وقوف العرب إلى جانب مصر في محنتها، يكسر ضلع المنافقين، الضالعين في الظلم، المناوئين للحقيقة، المناهضين لأحلام الشعوب في تقرير مصيرها. وقوف العرب إلى جانب مصر في عصر العدمية الأخلاقية، وعبثية العلاقة بين الدول، يضع حداً للفوقية، ويكبح جماح الذين يظنون أنهم بحفنة دولارات يستطيعون أن يتحكموا برقاب البشر، ويجتاحوا السيادة ويكتسحوا الإرادة، ويكيلوا بمكاييل براجماتية بغيضة، تتناقض مع ادعاءاتهم بالديمقراطية وحرية الشعوب. هذا الاستلاب الذي تمارسه الدول الكبرى، إنما "نما" وترعرع في زمن التقوقع العربي، والانهزامية المريعة، والاعتقاد أن الآخر هو من يهب صكوك الغفران، وهو من بيده الإحسان وترف الجنان. واليوم وبعد أن انكشف المستور، وتبين للقاصي والداني أن ما يظهره الآخر من أنفاس حرى، متباكياً على الديمقراطية، ليس إلا زبداً لذاك الباطن الخفي الذي يخبئ عدوانية مدمرة ضد كل ما هو مستتب وآمن في بلداننا. وقد تعاطت دول إقليمية وغربية مع الحقوق العربية بعصا الوصاية تارة وتارة أخرى بأحزمة الغواية والوشاية، مستندة بذلك على ضعف العرب وإرادتهم المغلولة، وأصبحت قضية "فلسطين" السلعة البائرة التي تتقاذفها ألسن المهاترين والمزايدين، وسفن الحرية طافت البحار، رافعة أعلام المزايدة المريبة، والذين زايدوا على فلسطين وتحريرها هم أنفسهم يحشون فوهات الموت ضد سوريا، إلى أن جاء دور مصر لتفصح الوجوه المكفهرة عن حقيقة الحقد الدفين، وعن أطماع تاريخية بائدة، وعن أحلام يقظة، باتت في طي الماضي. ومصر هي وحدها التي أوقدت شعلات النور أمام العرب، ليعرفوا أن الدموع التي تنهمر على الديمقراطية ما هي إلا دموع التماسيح، والواجب أن ترتفع الرؤوس شامخة، لنقول جميعاً بصوت واحد “لا” للظلم، ويكفي من تجارب الفوضى الخلاقة على أرض العروبة و"نيرون" الذي أحرق دولاً عربية بكاملها لن تقوم له قائمة، طالما انشق البحر وابتلع كل أحقاد أعداء الأمن والاستقرار والنمو الطبيعي، لبلدان تمتلك من القدرات المادية والبشرية ما يؤهلها لأن تستعيد أمجاد التاريخ دون ادعاء أو افتراء على الواقع. ومصر بعودة العرب إليها، وعودتها إلى العروبة، تستطيع أن تكسر جحافل الغدر والوصولية والانتهازية و"الباطنية". مصر بوجود العرب على مشارف نيلها العظيم، تستطيع أن تتخطى هذه المحنة بيسر، لأن الذين "كذبوا" لن يستطيعوا أن يخفوا سماوات الله بمنخل. ومصر لن تعيش في جلباب غير جلباب العرب، ولن يقبل العرب العيش ومصر في صحراء الاستلاب والاغتراب.