كشفت دراستان قضائيتان عن تناقض إصدار وتطبيق أحكام الإعدام، مع أحكام الشريعة الإسلامية مصدر التشريعات والقوانين وانتقدتا حالة الإفراط فى إصدار أحكام الإعدام التى لم تقلل من معدلات العنف فى المجتمع المصرى، وطالبتا هيئات الدفاع عن المتهمين فى قضايا القتل بالطعن الدستورى لتعديل المواد الموجودة فى قانون العقوبات الخاصة بأحكام الإعدام للاستفادة من التصالح ودفع الدية. أكدت الدراسة الأولى التى أعدها المستشار إسلام مقلد، رئيس النيابة الإدارية وهى دراسة مقارنة بين تنفيذ حكم الإعدام فى الشريعة الإسلامية والقانون المصرى أن الدية عقوبة فى حد ذاتها، وأنها عقوبة أصيلة فى القتل الخطأ وبديلة فى القتل العمد، كما أنها عقوبة محددة بنصاب حدده الفقهاء ب 4250 جراما من الذهب ولا تتوقف على طلب أوعرض.. بل تكون لحظة تنفيذالحكم إذا أراد ولى الدم أن يعفو مقابل الدية.. ويكون ذلك مبررا لتخفيف الحكم الصادر ضد المتهم وشافيا لقلوب أهل المجنى عليه. وأضاف مقلد أن المادة 17 من القانون الجنائى تعطى القاضى حق تخفيف العقوبة درجة أو درجتين موضحا أن الأمور التى تدفع القاضى لتخفيف العقوبة أهمها التصالح مع أسرة المجنى عليه. وانتقد مقلد طريقة تنفيذ أحكام الإعدام قائلا: الشريعة نصت على أن يتم القصاص بحضور ولى الدم حتى يشعر بأخذ ثأره، كما نصت على استخدام السيف وهو الوسيلة الأسرع فى إزهاق الروح بدلا من المشنقة التى قد تستغرق أكثر من ساعتين لإزهاق روح المتهم فضلا عن التعذيب التى يشعر به حتى تزهق روحه. ورأت الدراسة الثانية التى أعدها المستشار الدكتور خيرى أحمد الكباش، الرئيس بمحكمة الاستئناف أن البروتوكول الثانى الملحق بالمعاهدة الدولية لحقوق الإنسان المدنية والسياسية ألغى عقوبة الإعدام وصدقت 94 دولة على هذه الخطوة، ويرى المجتمع الدولى أنه بذلك وصل لقمة الحماية لحقوق الإنسان فى الحياة، ولكن أخطأ المجتمع الدولى فى تلك الحماية لأن حق الإنسان المحمى هوحق الإنسان المتهم فقط، بينما حق الإنسانية فى الحياة قد أهدر، لأن الحماية تقع على الشخص المتهم الذى ارتكب جريمة تستحق عقوبة الإعدام الرادعة. وقال الكباش: إن هناك فريقا رأى أنه بإلغاء عقوبة الإعدام لم تتضح أن نسبة الجرائم لم تزد وهذا يعنى أن العقوبة غير رادعة، وأن الإبقاء عليها لم يقلل من نسبة الجريمة فى تلك الدول، وبناء على ذلك يجب إلغاء عقوبة الإعدام موضحا أن المنهج الإسلامى لا يجعل من القصاص مجرد عقوبة ولكنه منهج عقابى متكامل، حيث يقر بأن القاتل يقتل، ولكن فى نفس الوقت كان لولى الدم الذى يمثل القتيل أن يعفو دون اعتبار لمكانته فى الأرض، ومن ثم جعل كلمته أعلى من كلمة الولى (الحاكم) أو القاضى، بمعنى أن كلمة ولى الدم هى التى يتم تنفيذها إن تمسك بالقصاص ويتم تنفيذها وإن تصالح مع الجانى على دية مقررة وجب عدم تنفيذ القصاص وينقل الحد إلى عقوبة تعزيزية بشرط ألا يكون التنازل أو العفو أو التصالح وقع تحت إكراه. وأضاف الكباش:أنه إذا تم هذا الأمر بتلك الصورة المتكاملة سوف يتم تحقيق أمرين الأول: هو الإبقاء على القصاص (الإعدام) فيتحقق بذلك الردع العام والخاص لكل من تسول له نفسه قتل أخيه فى الإنسانية، والثانى إذا تصالح ولى الدم فلا يقتل القاتل ولا يبقى فى نفوس أولياء الدم أى نوع من الكراهية أو الحقد على القاتل الذى لم ينفذ فيه القصاص.