في الجزء السابق تكلمنا عن كيفية سعي الإخوان لهدم الحصن الأول .. الجيش وبعض الأحداث المتعلقة بتنفيذ الخطة بدون الدخول في التفاصيل .. وفي هذا الجزء نتكلم عن ثاني الحصون : المخابرات العامة : حيث من المطلوب تصفية عمر سليمان وتلاميذه وتفكيك قدرات الجهاز والمتعاونين معه .. مع تشكيل جهاز تابع للتنظيم الدولي للإخوان وإمداده بجميع التدريبات اللازمة والتقنيات في إطار شراكة مع أجهزة أمنية أمريكية : أهم الأحداث : • اختراق الجهاز • محاولة اغتيال عمر سليمان الأولى • اختفاء عمر سليمان • أحداث رفح • إقالة مراد موافي • تم عمل جهاز سري تحت إشراف التنظيم الدولي للإخوان وبأعلى التقنيات .. ويقوم حالياً بمراقبة القيادات العسكرية وشخصيات هامة بالمعارضة .. الخ • تلفيق تهم وكشف للعناصر المدنية السرية التي تتواجد في مسرح المواجهات حول مقرات الإخوان والأماكن المختلفة التي تتواجد بها عناصر حماس • اتهام المخابرات العامة بأنها جهاز يتبعها تنظيم من البلطجية وقد شرحنا في جزء سابق نموذج من نماذج المواجهة الأخيرة بين المخابرات العامة في أحد الأجزاء السابقة .. حتى نتعرف على طبيعة الصراع : حيث كان لنا وقفة هامة عن أحداث المقطم لنفهم طبيعة الصراع على الأرض - أحداث المقطم تم التجهيز لها بعناية من كلا الطرفين - أحداث المقطم بدأت بوجود اجتماع لحماس في مكتب الإرشاد .. تزامن مع وجود نشطاء حول مكتب الإرشاد .. ولكن كان اللعب على المكشوف .. حيث كان حول النشطاء أجهزة أمنية من المخابرات كان وجود النشطاء مجرد غطاء كان الهدف مراقبة حماس والإخوان وما يدبرون .. وكان على الإخوان إخلاء المنطقة وضرب عصفورين بحجر واحد .. منها تطفيش عناصر المخابرات التي يعرفونها لأن الإخوان مخترقين للجهاز .. وفي ذات الوقت هم يريدون الثوار يصعدوا المقطم لمواجهة حاسمة يعلنوا بعد الانتصار لدولة المرشد من المقطم.. فعلاً تم المراد وخرج الثوار للموقعة .. لكن الإخوان كانوا على جاهزية بحوالي 500 عنصر من حماس كانوا بكل وضوح متواجدين في فندق سميراميس كونتيننتال وكانوا مراقبين من خلال المخابرات .. وكانوا يجهلون في البداية سبب تواجدهم ولكن اتضح أنهم متواجدين للمساعدة في حماية المقطم وتلقين الثوار درس وإعلان دولة المرشد قد يظن البعض أن المخابرات هنا .. كان دافعها .. دافع الثوار .... الموضوع له أبعاد أخرى .. هو فقط أن توحد الهدف جاء في وقت واحد .. لذلك لن يتكرر بنفس الأسلوب في الفترة القصيرة القادمة الأبعاد الأخرى أن تنظيم الإخوان بدأ فعلياً الاستعانة بحماس منذ فترة وخصوصاً بالإسكندرية .. وكان هناك عناصر مدنية من المخابرات العامة يتابعوا الأحداث وكان يتم اصطيادهم من الإخوان ويضربوهم ميليشيات البلتاجي ويلفقوا لهم قضايا ويتهمونهم بحمل أسلحة غير مرخصة وبأنهم يعطون للبلطجية أموالاً لحرق مقرات الإخوان ..وتكررت الحالة وكانت بمثابة تصفية لعناصر المخابرات غير المسجلين بشكل رسمي ولا يمكن أن تفعل المخابرات لهم سوى تسقيع القضايا التي ضدهم وحاول رئيس المخابرات التفاهم مع الرئاسة للتنازل عن هذه القضايا ..وكان رد مرسي .. بما معناه أنا مالي كلموا البلتاجي هنا كان لابد أن يكون هناك رداً بنفس الأسلوب .. وتأديب عناصر الإخوان وحماس وكان بذلك الهدف بين الثوار والمخابرات واحداً .. فكانت متابعة حماس واستهدافهم شيئاً هاماً .. وخصوصاً أن المخابرات لها حسابات معقدة.. وكان بالتالي عناصر حماس مرصودين ومعاقبين بطريقة خاصة هم وعناصر الإخوان بل كانت مواجهة قاسية جداً أكثر مما تتصورون .. وبالتالي أي قضايا يمكن أن تكشف هذه العناصر . سوف يتساءل الجميع ما سر تواجدهم حول مكتب الإرشاد ..فبالطبع كان لابد من إخفاء الحقائق وبلع الهزيمة فما كان رد الإخوان في وقت انفعال وعدم تفكير إلا بمهاترات وإشاعات أن البلتاجي سيصبح رئيس للمخابرات وموضوع أبو العلا ماضي وتصريحه بوجود 300 ألف بلطجي تابعين للمخابرات.. وهذا جاء بعد موقعة المقطم .. وما كانت سوى لعبة يحاولون الهجوم المضاد بها .. فهم يعلمون من أين أتتهم الضربات القوية .. وبالتالي كان لابد في النهاية أن يبلعوا الضربة ويتفاهموا فيما بينهم على الملفات العالقة بينهم .لذلك حاولوا إعادة تأهيل أفرادهم في جمعة ما يسمى تطهير القضاء تمهيداً للهروب للأمام من أجل ثورة مصنوعة ومن الواضح أن خطة المخابرات العامة قد نجحت بشكل كبير .. وأن خطة العبور الجارية قد آلت لقرب نهايتها .. بل أن المخابرات العامة .. انتقلت من حيز متابعة الخارج وترك الداخل للأمن الوطني.. إلى متابعة الخارج والداخل .. حيث تقوم برصد عناصر في الداخل تابعة لتنظيمات وعمليات تهريب وتجارة للمخدرات .. وكأنها تعلن نفسها جهازاً معلوماتي أوحداً في الدولة ويتم رفع التقارير لقيادة الجيش تجهيزاً للمرحلة الحتمية القادمة .. فإن ما يصيب الإدارة الأمريكية من الرعب الحقيقي والدائم من أن يتكرر النموذج القومي .. والذي سيعود ويفرض نفسه من جديد .. بل أن مصر على موعد لمواجهة العالم بمخططاته الشيطانية .. فهذا هو مصيرها .. وما تخاف منه أمريكا أن يخرج الشارع بدون رجوع ليأتي هو بقائده.. أما تحريك الشعب الآن .. فهذا في يد الجيش حالياً وأمريكا تعرف ذلك جيدا.. فلم يعد لدى الإخوان والتنظيمات المتفرعة منها قدرات حقيقية في الشارع .. وكان ما يسمى بجمعة تطهير القضاء عرض المسرحية الأخيرة للإخوان .. فكانت الإجابة واضحة.. فمن كان يسعى لحدوث ثورة دعا لها مرسي في السودان .. كانت بدايتها في هذه الجمعة .. للقفز على فشلهم في دك الحصون .. فكشف الاستحقاقات مقابل الرئاسة يبدأ من إعادة ترسيم الحدود .. وجاء يوم دفع الفاتورة .. ولكن .. من الواضح أنه ضاع كل شيء فبات واضحاً للأمريكان .. أنه لابد من التفاوض مع الجيش .. ولكن في البداية بدءوا بالتشهير من خلال جرائد فرنسية بجرائم فعلها الجيش ربما لتحسين أدوات التفاوض ولتعزيز موقفهم .. وفي ذات الوقت .. فتحوا الباب لاجتذاب البدائل .. مثل جبهة الإنقاذ لعرض نفسها .. ولكن جبهة الإنقاذ .. ألتزمت وابتعدت عن الساحة .. وستظل لفترة.. بعيدة وهادئة .. ولكن هرول السلفيين بإيعاز من السعودية .. التي تلفظ أنفاسها الأخيرة .. قبل التضحية بآل سعود .. وكل هذا الاستقطاب وغيرها .. كله يدخل ضمن مساومات الإدارة الأمريكية التي تمارسها مع الجيش .. وتحديد الشروط قبل بدء اللعبة .. إلا أن الجيش يتعامل مع الموضوع فعلياً على أنه الحاكم الحقيقي وفي وجود مرسي .. ولا يحتاج لإملاء شروط .. فهو وصل للنقطة التي كان يريدها كي يكون أكثر صبراً لتحسين الشروط .. فليس من ضمن شروط الجيش العودة للحكم .. فهو يحكم فعلياً.. وحتى مع وجود النظام القادم .. فقد وضع الجيش مكانه إما حاكماً وإما شريك .. إذن ماذا يريد الجيش ؟.. الجيش يريد مشروع مارشال الصغير وتمويل مادي وأسلحة .. وذلك بدون تقديم تنازلات أو بأقل قدر من هذه التنازلات.. و بمجرد تنفيذ خطته والإطاحة بمرسي عبر ثورة شعبية كاسحة ، تدفعه للهروب (وليس القبض عليه أو الانقلاب عليه أو تصفيته فكل هذا غير مطروح ).. وذلك بثورة مصنوعة في مصانع المخابرات .. فهناك واقع اجتماعي .. أن الجيش المصري الفترة التي مرت بعد قتل السادات بالمنصة .. كان مشكلته أنه .. واقع بين انتماءه ل 73 وبين انتمائه للنظام .. وركز الإسرائيليين في خطتهم في تهويد مصر على تقاعد جيل 73 حتى يقتلوا انتماء الجيش ل73 لكن المصادفة أن يخططوا لمجيء الإخوان معتقدين أن الجيش سيسلم نفسه لنظام آخر .. بمجرد الضغط عليه بلغة المصالح .. فهم يرون إما ينضوي الجيش تحت عباءة الإخوان .. أو يصبح الإخوان هم العسكر لكن الحقيقة كان الجيش يحتاج ليتحرر من 73 .. فعلياً التي جعلته لا ينظر للمخاطر القادمة بشكل جدي .. وفي ذات الوقت لابد أن يتحرر من النظام السابق حتى لا يحمل أعباء الماضي . وحتى تتحرر عقيدته من النظام السابق .. لابد يتخلص من الوجه الآخر للنظام .. وهو النظام الحالي الذي ورث النظام السابق .. وكان شريك له في أحداث المنصة وغيرها من الأمور في الخفاء .. فهما مرتبطين ببعضهم بشكل ما .. كوجهين لعملة واحدة فحتمية التخلص من السابق والحالي يدفع نحو تحرر الجيش ويكون له استقلالية تامة عن النظام القادم وهذا المحرك الاجتماعي الذي يحسم حالياً المسألة ولابد أن يتحرر من الداخل أولاً حتى يكون قادراً على تكوين عقيدته الجديدة لمواجهة متعددة الأبعاد في الداخل والخارج .. والتي تستلزم وعي حقيقي للمستقبل ووعي تام بأن اتجاه القوة يتجه نحو الشرق الأقصى .. وما يتطلبه ذلك من تجهيز للجبهة الداخلية وتوحيدها حول هدف قد يتطلب مواجهة صعبة ولكنها هي بمثابة فك الطوق الحديدي .. وبداية حقيقية للمستقبل .