ظاهرة الاقبال الجماهيري المتزايد علي السهرات الثقافية التي تقيمها الهيئات والمؤسسات الثقافية وليالي الموسيقي العربية التي تقيمها دار الاوبرا المصرية ومكتبات المهرجان الثقافي القومي القراءة للجميع التي تفتح أبوابها للمواطنين بمختلف فئاتهم وأعمارهم طوال ليالي رمضان, وانشطة ساقية الصاوي المتنوعة وندوات حدائق الازهر التي تقام في الهواء الطلق وغيرها وغيرها. لفتت نظر كثير من الكتاب والإعلاميين والادباء والنقاد الذين تابعوا ورصدوا هذه الأنشطة وتجمعات المصريين حولها خاصة جيل الشباب والكل يتساءل عن اسباب هذه الظاهرة, هل يكمن في الهروب من طوفان المسلسلات الدرامية المتدفق وغير المسبوق والذي يصعب علي المشاهدين ملاحقته وزحف الاعلانات المتراكم حوله منذ اول حلقة وطوال فترة بثها علي الشاشة, وانتقاله الي البرامج نفسها مما اصاب المشاهد بنوع من التوتر والقلق والاضطراب النفسي, ام في حرارة الجو التي بلغت ذروتها في الايام السابقة وجعلت الاسر المصرية تفضل الخروج من البيوت والاستمتاع بهذه السهرات المفتوحة والمكشوفة التي تقام في الهواء الطلق وعلي ضفاف نيل مصر الخالد, ام في المضمون الجيد والبناء الذي تتضمنه هذه السهرات والانشطة الثقافية والعائد الفكري والادبي الذي تحققه لابناء هذه الاسر واسهامه في تشكيل وجدانهم والارتقاء بسلوكهم الي الأفضل بعيدا عن تيارات العولمة التي تزحف عليهم من الخارج ولاتتناسب مع تقاليدهم المصرية العريقة وهويتهم العربية الاصيلة, ونعرض في هذا المقال نماذج من ليالي رمضان الثقافية وتزايد الاقبال عليها هذا العام بالذات, وكيفية تنميتها ودعم رسالتها السامية والاستفادة الكاملة من معطياتها وبشكل اكثر اتساعا في المرحلة المقبلة. * ليالي المحروسة بمحكي القلعة: ظاهرة ثقافية فنية في هذا المكان التاريخي قلعة صلاح الدين اقتتحها وزير الثقافة فاروق حسني بحضور نخبة من كبار المفكرين والاعلاميين والكتاب والنقاد تشارك في احيائها بالمجان كل ليلة فرق الموسيقي العربية والفنون الشعبية مع كبار نجوم الغناء, بالاضافة الي الندوات الأدبية والشعرية ومعارض الفن التشكيلي ومعرض للكتب واصدارات هيئة قصور الثقافة بتخفيضات تصل الي50% وتستقبل هذه الليالي وفق آخر احصائية وردت لرئيس الهيئة د. احمد مجاهد حوالي15 ألف مواطن كل ليلة ويتوقع خبراء الثقافة زيادة الاقبال علي هذه الليالي هذا العام للتنوع الثقافي والفني الذي تشهده وهو ماأكده وزير الثقافة في حفل الافتتاح. * سور الأزبكية ومعرض الكتاب: جاءت اقامته تلبية لرغبات المثقفين والباحثين والدارسين الحريصين علي اقتناء الكتب والمراجع القديمة التي اصدرتها هيئة الكتاب وتباع في السور باسعار رمزية بالاضافة الي معرض الكتاب الدائم الذي يستمر طوال رمضان وافتتحه د. صابر عرب رئيس الهيئة بعد تجديده بحديقة الهيئة المطلة علي النيل وتشارك فيه حوالي42 دار نشر مصرية, وعربية تعرض أحدث ما أخرجته مطابعها من ألوان الثقافة المختلفة ويشارك في ندواته وامسياته كبار الكتاب والمفكرين والناشرين الذين يناقشون قضايا الكتاب بشكل عام ومشكلات النشر بصفة خاصة. * المواقع الأثرية: بحي الأزهر والحسين يتزايد الاقبال علي مشاهدة أنشطتها الثقافية المتعددة والمتنوعة التي يقيمها صندوق التنمية التابع لوزارة الثقافة من خلال11 مركزا للابداع تفتح أبوابها بالمجان للمواطنين في رمضان ومشاهدة عروضها والمشاركة في ندواتها الادبية والشعرية وفيها بيت الشعر الذي يقدمه الشاعر الكبير عبدالمعطي حجازي وبيت الهراوي وقصر الأمير طاز الذي يقدم في رمضان هذا العام معرضا لمجموعات القطع الأثرية النادرة التي تم استردادها من الخارج ليشاهدها عشاق الحضارة المصرية بالاضافة الي انشطة وكالة الغوري وبيت السحيمي وغيرها من هذه المواقع التي حرصت علي ان تكون الثقافة الرفيعة غذاء الصائمين في رمضان. * ولاننكر الظاهرة الثقافية المتقدمة وأقصد بها ساقية الصاوي التي تجمع الآن الشباب حول برامجها وسهراتها ولياليها الثقافية والفنية المتنوعة في رمضان في هذا الموقع المتميز المطل علي نيل الزمالك, وتفتح أبوابها خاصة لجيل المبدعين الذين وجدوا ضالتهم في هذا المكان ليقدموا ابداعاتهم من خلالها في قلب القاهرة. وأخيرا يحسب لهيئة قصور الثقافة نقل تجربة ليالي المحروسة في رمضان الي ساحات بعض محافظاتنا الكبري وبنفس الانشطة الثقافية التي تقدمها ليالي المحروسة بمحكي القلعة بالقاهرة وحققت نجاحا كبيرا في هذه المحافظات بشهادة كبار النقاد واقترح تعميمها في باقي محافظات مصر خاصة في المناطقة النائية التي عانت كثيرا من الحرمان الثقافي وبذلك وحده نتمكن من نشر الثقافة والفنون الراقية الي مختلف ارجاء الوطن.