عادة موروثة يحييها أبناء المناطق الشعبية بالإسكندرية في كل عام احتفالًا بشهر رمضان، حتى باتت "الزينة" رمزًا لروح للتقارب بين الأهالي الباحثين عن أجواء فرحة الشهر الكريم التي نشأوا عليها منذ أعوام. وفي شارع عين جالوت بمنطقة القباري غرب الإسكندرية، تجلت مظاهر الاحتفال بشهر رمضان في طرق التزيين والتصميمات المبتكرة التي نفذها أبناء المنطقة بالجهود الذاتية بعد أن وزع الأهالي مهام العمل على أنفسهم. لوحات فنية لمساجد بجانبها نموذج معدني لمدفع رمضان، ألوان مبهجة على الحوائط تتوسطها عبارات مرتبطة بشهر رمضان وأخرى تحمل أدعية بالخير لمصر وأهلها، مجسمات لبوجي وطمطم وعم شكشك وعمو فؤاد "فؤاد المهندس" وسمورة، وقصاصات معلقة بين شرفات المباني تحيط بها فوانيس الأركيت ومصابيح ملونة، وأعمدة إنارة جديدة على رصيفي طريق لم تنساه فرشاة التلوين.. هكذا ظهر الشارع بعد تجهيزه للاحتفال بشهر رمضان بمشاركة سكان من مختلف الأعمار. يقول محمد الكناني أبو عمر، خطاط مشارك في تزيين شارع عين جالوت، ل "مصراوي": ورثنا مثل الكثيرين عادة التزيين في رمضان، ولكن قبل بضع سنوات فكرنا أن لا يكون الأمر عشوائي وأن يكون بتخطيط وتنسيق بين سكان الشارع لنشر البهجة من خلال أشكال جمالية بمساعدة حرفيين المنطقة. وأضاف أبو عمر، أن الشارع يسكنه عدد من الحرفيين في مهن مختلفة مثل النجارة والكهرباء والحدادة وفنون الخط العربي وغيرها، وأن كل فرد من الأهالي كان يضيف للتصميمات لمسته وفقًا لما يتقنه، مبينًا أن هذا العام جرى تنفيذ أشكال نموذج مضيء لمسجد مصنوع من خشب الأركت ونموذج آخر من خامات الجبس إلى جانب نماذج فنية من الأركيت والحديد والزجاج الملون". وأوضح أن الشارع شارك في مسابقة أطلقها أحد المواقع العربية قبل سنوات بين الشوارع الشعبية للمنافسة على لقب أفضل شارع يظهر بشكل جمالي خلال شهر رمضان وفاز شارع عين جالوت بالمركز الأول، الأمر الذي شجع باقي الشوارع المجاورة على الاجتهاد لتزيين مناطقهم في رمضان. وتابع أنه تخصص في كتابة الأدعية على حوائط الشارع بحكم عمله خطاطًا، واختار عبارات منها "رمضان كريم، اللهم ارفع عنا الوباء والبلاء، وارفع الغمة عن الأمة"، بجانب عبارات الاحتفاء بحلول شهر رمضان الكريم، وتعليق الأشكال المختلفة لفانوس رمضان". وقال محمد جاب الله، من أهالي المنطقة، إن سكان الشارع يحرصون على عمل أشكال مبتكرة لزينة رمضان في كل عام، لدرجة أنهم باتوا يخوضون منافسات سنوية للحصول على لقب أجمل شارع من الناحية الفنية والجمالية، موضحًا أن كل فرد من الأهالي يعمل متطوعًا بعد عودته من عمله الأساسي بجانب تبرع كل أسرة بمبلغ صغير لشراء الخامات، كأحد صور التعاون المعتادة بالمنطقة منذ سنوات". وتحدث باسم مرتضى، من المشاركين في تزيين الشارع قائلًا: "إن المنطقة تتميز بوجود حرفيين في مهن متنوعة ما جعلهم يعتادون الترتيب والتنسيق بينهم في كل عام قبل أسابيع من حلول شهر رمضان حتى يجري الاتفاق على أفضل تصميمات تناسب الشارع وفق الإمكانيات المتاحة. وأضاف أن كل فرد بالمنطقة يؤدي دوره بما فيهم الأطفال الذين يشاركون في أعمال الدهانات وصولًا إلى الفنيين الذين ينفذون أعمال الطباعة والمعلقات والإضاءة. واختتم "مرتضى" حديثه بأن سر نجاح الشارع يكمن في تعاون أبناء المنطقة بشكل دائم، فيما يأمل أن يجري نقل التجربة وتعميمها في سائر المحافظات وأن لا يقتصر تعاون الأهالي في التجميل والتنظيف على فترة شهر رمضان فقط حتى يعود جمال المناطق الشعبية كما كان منذ سنوات".
