حذرت دراسة حديثة من إن التحالفات الدولية في تطبيقاتها الحديثة لم تلتزم بقواعد القانون الدولي العام وانحرفت بقرارات المنظمة العالمية عن أهدافها الحقيقية لتحقيق أهدافها الخاصة، مما أدى إلى انتهاك الشرعية الدولية. واوضحت إن التحالفات الدولية لفرض الشرعية- على الشكل الذي استخدمت عليه حتى الآن- كلمة حق يراد بها باطل، فقد اتخذت وسيلة من قبل الدول الكبرى لتحقيق أهدافها الاستراتيجية، بغض النظر عن انسجامها واختلافها مع قواعد القانون الدولي. وكشفت الدراسة عن طغيان دور مجلس الأمن على مؤسسات المجتمع الدولي، يختلط بدور مجلس الأمن القومي لدولة المركز الجديد - الولاياتالمتحدة- على جميع مؤسسات الأممالمتحدة، فظهر ما يمكن تسميته بانفرادية القرار في مجلس الأمن، وكثر الحديث عن أزمة الجمعية العامة للأمم المتحدة، وبالتالي أزمة المنتظم الدولي. وفى ظل هذا الوضع، تحولت آليات وأشخاص الشرعية الدولية إلى أداة لقلب مفاهيم الشرعية القائمة والتي ارتضاها المجتمع الدولي، وتحول مجلس الأمن الذي يفترض أن يكون أداة الفعل والمراقبة للشرعية الدولية إلى المكان الذي يتم فيه تغليب وترتيب "الشرعيات" بطريقة أفقدت هذه المؤسسة الحيدة والموضوعية وأضحت عاجزة عن معالجة الخلل في العلاقات الدولية. واشار الباحث عمرو ابو الفضل في رسالته للدكتوراة التي حصل عليها بامتياز عن التحالفات الدولية في ظل القطب الواحد والشرعية الدولية الي ان التحالف الدولي الذي تشكل دون مبرر أو سند قانوني يسوغ وجوده، لشن الحرب ضد الإرهاب والتدخل العسكري في أفغانستان، هو تحالف عدواني غير مشروع لأن هدفه استخدام القوة العسكرية وشن الحرب على دولة مستقلة عضو في الأممالمتحدة، وينطوي على تعارض صريح وخروج سافر وجسيم عن إطار ونطاق النظام القانوني للأمم المتحدة طبقاً لأحكام الميثاق، بما يشكل خرقاً خطيراً لقواعد الشرعية الدولية. ويبقى سنده الوحيد السياسي- العسكري بالأساس، وبكل المعايير والمقاييس، هو شرعية القوة ومنطق الهيمنة للقطب الأمريكي الأوحد. واكد ابو الفضل فى رسالته خروج جميع ممارسات الأحلاف العسكرية وعلي راسها حلف الاطلنطي عن الشرعية الدولية ومخالفتها لمواثيق الأممالمتحدة. وأضاف : أن التحالفات ظاهرة ملموسة وقديمة في العلاقات الدولية ترتكز في وجودها على العداء والصراع ومقتضيات حفظ وزيادة قوة ومكانة الدولة في مواجهة غيرها، وهى تعبير عن عدم الثقة بفعالية نظام الأمن الجماعي الذي جاء به ميثاق الأممالمتحدة. وأشارت الي انه بالرغم من أن التحالفات الدولية هي إحدى وسائل الدفاع الشرعي المنصوص عليه في المادة 51 من ميثاق الأممالمتحدة، إلا أن تبرير مشروعيتها يستند على أساس سياسي بحت قوامه اعتراف الجماعة الدولية الحاضرة بتوافق التحالفات الدولية العسكرية مع نظام الأمن الجماعي. بينما من المنظور القانوني، وبالنظر لممارساتها يمكن القطع بعدم شرعيتها. وكشفت عن حقيقة انهيار ضوابط الشرعية الدستورية الدولية الواردة في ميثاق الأممالمتحدة في مجال تدابير الأمن الجماعي الدولي سواء تعلقت هذه الضوابط بالناحية الموضوعية أو بالناحية الإجرائية وأصبحت الشرعية الدولية غير واضحة الحدود والمعالم والضوابط، وأصبحت الحدود والفواصل بين الشرعية واللاشرعية غير موجودة أو غير مرئية على أحسن الحالات. وأكدت أن التحالفات الدولية تعتبر الأداة الرئيسية التي استعان بها القطبان في إدارة الصراع الدولي بينهما عقائدياً واقتصادياً واستراتيجياً إبان فترة الحرب الباردة. فقد لجأت الولاياتالمتحدة إلى أسلوب التحالف من أجل دعم مكانتها العالمية وبهدف تقييد الاتحاد السوفييتي والحد من حركته وممارسة الضغوط عليه، وحاكاها الاتحاد السوفييتي أيضاً، إذ رد على هذه السياسة بعقد التحالفات في آسيا وأفريقيا وأمريكا اللاتينية مستهدفاً كسر الطوق الذي كان مضروباً حوله، وتحقيق الإرباك للخطط التي كانت تعمل بها الولاياتالمتحدة في مواجهته. وقد أفضى هذا الوضع إلى انتشار التحالفات في العالم، وانهيار نظام الأمن الجماعي العالمي وفقاً للتصور المنصوص عليه في ميثاق الأممالمتحدة. واوصت الدراسة بضرورة قيام الدول العربية بالعمل على تفعيل وتقوية دعائم النظام العربي والقضاء على حالة الضعف والتمزق التي أصابت الأمة العربية وأثرت على العمل العربي المشترك وإجراءاته وأساليبه ومؤسساته، والدخول في التكتلات الاقتصادية- الإقليمية والدولية- التي أساساها الاعتماد المتبادل، مما يسهم في خلق عالم متعدد الأقطاب، من شأنه أن يحمى السيادة الوطنية بمفهومها الحديث ويصونها، الأمر الذي يؤدى إلى إحداث تغيير جوهري في هيكلة الأممالمتحدة وجهازها التنفيذي، ويحوله من جهاز سياسي إلى جهاز حيادي فاعل. ضمت لجنة الحكم والمناقشة الدكتور فقيه القانون الدولي الدكتور ابراهيم العناني العميد الاسبق لحقوق عين شمس رئيسا وعضوية الدكتور سعيد سالم جويلي استاذ القانون الدولي ووكيل كلية الحقوق جامعة الزقازيق والدكتور احمد الرشيدي استاذ العلوم السياسية ووكيل كلية الاقتصاد بجامعة القاهرة.