حذر نشطاء وسياسيون من إقدام الحكومة علي تمديد العمل بقانون الطوارئ المعمول به منذ عام 1971 وطالبوا بإطلاق تحركات مناهضة لأي تجديد للطوارئ مشيرين إلي أنها عطلت التطور السياسي السلمي في البلاد. وتوقع رئيس المنظمة المصرية لحقوق الإنسان حافظ أبوسعدة في ندوة عقدتها المنظمة حول تداعيات العمل بالطوارىء علي حالة حقوق الإنسان توقع أن تطلب الحكومة من البرلمان الموافقة علي تمديد العمل بقانون الطوارئ لسنوات أخري قادمة وذلك بدعوى مواجهة الإرهاب والتوترات الإقليمية مشيرا إلي أن البديل الآخر أمام الحكومة هو أن تتقدم بمشروع قانون مكافحة الإرهاب بحيث يجري دمج كافة الصلاحيات الواردة في قانون الطوارئ ضمن مواد هذا المشروع. وقال أبوسعدة إن حالة الطوارىء أثرت سلباً على روح البنية التشريعية المصرية التي مالت بشدة نحو التشدد والإطاحة بالعديد من الحقوق والحريات التي كفلها الدستور والمواثيق الدولية المعنية، حيث يعطي قانون الطوارئ سلطات واسعة للسلطة التنفيذية تمكنها من وضع القيود على حرية الأفراد وحقوقهم الدستورية في الاجتماع والانتقال والإقامة إضافة إلي صلاحيات القبض على المشتبه فيهم أو الخطرين على الأمن واعتقالهم وتفتيش الأشخاص والأماكن دون التقيد بأحكام قانون الإجراءات الجنائية، وهو ما يمثل انتهاكاً صارخاً للحقوق والضمانات التي حرص الدستور المصري على تأكيدها. وأعلن أبو سعدة اعتزام المنظمة إطلاق حملة خلال الأيام القادمة بعنوان »نحو بناء مستقبل بلا طوارئ«، في ضوء توقع أن تتقدم الحكومة بمشروع قانون لتمديد العمل بقانون الطوارئ لمدة جديدة؛ بدعوى مواجهة الإرهاب والتوترات الإقليمية المحيطة أو أية أسباب أخرى. فيما أكد عصام الإسلامبولي المحامي بالنقض أن تمديد العمل بالقانون لمدة أخرى يعد مخالفة صارخة للقانون؛ مؤكدا انقضاء الشروط التي وضعها الدستور لاستمرار حالة الطوارئ، والمتمثلة في وجود حالة اضطراب أو حرب داخلية أو إعلان الحرب مع العدو أو التعرض لكارثة طبيعية. وانتقد الإسلامبولي السلطات الواسعة التي يمنحها قانون الطوارىء للسلطة التنفيذية مشيرا إلي أن في مقدمتها تعزيز مظاهر ما وصفه بالدولة البوليسية وإطلاق يد الأجهزة الأمنية في التعامل مع المواطنين والمعارضين السياسيين ، مطالبا بدعم جميع الجهود القانونية الرامية إلي ملاحقة الحكومة المصرية قضائيا أمام المحاكم المحلية والدولية لمنعها من مد العمل بالطوارىء ، فيما دعا مدير مركز البحوث بوكالة أنباء الشرق الأوسط الدكتور عمار علي حسن قوي وأحزاب المعارضة وجماعات حقوق الإنسان إلي التصدي للمحاولات الحكومية لتجديد العمل بقانون الطوارئ، خاصة أن الفترة القادمة ستشهد إجراء انتخابات نيابية ورئاسية في البلاد وقال أن حالة الطوارىء تولد شعورا بعدم الأمان لدي المواطنين كما تقود إلي ضعف المشاركة السياسية. وجه حسن انتقادات حادة إلي ما وصفه بتبني الحكومة والحزب الوطني لأسلوب المعالجة الأمنية لمختلف القضايا والملفات في البلاد متوقعا أن تسعي الأجهزة الأمنية إلي مزيد من التسلط والتدخل في مختلف الشؤون المجتمعية خلال الفترة القادمة خاصة مع الاتجاه إلي تمديد العمل بالطوارئ أو إقرار قانون جديد لمكافحة الإرهاب يتضمن مزيدا من القيود. ورأي فريد زهران مدير مركز المحروسة أن استمرار فرض حالة الطوارئ من قبل الحكومة يأتي بشكل عام كنتيجة لضعف حالة المعارضة والعجز الفاضح عن المواجهة، مطالبا بتشكيل تحالف قوي المعارضة الحزبية والمجتمعية والحقوقية للوقوف إزاء هذه الحالة بكل قوة، وخاصة أنها تعد العامل الأساسي للتنكيل بحركة حقوق الإنسان في مصر. واتفق معه في الرأي محمد فرج الأمين العام لحزب التجمع، مؤكداً أن مصر تعيش منذ فترة طويلة تحت وطأة حكم الطوارئ، حتى باتت الطوارئ جزء ا من البنية الأساسية للنظام القائم، مشيرا إلي أن المبررات التي ساقتها الحكومة مراراً وتكراراً لفرض حالة الطوارئ قد ذهبت أدراج الرياح ولم يعد لها أي مبرر. و أوضح الدكتور عبد الحميد بركات الأمين العام لحزب العمل أن الحكومة تدعي أنها تطبق قانون الطوارىء على الإرهاب والمخدرات فقط ، فيما هي تقوم بتطبيقه علي المعارضين السياسيين منتقدا ضعف الأحزاب القائمة وعدم تفاعلها مع الجماهير والأحداث. يذكر أن العمل بقانون الطوارىء مستمر منذ عام 1981 دون انقطاع وقامت الحكومة بتمديد العمل به أكثر من مرة كان آخرها قبل عامين وتقول قوي المعارضة وتقارير منظمات حقوق الإنسان أن القانون يعطي سلطات موسعة لوزارة الداخلية ويحظر التجمعات والمظاهرات السلمية كما يفرض الرقابة علي الصحف والأنشطة الحزبية ويتيح احتجاز الأشخاص دون نسبة اتهامات اليهم.