جوزيه ساراماغو تم أمس نقل جثمان الأديب البرتغالي الراحل جوزيه ساراماغو، الحاصل على جائزة نوبل للأدب، إلى بلاده، بعد يوم من وفاته عن عمر يناهز 87 عاما في جزيرة لانزاروتي، إحدى جزر الكناري الأسبانية. ويذكر أن ساراماغو، الذي فاز بجائزة نوبل في عام 1998 ، عاش في جزيرة لانزاروتي منذ عام 1993. وأرجع سبب وفاته يوم الجمعة إلى معركته الطويلة مع مرض اللوكيميا (سرطان الدم). ورافق الجثمان أثناء نقله إلى البرتغال كل من غابرييلا كانافيلهاس، وزيرة الثقافة البرتغالية، وبيلار ديل ريو، أرملة ساراماغو. واحتشد الآلاف من سكان لانزاروتي مساء الجمعة لإلقاء نظرة الوداع على الأديب الراحل، وتلقت أسرة ساراماغو التعازي من رئيس الوزراء الأسباني خوسيه لويس رودريجيث ثاباتيرو ورئيسة الأرجنتين كرستينا فرنانديز دي كيرشنر ونظيرها البرتغالي أنيبال كافاكو سيلفا. ولم يتم حتى الآن تحديد موعد مراسم الجنازة. ويشتهر ساراماغو برواياته ذات الحبكات الرائعة التي تعكس حقائق بشأن أحوال الإنسان. وأثار الأديب الراحل ، الذي كان ناشطا سياسيا منذ عام 1969، الجدل في بعض الأحيان بآرائه السياسية ، كاتهامه إسرائيل بتحويل الأراضي الفلسطينية إلى معسكر اعتقال أو اقتراحه بدمج البرتغال وأسبانيا لتصبحان دولة واحدة تحمل اسم "أيبيريا". وأعلنت "مؤسسة جوزيه ساراماغو" أن ساراماغو كان رجلا صريحا، الأمر الذي جلب له عداوة كثيرين، وقد انتقل إلى جزر الكناري بعد جدل علني عام 1992 مع الحكومة البرتغالية التي اتهمها بممارسة الرقابة عليه، ومع ذلك قوبل منحه جائزة نوبل عام 1998 باحتفاء واسع في موطنه، وكانت هذه المرة الأولى تعطى الجائزة لكاتب ناطق البرتغالية التي يتحدث بها 170 مليون شخص في أنحاء العالم ولد" ساراماغو" في عام 1922 في مدينة أزينهاغا قرب لشبونة وترعرع في العاصمة. ولأنه كان ينحدر من عائلة فقيرة، لم يكمل دراسته الجامعية، لكنه استمر في الدراسة وإعالة نفسه من عمله في التعدين . وكانت "مدينة الخطيئة" عام 1947 الرواية الأولى لساراماغو، وهي عبارة عن قصة عن فلاحين يعيشون أزمة أخلاقية. ولم تحقق هذه الرواية مبيعات جيده، لكنها كانت كافية كي يقفز من العمل في محل للحام إلى العمل في مجلة أدبية. وبالرغم من أنهى في السنوات ال18 التي تلت روايته الأولى، لم ينشر ساراماغو سوى القليل من الكتب التي تناولت رحلاته، فضلا عن الشعر، فيما كان يعمل صحافيا. ولم يعد إلى كتابة الرواية إلا بعد أربعة عقود عقب إطاحة الديكتاتور انطونيو سالازار بانتفاضة عسكرية عام 1974. ولم تعم شهرة ساراماغو العالمية إلا في وقت متأخر من حياته بدءاً برواية "ميموريال دو كونفنتو" التي نشرت بالانكليزية عام 1988 بعنوان "بالتاسار وبليموندا". وتعود أحداث الرواية الى حقبة محاكم التفتيش وتستكشف الصراع بين الأفراد والمؤسسة الدينية، وتدل على فكرة ساراماغو المتكررة عن الصراع ضد السلطة. وقد طفا هذا الصراع على السطح بجدل ساخن عام 1992 مع وكيل وزارة الثقافة البرتغالي عامذاك انطونيو سوسا لارا، الأمر الذي دفع الكاتب إلى الانتقال إلى جزر الكناري الاسبانية قبالة شمال غرب أفريقيا. وحذف لارا اسم ساراماغو من المرشحين البرتغاليين لنيل جوائز أدبية أوروبية. واعتبر المسؤول البرتغالي ان رواية "الانجيل بحسب يسوع المسيح" لساراماغو عام 1991 تتضمن اهانة للمعتقدات الدينية للشعب البرتغالي وتوجد انقساماً في هذا البلد الكاثوليكي. وجاء في الرواية ان المسيح عاش مع مريم المجدلية وانه تردد في المضي الى الصلب. ومنذ الثمانينات يعتبر ساراماغو واحداً من أفضل الكتاب البرتغاليين المعاصرين.، وقد ترجمت رواياته إلى أكثر من 20 لغة. وأثارت جرأته عاصفة احتجاج عام 2002 عندما قارن خلال زيارة له لرام الله في الضفة الغربية، المدينة التي كان يحاصرها الجيش الإسرائيلي عامذاك بما كان يجري في معسكرات النازيين في اوشفيتز وبوخنفالد. لكن الناجين من المحرقة ومثقفين بينهم يساريون معارضون بشدة لسياسة الحكومة الإسرائيلية حيال الفلسطينيين، نددوا بتصريح ساراماغو، واصفين إياه بأنه خاطئ ومعاد للسامية. وكان يقارن مراراً بالكاتب الكولومبي غبريال غارسيا ماركيز. وكثيراً ما وصفت كتاباته بأنها واقعية متأثرة بصوفية أميركية – لاتينية وخصوصاً لأسلوبه في المواجهة التي يقيمها بين شخصيات تاريخية وأخرى خيالية. وأصدر ساراماغو نحو 20 كتاباً بينها "وجيز الرسم والخط" (1976) و"ليفنتادو دوتشار" (1980) و"سنة موت ريكاردوس" (1984) و"قصة حصار لشبونة" 1989) و"العمى" (1995) و"كل الأسماء" (2002) و"سنة موت ريكاردو ريس" (1999).