الدولة أمام محكمة غير مختصة، لاعتبار أن الحكم الذي يصدر من تلك المحكمة بوقف تنفيذ حكم مجلس الدولة هو والعدم سواء بسواء، ولا يترقب علية أي أثر قانوني وفق ما استقرت عليه أحكام المحكمة الدستورية العليا. وكانت محكمة القضاء الإداري قد سبق لها وأن قضت بصورة مبدئية في الشق العاجل من الدعوى، بوقف تنفيذ القرار السلبي بتواجد حرس الوزارة بجامعة القاهرة، وذلك بدعوى تدخله في عمل الجامعة واستقلالها، وذلك في الدعوى التي أقامها عدد من الأساتذة والأكاديميين بالجامعة. علي صعيد متصل أكد مصدر قضائي " رفض ذكر اسمه " أن الحكم الذي أصدرته المحكمة الإدارية العليا صباح اليوم بطرد الحرس الجامعي يشمل كافة الجامعات المصرية لان المحكمة ألغت قرار وزارة الداخلية بإنشاء وحدة تابعة للأمن داخل كل جامعة تتبع وزارة الداخلية وليس جامعة القاهرة فقط .. فضلا عن أن المحكمة لم تقل في نص الحكم وقف تنفيذ القرار لأنه لو كان حدث ذلك كان القرار سيشمل جامعة القاهرة فقط. وكان مجلس الوزراء ووزارة التعليم العالي قد طعنتا على حكم القضاء الإداري " أول درجه " والذي يقضى بإنشاء وحدات للأمن الجامعي تتولى مهمة حفظ الأمن والنظام بالجامعات وتحل محل الحرس التابع لوزارة الداخلية.