أزمة طارق نور أو طارق "جيت" كما أطلقت عليها صحيفة الفجر التى كشفت استعانة نور بالخدمات الصحفية والعلاقات العامة فى الوسط الصحفى للزميل جمال أبو الفتوح الصحفى بالوفد ليساعد وكالة نور للإعلان فى كتابة وتسويق إعلانات تحريرية، ومع كامل احترامى لكل الأطراف فقد كشف الخلاف بين الصحفى والخبير الإعلانى دون قصد عن حجم التغلغل السرطانى للإعلان فى جسد الصحافة والصحفيين فى مصر. ومن طرف آخر خفى فضحت الأزمة جانبا من الفكر المسيطر على عقلية وزراء التغيير ما بعد الرأسمالى الذين نعيش معهم الآن أكبر "شو" إعلانى فى تاريخنا الحديث حيث يتم بإلحاح شديد تسويق سياسات الحكومة من خلال شركات ووكالات الإعلان ذاتها التى تنتج كليبات الكاميرا الخفية ودراما "السات كوم" ولا غرابة بعد ذلك أن تروج الحكومة لحل أزمة البطالة بين الشباب بإعلان "قوم أجرى الحق القطر واشتغل أى شغلانة قبل ما يفوتك"، بينما يتم الترويج لفرض مزيد من ضرائب الجباية على المصريين بمشاهد تمثيلية تحوى رسائل تهديد مباشرة من عينة:"هاظبطك وألبسك الكالبشات" إلى آخره.. ليست الصحافة فقط أذن هى التى تخلت عن جانب كبير من رسالتها لصالح البيزنس.. الحكومة سبقتها وتفوقت عليها وهى تبيع الآن أخر ما تملكه الدولة (لاحظ هناك فرق بين الحكومة والدولة، فالدولة باقية والحكومة سوف تتغير قريبا)، ويتم للأسف الترويج لبيع آخر ما تبقى من الملكية العامة أيضا من خلال شركة طارق نور، والشاهد أن الحياة تلونت بألوان أوراق البنكنوت والسعار للحصول على هذا اللون يزداد بتوحش وانقسم المصريون فى هذا السباق إلى فريقين فريق يملك حتى التخمة ويحتفل بما يملك على أنغام الإعلانات الراقصة وفريق يمثل الأكثرية يرقص هو الآخر لكن مذبوحا بألم الفقر والعوز .