كشفت دراسة حديثة صادرة عن معهد كارينجى لأبحاث السلام الدولى بأمريكا أن المرأة لعبت دوراً كبيراً فى تشكيل سياسات الحركات الإسلامية بالشرق الأوسط، وان الناشطات فى تلك الحركات كن فاعلات للغاية، ونجحن فى إنشاء فروعاً نسائية متميزة حفزت السيدات على المشاركة السياسية. وأكدت الدراسة التى جاءت بعنوان "النساء فى الحركات الإسلامية"، وأعدتها الباحثتان أميمة عبد اللطيف ومارينا عطاوي، إنه رغم إنكار الناشطات فى هذه الحركات، تأثرهن بالأجندة النسائية الغربية، وإصرارهن على التمسك بالمبادئ والقيم، إلا أنهن يريدن الظهور كقيادات وفى كثير من البلدان يدفعن قادة الحركة إلى التغيير، مشيرة إلى أنه تبين من خلال المقابلات مع ناشطات فى جماعة الإخوان المسلمين أن هذه القضية لها جذور قوية، ومحل جدل كبير. ولفتت إلى أنه على الرغم من الشكوك فى إمكانية تطور أفكار هؤلاء النساء، إلا أنه من الواضح أن النشاط السياسى لنساء الجماعات الإسلامية واضح للعيان، مؤكدة أن تلك الظاهرة تتناقض كلياً مع الفكرة السائدة فى الغرب، بأن العلمانيين فقط هم الذين يقودون معركة تحرير المرأة ومنحها حقوقها، وأن الحركات الإسلامية تقمع النساء، وهى ذاتها الفكرة التى ترسخها المنظمات النسائية العلمانية. وجاء فى الدراسة: نجحت الكثير من الحركات الإسلامية فى كسر قواعدها ووضع أرضية جديدة لرؤاها السياسية والاجتماعية، وأن صعود النشاطات داخل هذه الحركات يعد جزءاً من هذا التجديد، الذى يعتمد على قاعدة محددة، وهى أن الماضى لم يعد بالضرورة مؤشراً إلى المستقبل، وأن الأهمية المتزايدة للمرأة فى الحركات الإسلامية تثير الحيرة؛ لأن معظم هذه الحركات بالدول العربية، ناهضت التشريعات التى تمنح مزيداً من الحقوق للنساء بما يتعارض مع الشريعة الإسلامية. وشددت دراسة معهد كارنيجى على أن اهتمام الجماعات الإسلامية بالنساء يأتى تلبية لرغبة هذه الجماعات فى بناء تنظيمات قوية، لتوصيل رسالتها إلى الشريحة العظمى فى المجتمع، فضلاً عن إدراكها أن النظام الانتخابي، الذى يسمح للنساء بالتصويت يفرض عليها الاستعانة بسيدات فى قائمة المرشحين، موضحة أن طريقة تفكير الحركات الإسلامية فى مسألة حقوق المرأة قد تغيرت، وبات من المعتاد سماع تأكيدات نواب هذه الحركات على التزامهم بمساندة حقوق المرأة مادامت موجودة فى سياق الشريعة الإسلامية. وأوضحت أن تنامى النشاط النسائى فى الحركات الإسلامية أمر يستحق الدراسة، لأنها على الأقل تكشف كيف تتغلغل هذه الحركات فى المجتمع، علاوة على أن النشاط النسائى الإسلامى يمكن أن يكون أكثر فاعلية من التنظيمات العلمانية النسائية غير الحكومية، فى حالة دفاعه عن حقوق المرأة، لأن المنظمات الأخيرة لا تؤثر إلا فى الطبقة العليا، التى تنتمى إليها فقط، بينما أثبتت الناشطات الإسلاميات قدراتهن على اختراق الشرائح الاجتماعية المختلفة. وكشفت الدراسة أن وجهة النظر الغربية للإسلام والمرأة تبدو تقليدية، حيث يطرح الباحثون الغربيون فى الغالب أفكاراً سلبية عن علاقة الإسلام بالأيديولوجية السياسية، وعلاقة الإسلام كديانة بالمرأة، حيث تصور وجهات النظر السائدة المرأة المسلمة أنها تعيش فى مجتمعات قمعية دينية مغلقة، وأنها محاطة بقائمة طويلة من القيود الثقافية، التى خفت بشكل ملحوظ مؤخرا. وأوضحت أن الحركات التى اختارت المشاركة فى الوسط السياسى مثل جماعة الإخوان المسلمين فى مصر أبدت اهتماماً كبيراً بالدور، الذى يمكن أن تلعبه المرأة فى توسيع وتحقيق الأهداف والأجندة السياسية لهذه الحركات، مؤكدة أن الذى لم تتحسب له هذه الحركات، هو أن خدمة الأهداف السياسية للحركة، سوف تقود النساء بالتالى إلى معرفة حقوقهن. وخلصت إلى أن الحركة النسائية فى جماعة الإخوان المسلمين وحزب الله تطورت سريعاً، حيث بدأت كجناح فى التنظيم الخيري، ثم انخرطت فى العمل الاجتماعي، مما منحها كثيراً من الخبرة، التى دفعت النساء لتوجيه مطالب أكثر تعقيداً وتحدياً بالنسبة لقيادتى الحركتين، ودفعتهما إلى تغيير بعض الممارسات والقواعد، مشيرة إلى أنه على الرغم من الطفرة، التى حدثت فى أداء هؤلاء الناشطات، إلا أنهن لم يوجهن انتقاداً صريحاً إلى منظمتيهما، وألقين بمسؤولية تحجيم أدوارهن على الظروف الخارجية والأوضاع فى بلادهن.