"نحن نتحالف مع مع من يستطيع أن يقربنا إلي دوائر صنع القرار، ولن نقبل أن يخرج أي واحد منا علي هذا القانون، هذا هو دستور الجماعة"....... وفقا لما ذكر المرشد السادس لجماعة الإخوان المسلمين، ومن بين سطور هذه العبارة، ومن صراحة العبارة ذاتها وصدمتها، يمكن تفهم القادم مما كتبه "إيان جونسون" الكاتب الصحفي الشهير بجريدة "وول ستريت جورنال"، والحائز على جائزة بوليتزر عام 2001، ضمن تحليله لتاريخ العلاقة بين جماعة الإخوان المسلمين والمخابرات الأمريكية. لقد كشف "جونسون" في تقرير سابق له، أن الإدارات الأمريكية المتعاقبة، بدءا من إدارة الرئيس الأميريكي الأسبق "لندون جونسون"، وحتى "باراك أوباما" رأت في كثير من الأحيان أن جماعة الإخوان من الجماعات التي يمكن للغرب التعامل معها "حتى لو أنكر تلك الاتصالات البيت الأبيض رسميا وحتى لو سبق اتهامها بأنها ضمن الجماعات المصنفة إرهابيا"، بحسب "جونسون". ونترك الكلام علي لسان "إيان جونسون" ينساب بمنطقية وترابط واضحين، كما سنري عبر السطور القادمة: تحالف سري إن التحالف السري بين الإخوان والمخابرات الأمريكية ممتد تاريخيا منذ الخمسينات، وذلك بموجب اتفاق على قضايا متنوعة مثل القتال ضد الشيوعية وتهدئة بعض التوترات للأوروبيين المسلمين. وفي كل مرة نرى نفس النموذج، فالقادة الأمريكيين يقررون أن الإخوان يمكن أن يكونوا مفيدين وراعين للأهداف الأمريكية ولكن في كل مرة أيضا وبشكل واضح ولا يدعو للدهشة لا يستفيد من تلك العلاقة غير الإخوان المسلمين . سعيد رمضان وبحسب ما ذكره الرئيس الأميركي الشهير، "إيزنهاور"، فقد ذكر كثيرا عن تفاصيل اجتماع حضره "سعيد رمضان"، مندوب الإخوان المسلمين وهو صهر حسن البنا والذي كان يوصف بوزير خارجية جماعة الإخوان وهو أبو الباحث المثير للجدل طارق رمضان ، وكان مسؤولي إدارة أيزنهاور يعرفون ما يفعلون ففي معركة أمريكا ضد الشيوعية كانت أمريكا تحب أن تظهر نفسها ببلد الحريات والداعمة لحرية الدين مقابل الشيوعية الملحدة. ولقد نشرت تحليلات وكالة المخابرات المركزية الأمريكية مؤخرا عن سعيد رمضان ووصفته بالتبلد الذهني وأنه " لديه اهتمام فاشي بتجميع الأشخاص من أجل السلطة " ورغم كل ذلك فالإدارة الأمريكية حينها لم تجد غضاضة في الاستعانة به. دعم من السي آي إيه لقد حصل "سعيد رمضان" علي دعم المخابرات الأميركية، "سي آي إيه"، بشكل علني وكانت تطلق عليه بكل بساطة عميل الولاياتالمتحدة وساعدته في الخمسينات والستينات في استيلائه على مسجد ميونيخ، ثم ليحول المسجد الذي يعد من أهم مراكز الإخوان المسلمين في أوروبا، إلى مركز تابع للجماعة، وفي النهاية لم تحصد أمريكا من دعمه شيئا فلقد عمل على نشر الإسلام أكثر من محاربة الشيوعية ولكنه في السنوات اللاحقة قام بدعم الثورة الإيرانية ويرجح البعض أنه قد يكون متورطا في قتل أحد الدبلوماسيين المساندين للشاه الإيراني في واشنطن. معا ضد ناصر (ودعني عزيزي القارئ أقطع تسلسل المقال، للتذكير بأن أيان جونسون هو نفسه الذي ألف كتابا شهيرا اسمه " مسجد في ميونيخ " .. يتحدث فيه عن ذلك المسجد باعتباره رمزا لجماعة الإخوان المسلمين في أوروبا، وذكر أن حكومات أمريكا وألمانياالغربية تنافسوا للسيطرة عليه ليكون قاعدة لمحاربة نظام حكم جمال عبد الناصر....... كما أن هناك كتاب آخر كشف تفاصيل كثيرة عن استغلال المخابرات الأمريكية الإخوان المسلمين في حربهم ضد عبد الناصر، عنوانه "إم آي سيكس : مغامرة داخل العالم السري لجهاز المخابرات البريطانية". وهذا الكتاب كشف أيضا دور المخابرات البريطانية في مساعدة سعيد رمضان لترتيب انقلاب ضد عبد الناصر سنة 1965 وهي العملية التي انتهت بالقبض على أغلب عناصرها فيما عرف بقضية تنظيم الإخوان عام 1965 والذي كان يرأسه في مصر سيد قطب).
جزر ومد إن العلاقات بين الإخوان والمخابرات الأمريكية شهدت جزرا ومدا بعد ذلك ففي حرب فيتنام كان تركيز أمريكا في مكان آخر ولكن العلاقات مع المسلمين عادت تحتل البؤرة في حرب السوفييت في أفغانستان حيث دعمت المجاهدين وعلاقاتهم مع الإخوان كان فيها ما فيها من التودد والاقتراب. في السنوات التي أعقبت هجمات الحادي عشر من سبتمبر غيرت الولاياتالمتحدة موقفها من الإخوان حيث أعلنت من جانبها على لسان جورج دبليو بوش أن الولاياتالمتحدة تواجه حربين، الأولى مع العالم الإسلامي، والثانية في موجة الكراهية من قبل الأقليات الإسلامية في عدد من الدول الأوروبية مثل ألمانيا وفرنسا ودول أخرى حيث كانت مؤتمرات الإخوان المسلمين التي أعلن أعضاء بارزين فيها أنهم داعمين للإرهاب على حد تعبير الكاتب . 2005 ويذكر إيان جونسن في تحليله عن العلاقات بين الإخوان وأمريكا أن إدارة بوش وضعت استراتيجية في التعامل مع الجماعات القريبة إيديولوجيا من الإخوان ولكن وزارة الخارجية الأمريكية لم تتنبه لبروز الإخوان كقوة سياسية إلا منذ عام 2005 في مصر .. (يقصد بعد فوزها الكاسح في الجولة الأولي من الانتخابات البرلمانية، قبل أن يتدخل النظام وقتها بكبح جماح الجماعة، عبر التزوير، ثم عبر سياسات الاحتواء، المختلطة بالترهيب والترغيب، والصفقات التى انفضحت للرأي العام الآن، وأكدتها التصريحات "المتصالحة" المتتالية علي ألسنة وزراء الجماعة وأعضاء ذراعها السياسي "حزب الحرية والعدالة"). ويذكر الكاتب مثالا لهذا التعاون أو لخطب الود، ففي عام 2006 نظمت الخارجية الأمريكية مؤتمرا في بروكسيل بين الإخوان المسلمين في أوروبا والمسملين في أمريكا الشمالية أو الجمعية الإسلامية لأمريكا الشمالية ، التي تعتبر قريبة من الإخوان المسلمين وتمت مثل هذه الأشياء اعتمادا على تحليلات للمخابرات الأمريكية السي آي إيه التي وصف أحد أعضاءها إعجابه بالإخوان المسلمين في الديناميكية الداخلية بين أعضائها ، والتنظيم ، وإعلامهم الذكي ... وتم ذلك التعاون بين المخابرات الأمريكية وجماعة الإخوان المسلمين على الرغم من مخاوف الحلفاء الأوربيين الذين يرون في هذا الدعم مخاطرة كبيرة .أما بالنسبة لإدارة بوش فهي تحوي بين أعضائها من شاركوا في وضع تلك الاستيراتيجية في التعامل مع الإخوان في الإدارة السابقة.
الخيار الوحيد وفي نهاية التقرير الذي كتبه الصحفي الكندي إيان جونسون على موقع "نيويورك ريفيو أوف بوكس" الأميركي، فقد استحث إدارة أوباما على التعامل مع الإخوان المسلمين، فمنذ نصف قرن تعامل الغرب مع الإخوان لتحقيق مكاسب تكتيكية قصيرة الأمد ، وبعدها دعم الغرب العديد من الحكومات المستبدة التي حاولت أن تزيل جماعة الإخوان والآن – يقول الكاتب – ونحن نرى الحكومات تترنح الواحدة تلو الأخرى فالغرب ليس لديه خيار، فبعد عقود من الكبت تظهر واحدة من الجهات الفاعلة والدائمة والثابتة وهي جماعة الإخوان المسلمين وفي رؤيتها مزيج من الأصولية والأسلوب السياسي الحديث، (ما يصفه منتقدوت الجماعة بالمكيافيللية). الخلاصة: من حق القاريء إذن أن يتساءل بعد قراءة هذا التحليل الإخباري، ما إذا كان التعاون الذي بدأ بين الإدارات الأمريكية مع الإخوان في السابق ضد عبد الناصر الذي كان يمثل تهديدا لمصالحها، وكذلك استخدمتهم في الحرب ضد الشيوعية لإظهار أمريكا بمظهر الدولة الداعمة للحرية الدينية ضد الشيوعية، فهل لازال هذا التعاون قائما إلى اليوم، وبعد انفجار "الربيع العربي" في وجه الجميع؟ الإجابة تكاد تنطق علي لساني، لكنني أفضل أن يذكرها الآخرون.
لقاء حميم بين "فضيلة المرشد" وسفيرة العدو الصهيو أميركي"