انتهت أربعة استفتاءات، كما تصفها روسيا، في المناطق التي تسيطر عليها في أوكرانيا، وهو ما يساعد موسكو في ضم المزيد من الأراضي. ويعتقد المسؤولون في تلك المناطق الآن أنهم يتمتعون بدعم شبه كامل من الذين شاركوا في التصويت المتنازع عليه بشأن الانضمام إلى روسيا. ونددت الحكومة الأوكرانية وحلفاؤها بالتصويت الذي يصفونه بأنه "مزيف". ووصفت وزارة خارجية أوكرنيا الأربعاء، الاستفتاءات التي أجريت بأنها "باطلة وبلا قيمة". وقالت في بيان إنها ستواصل ضغطها وجهودها لتحرير الأراضي الروسية المحتلة من قبل القوات الروسية. وحثّت كييف شركاءها الدوليين على فرض عقوبات صارمة جديدة على روسيا، ومدّ أوكرانيا بالمزيد من المساعدات العسكرية. وجرت عملية التصويت في المنطقتين الشرقيتين الانفصاليتين دونيتسك ولوهانسك. كما تم تنظيم بطاقات الاقتراع في الأجزاء التي تسيطر عليها روسيا في المناطق الجنوبية من خيرسون وزابورجيا. وتمكن اللاجئون المنتشرون في أنحاء روسيا من التصويت في عشرات مراكز الاقتراع، بما في ذلك شبه جزيرة القرم. وأشارت نتائج جزئية من التصويت هناك إلى وجود أغلبية ضخمة لصالح الانضمام إلى روسيا، وفقا لمسؤولين روس. وقد طُلب من نحو أربعة ملايين شخص التصويت في المناطق التي مزقتها الحرب، والتي تشكل نحو 15 في المئة من أراضي أوكرانيا. وقالت وزارة الخارجية الأوكرانية إنّ "إجبار الناس في هذه المناطق على التوقيع على بعض الأوراق تحت فوهة البندقية، جريمة روسية أخرى في سياق عدوانها على أوكرانيا". ووصف بيان الخارجية الاستفتاءات التي أجرتها روسيا ب "الصورية"، مضيفة أنها "لا علاقة لها بالتعبير عن الإرادة"، وأنها أتت خارج إطار "النظام الإداري الإقليمي (الأوكراني) والحدود المعترف بها دولياً". وذكرت الخارجية الأوكرانية في بيانها أنّ "أوكرانيا تملك كل الحق في الحفاظ على سلامة أراضيها بالوسائل العسكرية والدبلوماسية، وستواصل تحرير الأراضي المحتلة مؤقتاً". وأشارت إلى أنّ أوكرانيا "لن توافق مطلقاً على الإنذارات الروسية". و إلى أنّ "محاولات موسكو لإنشاء خطوط فصل جديدة أو إضعاف الدعم الدولي لأوكرانيا، مصيرها الفشل". وهناك تكهنات بأن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قد يعلن ضم المناطق الأربع في خطاب أمام جلسة للبرلمان الروسي يوم الجمعة. في مارس 2014، أعلن ضم شبه جزيرة القرم إلى روسيا بعد أيام قليلة من إجراء استفتاء مماثل. إذا ضمت روسيا المناطق الأربع التي لا تسيطر عليها بالكامل، فقد تأخذ الحرب إلى مستوى جديد، حيث تصور موسكو أي محاولة من قبل أوكرانيا لاستعادتها على أنها هجوم على سيادتها. واتهم الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي روسيا "بانتهاك قانون الأممالمتحدة" بمحاولة ضم الأراضي التي تم الاستيلاء عليها بالقوة. وقال زيلينسكي: "هذه محاولة لمحو قواعد القانون الدولي. وهذه محاولة ساخرة للغاية لإجبار الرجال في الأراضي الأوكرانية المحتلة على التجنيد في الجيش الروسي لإرسالهم للقتال ضد وطنهم". ودعا وزير الخارجية الأوكراني دميترو كوليبا الاتحاد الأوروبي إلى فرض مزيد من العقوبات على روسيا ردا على التصويت، الذي قال إنه لن يغير الخطط العسكرية الأوكرانية. وقال كوليبا: "نحن بحاجة إلى استجابة جادة وفعالة للغاية بأمور محددة ستضر بالاقتصاد الروسي. وكلما كان رد الفعل أكثر ليونة على ما يسمى بالاستفتاءات، زاد دافع روسيا للتصعيد وضم المزيد من الأراضي". ودافع الرئيس بوتين عن الاستفتاءات، قائلا إنها تهدف إلى وقف اضطهاد الأوكرانيين من أصل روسي والمتحدثين بالروسية. وأضاف بوتين في تصريحات متلفزة "إنقاذ الناس في جميع الأراضي التي يجرى فيها هذا الاستفتاء هو على رأس أذهاننا ومحور اهتمام مجتمعنا وبلدنا بأسره". وعلى ضوء الاستفتاءات، فرضت بريطانيا عقوبات جديدة تستهدف كبار المسؤولين الروس المشاركين في تنظيم التصويت. وكرّر وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكين التأكيد على أن الغرب لن يعترف أبدا بالضم الروسي، محذرا الكرملين من "تكاليف إضافية سريعة وشديدة". ووصفت وزيرة الخارجية الفرنسية كاثرين كولونا، التي زارت أوكرانيا يوم الثلاثاء، الانتخابات بأنها "حفلة تنكرية". وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية وانغ وين بين إنه "يجب احترام سيادة وسلامة أراضي جميع البلدان"، وذلك عند الرد على سؤال أحد المراسلين حول بالاستفتاءات. وجرى التصويت المبكر على مدى أربعة أيام، وقام مسؤولو الانتخابات برفقة جنود بزيارة منازل الناس. وقد فتحت مراكز الاقتراع أبوابها يوم الثلاثاء فقط. وقالت غالينا كورساكوفا من دونيتسك لوكالة فرانس برس في مركز اقتراع في شبه جزيرة القرم "بصوتي أريد أن أحاول تقديم مساهمة صغيرة لوقف الحرب. أريد حقا العودة إلى المنزل". وعقدت الاستفتاءات غير المعترف بها مع اندلاع الحرب، وقتل مسؤول انتخاب واحد على الأقل، في هجوم صاروخي في مدينة زاباروجيا في بيرديانسك. منذ بدء الحرب في 24 فبراير، قُتل و جُرح عشرات الآلاف من المقاتلين والمدنيين، بينما تحولت مدن وبلدات بأكملها إلى أنقاض إلى حد كبير. تظهر أرقام الأممالمتحدة أن أكثر من 7.4 مليون أوكراني مسجلون حاليا كلاجئين، بما في ذلك ما يقرب من 2.7 مليون في روسيا. ويقول جيمس ووترهاوس مراسل بي بي سي في كييف، إن نتائج الاستفتاءات الأربعة لن تكون مفاجأة لأي شخص، على الأقل بالنسبة لأوكرانيا. ويرى أن الأصوات المؤيدة للانضمام إلى روسيا هي استمرار لرواية الكرملين عن محاولة "تحرير" الأوكرانيين في تلك المناطق، فضلا عن محاولاته إضفاء الشرعية على وجوده في البلاد. ومن المتوقع أن تضع روسيا قوانين سريعة وجديدة حول ضم هذه المناطق الأربعة المتنازع عليها، وقد هددت باستخدام المزيد من الأسلحة الفتاكة إذا تم استهدافها في المستقبل.