بعد 41 عاماً من حكم الرئيس عمر بونجو للجابون، جاء أبنه على بونجو اونديمبا رئيساً للبلاد بعد وفاة أبيه ومن خلال انتخابات عامة أجريت يوم الأحد الماضى، كان الابن فيها مرشحاً للحزب الديمقراطى الجابونى الحاكم، حيث حصل على 41.73% من الأصوات فى الانتخابات، ليحكم البلاد ل 7 سنوات قادمة وفقا للدستور الجابونى، وفور إعلان النتائج خرج أنصار المعارضة إلى الشوارع. وكان بونجو الابن قد خاض مع 11 مرشحا آخرين الانتخابات الرئاسية لخلافة والده الذى توفى فى شهر يونيو بعد أن حطم الرقم القياسى لأطول فترة رئاسة فى العالم. وتفجرت أحداث العنف يوم الخميس بسبب خلافات على نتائج الانتخابات الرئاسية، ثم تواصلت يوم الجمعة، حسب ما أفادت به وكالة فرانس برس للأنباء، ومن بين المبانى التى أحرقت مكتب شركة النفط الفرنسية "توتال" والقنصلية الفرنسية، وفرض منع تجوال ليلى بعد أن أعلن فوز على بن بونجو بالانتخابات. وكان نشطاء المعارضة قد أشعلوا النيران فى مبنى القنصلية الفرنسية فى بورت جنتيل متهمين فرنسا بالمساعدة فى التلاعب بالانتخابات. ويعود اتهام المعارضة لفرنسا نظراً إلى أن الأخيرة تقيم علاقات طيبة مع نظام حكم الرئيس السابق عمر بونجو، وهو الأمر الذى يرجح مواصلة مساندتها ودعمها لنظام حكم الرئيس الإبن، الذى كانت له علاقات جيدة مع فرنسا خلال فترة تولية مسئولية وزارة الدفاع طوال 10 أعوام قبل وفاة أبيه. ويذكر أن لفرنسا ألف جندى موجودون فى الجابون، وقد نصحت فرنسا مواطنيها المقيمين هناك والذين يبلغ عدددهم عشرة آلاف بالتزام منازلهم. وقد استخدمت الشرطة الغاز المسيل للدموع الجمعة لتفريق حشد من مئات الأشخاص الذين تجمعوا فى وسط المدينة للشكوى من الخراب الذى تسببت به أحداث الخميس، حيث دمرت محطات الوقود ونهبت المحلات التجارية، وألقت الشرطة القبض على خمسين شخصا. وقام المئات من أنصار المعارض بيار مامبوندو الذى جاء فى المرتبة الثالثة بنسبة 22.25 بالمائة من الأصوات بمهاجمة سجن بور جانتى وأخرجوا السجناء منه قبل أن يتوجهوا إلى وسط المدينة لإقامة الحواجز بعد إعلان النتائج، وأشار شهود العيان أيضا إلى أن المتظاهرين استخدموا هياكل السيارات لإقامة الحواجز فى شوارع المدينة التى تعد العاصمة الاقتصادية للجابون كما أحرقوا إطارات السيارات. وكان المئات من مناصرى مامبوندو قد اعتصموا بالقرب من سجن جانتى منذ الأربعاء بانتظار إعلان نتائج الانتخابات، وتعتبر مدينة بور جانتى معقلا للمعارضة فى الجابون وقد شهدت أعمال عنف فى مطلع التسعينيات أثناء الانتقال إلى التعددية الحزبية فى البلاد. يأتى هذا فى الوقت الذى دعا فيه الاتحاد الأفريقى الجابونيين إلى «أقصى درجات ضبط النفس»، وأكدت مفوضية الاتحاد الأفريقى أنها تتابع «عن كثب الوضع السائد فى الجابون» ودعا جميع الذين يحتجون على سير العملية الانتخابية «إلى اللجوء إلى الوسائل القانونية». ودعت الولاياتالمتحدة «الأحزاب والمواطنين الجابونيين إلى الرد بهدوء على نتائج الانتخابات الرئاسية التى طعنت فيها المعارضة وأعقبتها أعمال عنف». ونوه البيان إلى أن المنظمة الأفريقية تعتزم إيفاد مصطفى نياسى، رئيس الوزراء السنغالى السابق مبعوثاً لها إلى العاصمة الجابونية ليبرفيل لمواصلة المساعى الرامية لاستكمال الفترة الانتقالية التى بدأت بوفاة الرئيس عمر بونجو فى الثامن من شهر يونيو الماضي. وأعربت المفوضية الأفريقية عن أملها فى أن "يلقى ندائها آذاناً صاغية وان تتضافر كافة الجهود المبذولة من قبل الأطراف المعنية بالأزمة فى الجابون للعمل على إيجاد حل سلمى يرضى كافة الأطراف المعنية وذلك من أجل تجنيب الشعب الجابونى من المعاناة والمشاكل". فى الوقت نفسه، اختفى قادة المعارضة عن الأنظار منذ تفجر الاحتجاجات، تحسبا لأى إجراءات ضدهم من جانب السلطات، فى حين هدد لويس جاستون ميالا زعيم حزب اتحاد الشعب الجابونى المعارض بتشكيل حكومة موازية تضم أحزاب المعارضة، للرد على إعلان فوز بونجو الابن «غير المشروع». وقال ميالا: «سنشكل حكومتنا الموازية، وسنرى أى الحكومتين تتمتع بالشعبية». وقال فرانك ندجيمبى المتحدث باسم حزب اتحاد الشعب الجابونى: إنه لا يمكن الاعتداد بقرار المحكمة الدستورية، لأن الرئيس الراحل بونجو الأب هو الذى عين أغلب أعضائها وهو ما يعنى انحيازهم لابنه. لمحة عن بونجو الابن ولد على بونجو اونديمبا ابن الرئيس الجابونى الراحل عمر بونجو اونديمبا يوم 9 فبراير عام 1959 فى برازافيل ، بجمهورية الكونغو . وبعد الحصول على درجة فى القانون فى فرنسا ظهر على بونجو فى الدوائر السياسية بالانضمام الى الحزب الديمقراطى الجابونى فى عام 1981 . وقد انتخب عضوا فى اللجنة المركزية للحزب الديمقراطى الجابونى فى عام 1983 و دخل المكتب السياسى للحزب فى عام 1984 . وبعد عامين من ذلك انتخب فى المكتب السياسى . وقد حصل على بونجو على منصب وزير الخارجية و التعاون فى الحكومة الجابونية فى عام 1989 . ثم استقال من المنصب فى عام 1991 عندما نص الدستور الجديد للبلاد على ان اى وزير يخدم فى الحكومة يجب ان يكون عمره على الاقل 35 عاما . وفى عام 1996 عاد على بونجو مرة اخرى الى الحكومة الجابونية ليصبح رئيس المجلس الاعلى للشئون الاسلامية فى الجابون . وفى الانتخابات البرلمانية فى ديسمبر عام 1996 انتخب مرة اخرى مرشحا عن الحزب الديمقراطى الجابونى فى مقاطعة أوت اوجوو . عين على بونجو وزيرا للدفاع الوطنى فى 25 يناير عام 1999 ، وتمت ترقيته الى رتبة وزير دولة فى يناير 2006 مع استمراره وزيرا للدفاع. وفى سبتمبر عام 2008 اعيد انتخاب على بونجو نائبا لرئيس الحزب الديمقراطى الحاكم . وفى يوم 19 يوليو 2009 رشح رئيس الحزب الديمقراطى الجابونى فوستين بوكوبى رسميا على بونجو لخوض انتخابات الرئاسة عن الحزب. وقد اقصت الرئيسة المؤقتة روز فرانسين روجومب، على بونجو من منصب وزير الدفاع من قبل الرئيس المؤقت روزيه فرانسين روجومب حتى يتسنى له المنافسة فى انتخابات الرئاسة على قدم المساواة مع المرشحين الاخرين. وقد ركز فى برنامجه الانتخابى على السلام والتنمية والمساواة. وصرح للسكان المحليين فى مقاطعة ايستور بغرب البلاد خلال حملته الانتخابية بقوله" اننا سوف نقوم بحراسة السلام بنفس الغيرة التى عرفت عن الرئيس الراحل عمر بونجو اونديمبا مع التأكيد على التنمية المستدامة والتوزيع العادل للموارد على جميع الشعب". كذلك اعلن على بونجو أنه سيصلح نظام التعليم ويحسن التدريب الحرفى واضعا فى اعتباره طاقة البلاد وحاجات السوق اذا ما انتخب. وتعهد بعدم التدخل فى عمل مجلسى البرلمان: مجلس الشيوخ والجمعية الوطنية اللذين يحتفظ فيهما حزبه بالاغلبية قائلا "ان واجبنا سوف يكون هو ايجاد وظائف للجمبع. ونقلت وسائل الاعلام المحلية عن على بونجو قوله يوم 23 يوليو انه فى حالة انتخابه لن يسعى الى البقاء فى السلطة الى الابد. واضاف "اذا ما وضع ابناء الجابون الثقة فى وانتخبونى رئيسا للبلاد فاننى بالتأكيد لن ابقى 40 عاما ".