- الحجاب واجب ديني ومنعه داخل الجامعات الرسمية لا نتدخل فيه - إذا كان ثمن الدخول في الاتحاد الأوربي السكوت على الإساءة للإسلام فلا نريده - العلمانية ليست ضد حرية الأديان وموجودة في كل البلاد الإسلامية أعلن الدكتور على بارداق أوغلو رئيس الشئون الدينية في تركيا أن العلمانية كنظام ليست ضد حرية الأديان وهى تعني أن تقف الدولة على حد سواء في مواجهة جميع الأديان الأخرى مشيرا إلى أن العلمانية موجودة في كل البلاد الإسلامية. وقال بارداق في حواره مع "مصر الجديدة": إن مسالة الحجاب لها وجهان ديني وسياسي، ونحن من جانبنا نبين حكم الشرع فيه ولكن لا نتدخل فيما يتم إقراره من قوانين، وإننا نطالب بالحوار مع الغرب بشرط المحافظة علي الهوية الإسلامية، مؤكدا أننا نتعامل كمسلمين مع كل ما يسيء للإسلام، وأن انضمامنا للاتحاد الأوروبي شأن سياسي وليس فخرا، وتفاصيل كثيرة في الحوار التالي: **ماذا عن طبيعة الشأن الإسلامي داخل تركيا في ظل كونها دولة علمانية تفصل الدين عن السياسة؟ - تركيا بلد إسلامية نسبة المسلمين فيها 99% والحضارة الإسلامية ذو عمق تاريخي يصل إلى حوالي سبعة قرون ولدينا مسئولون عن المساجد وبيان أحكام الدين ونعلِّم الأطفال التربية الإسلامية، وعدد المساجد 70 ألف مسجد، ولدينا 100 ألف موظف يعملون في الخدمات الدينية، و70 ألف حافظ للقرآن مسجلين، و7 آلاف مدرسة لتعليم القرآن وتحفيظه، وتركيا نظام علماني وأمور الدين منفصلة عن الدولة، ونحن لا نقول شيئا في أمور السياسة، والأئمة والخطباء لا يتحدثون في السياسة، كما أننا لا نقبل التدخل في أحكام الدين من قبل السياسيين، ولدينا المجلس الأعلى للشئون وهو مجلس مستقل يتكون من 16 عالمًا مستقلا يبينون أحكام الدين وقراراته معتمده في تركيا وهم يجيبون على الأسئلة حسب القرآن والسنة. ** ولكن العلمانية ضد الدين دائمًا وتعمل على تقويضها، فما رأيك؟ - العلمانية كنظام ليست ضد حرية الأديان، ولكن أن تقف الدولة على حد سواء في مواجهة الأديان الأخرى والمساواة في الحريات فهذا يكفينا ولا نطلب حماية زائدة من قبل الدولة، والعلمانية موجودة في كل البلاد الإسلامية وبعضهم يعترفون بها وبعضهم لا يعترفون ، وفى البلاد الإسلامية السياسة ليست في يد علماء الدين ودائما في كل البلاد الإسلامية الآراء استشارية لعلماء الدين وعلماء الدين لا يقررون القوانين. ** قضية الحجاب كيف تتعاملون معها؟ - مسألة الحجاب لها وجهان ديني وسياسي، ونحن نبين الوجه الديني دائما ونقول: إن الحجاب من واجب هذا الدين، والمسلمات يعرفن هذا، ولكن لا نتدخل في القانون، فلا نقول في أحكام السياسة ولا نتدخل في هل يُسمح بالحجاب في الجامعات الرسمية أم لا؟ فهم يسألوننا ونحن نجيب بأن الحجاب من واجب هذا الدين، وهذا الواجب يستند إلى القرآن والسنة وأتمنى أن تستمر مناقشة هذا الأمر من الناحية السياسية. ** وكيف تحفظون الهوية الإسلامية في ظل رغبة تركيا في الانضمام إلى الاتحاد الأوربي؟ - نحن في تركيا نود أن ننضم إلى الاتحاد الأوربي كعضو لكن ماذا يجرى في المستقبل لا نقول فيه قولاً جازمًا، والمحافظة على الهوية الإسلامية والحضارية تأتى بأن نعلم أطفالنا الدين، فنحافظ على هويتهم، وهذا أمر يتعلق بنا لا بالغربيين الذين يريدون أن يدخل المسلمون في هويتهم وثقافتهم وحضارتهم، ونحن نطلب الحوار مع الغرب لكن بشرط أن نحافظ على هويتنا الإسلامية، ونحن تواجهنا دائمًا إشكالية أن الغربيين يقولون إننا من البلاد الإسلامية، والبلاد الإسلامية ترفض تركيا وترانا من البلاد الأوربية، وهذه مشكلة كبيرة فنحن من الناحية الجغرافية نقع على جسر بين أوربا والشرق الإسلامي. ** وكيف تعاملتم مع أزمة الرسوم المسيئة خاصة في ظل حرصكم على دخول الاتحاد الأوربي؟ - دائمًا نتعامل كمسلمين مع كل ما يسيء للإسلام، فالرسوم المسيئة في الدنمارك والفيلم المسيء في هولندا رفضناهم وقلنا كمسلمين نحن لا نتعلق بدخول تركيا للاتحاد الأوربي، فهذا لا يهمنا بشكل كامل نحن نهتم بأن تكون أحكام الدين واضحة وأن نعلم كل ما يقوله الرسول صلى الله عليه وسلم وما يقوله القرآن، ونحن لا نحتاج أن ندخل إلى أوربا، نحن نكتفي بتاريخنا وتديننا وحضارتنا، لأن دخولنا الاتحاد الأوروبي لا ليس فخرا، ولكنه شأن سياسي. **يموج العالم اليوم بحالة من الاضطرابات وانعدام الأمن، فكيف نوضح للعالم أن الإسلام هو دين الأمن والأمان؟ - يتحلى الأمن بمكانة سامية في الإسلام، حيث جعل الدين الحنيف الأمن الاجتماعي سبيلا لتحقيق الأمن الفردي، ولم يكتف الدين بذلك بل ربط صلاح "الدين" بصلاح الدنيا وأمنها، وتأتي شرعية الأمن في الإسلام من نصوص كثيرة في القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة فمن ذلك قوله تعالى : " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ ادْخُلُواْ فِي السِّلْمِ كَآفَّةً وَلاَ تَتَّبِعُواْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ" (البقرة ، 2/208) ، وقول رسول الله صلى الله عليه وسلم "المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده والمؤمن من أمنه الناس على دمائهم وأموالهم"، وقوله صلى الله عليه وسلم : " والله لا يؤمن، والله لا يؤمن، والله لا يؤمن!" قيل : من يا رسول الله؟ قال :" الذي لا يأمن جاره بوائقه" أي شروره وظلمه، ويتضح من ذلك أن الدخول في السلامة والسلام هو أمر إلاهي لابد من تحقيقه لضمان خير البشرية بأسرها . وإن الإسلام يعتبر الأمن نعمة وفضلا كبيرا، لأنه عامل من أهم عوامل الراحة والسعادة لبني الإنسان. وقد اهتم الإسلام بغرس عقيدة التوحيد في قلب المسلم فهو يؤمن إيمانا راسخًا أن الله تعالى مطلع عليه يراه أينما كان وكيفما كان، أضف إلى ذلك أن المسلم يؤمن ويعتقد بأنه لا رازق و مميت إلا الله ولا خالق ومعطي إلا الله، ولذلك فهو مطمئن بأن ليس هناك من يضره في كسب الرزق والمنصب إلا أن يشاء الله، وان هذا الاطمئنان هو الذي يحول دون التفكير في الانحراف للحصول على كسب أو لذة مهما كان شأنها، وكلما توطد الأمن النفسي لدى المؤمن كلما أصبح مصدر أمن خارجي لا مصدر إجرام وانحراف، فالاستقامة وعدم الانحراف واجب ديني تقتضيه المصلحة الاجتماعية بالدرجة الأولى، وهذا في الواقع ما أكده الله تعالى بقوله : "مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ" ( النحل ، 16/97)، ومعنى ذلك أن العقيدة الإسلامية نجحت في خلق المصلحة الذاتية للفرد حيث ضمنت استقامته والتزامه بالمتطلبات الأمنية بأسرها.