من محافظة بورسعيد الباسلة، أعلن الرئيس عبدالفتاح السيسي، إطلاق منظومة التأمين الصحي الشامل بمصر، اليوم (الثلاثاء) رسميا، وذلك خلال افتتاحه عددا من المشروعات القومية، معلنا إيمان الدولة المصرية بحق كل مواطن في الرعاية الصحية المتكاملة وفقا لأعلى معايير الجودة، وتحقيقا لحلم طال انتظاره، ومن أجل مستقبل يستحقه أبناء هذا الوطن العظيم. "طب الأسرة" هو أيقونة منظومة التأمين الصحي الشامل الجديد، الذي يمثل نقلة نوعية غير مسبوقة جاءت ترجمة لما نصت عليه المادة الثامنة عشر من الدستور المصري "من أن لكل مواطن الحق في الرعاية الصحية المتكاملة وفقا لمعايير الجودة، وأن الدولة تكفل الحفاظ على مرافق الخدمات الصحية العامة التي تقدم خدماتها للشعب ودعمها والعمل على رفع كفاءتها وانتشارها الجغرافي العادل"، و"التزام الدولة بتخصيص نسبة من الإنفاق الحكومي للصحة لا تقل عن 3 فى المائة من الناتج القومي الإجمالي، تتصاعد تدريجيا حتى تتفق مع المعدلات العالمية"، و"تلتزم الدولة بإقامة نظام تأمين صحي شامل لجميع المصريين يغطي كل الأمراض"، حيث ينظم قانون التأمين الصحي الشامل إسهام المواطنين في اشتراكاته أو إعفاءهم منها طبقا لمعدلات محددة. بعد أن ملأ الضجيج أذان المصريين لسنوات طويلة، انطلقت من بورسعيد تلك المنظومة الشاملة الجديدة بعد 20 عاما من الانتظار، إيذانا بإرساء دعائم منظومة صحية متكاملة تشمل مائة مليون مصري وفق أحدث المعايير الدولية، وذلك فى حدث تاريخي طالما داعب طموحات وأحلام المصريين خلال عقود طويلة ماضية. ومنظومة التأمين الصحي مشروع عملاق أطلقته الحكومة المصرية من أجل تحسين الخدمة الطبية وتقديمها للمصريين دون تمييز، تنفيذا لتوجيهات الرئيس عبد الفتاح السيسى، حيث تمثل نظاما تكافليا اجتماعيا، تقدم من خلاله خدمات طبية ذات جودة عالية لجميع فئات المجتمع دون تمييز، وتتكفل الدولة فيه بعلاج غير القادرين، عبر حزمة متكاملة من الخدمات التشخيصية والعلاجية، وتتيح للمنتفع الحرية في اختيار مقدمي الخدمة الصحية. ففى 5 يوليو الماضى أصدر الرئيس السيسي قرارا بإطلاق المرحلة الأولى من تنفيذ "قانون التأمين الصحي الشامل" الصادر لائحته التنفيذية في الخامس من شهر مايو عام 2018، وتم اختيار المدينة الباسلة للتشغيل التجريبي للمنظومة لمدة شهرين (يوليو وأغسطس). وسيتم العمل بالمنظومة على عدة محاور، بالتعاون بين وزارات الاتصالات، والصحة، والإنتاج الحربي، والمالية، ومحافظة بورسعيد، وبمشاركة كيانات طبية من القطاع العام، والقطاع الخاص، والمستشفيات الجامعية، وذلك فى إطار هيكل قانوني وهيئات محددة ومصادر مستدامة للتمويل، ليبدأ بعدها كمنظومة مستديمة فى شهر سبتمبر المقبل، بحيث يغطى فى مراحلة اللاحقة جميع المصريين وكافة الأمراض وخدمات الطوارئ، وذلك بعد عرضه على مجلس النواب فى دورته الجديدة، والموافقة على إدخال التعديلات التى أسفر عنها تطبيقه على أرض الواقع فى بورسعيد. ويطبق القانون على 6 مراحل على مدار 15 عاما بداية من 2018 حتى 2032، حيث تشمل المرحلة الأولى: محافظات «بورسعيد، والسويس، وجنوب سيناء، وشمال سيناء، والإسماعيلية»، والمرحلة الثانية: محافظات«أسوان، الأقصر، قنا، مطروح، والبحر الأحمر»، والمرحلة الثالثة محافظات«الإسكندرية، البحيرة، دمياط، سوهاج، وكفر الشيخ»0 وتضم المرحلة الرابعة محافظات«أسيوط، الوادى الجديد، الفيوم، والمنيا، وبنى سويف»، وتشمل المرحلة الخامسة محافظات«الدقهلية، الشرقية، الغربية، والمنوفية»، فيما تشمل المرحلة السادسة والأخيرة محافظات«القاهرة، الجيزة، والقليوبية». ويتم تقديم الخدمة بالمنظومة إما عن طريق خدمة العملاء "الكول سنتر" لتحديد موعد لتلقى الخدمة الطبية على أعلى مستوى من الجودة، أو بالتوجه إلى وحدات الرعاية الأولية (الوحدة الصحية أو المركز الطبي) التابع له المواطن أو الأسرة، والعرض على الطبيب للكشف أو المتابعة فى أى وقت، بحيث تقوم تلك الوحدات بإجراء الفحوصات الطبية، والإحالة إلى المستشفى في حالة الاحتياج إلى فحوصات متقدمة، وتغطى المنظومة جميع الخدمات الطبية للمنتفعين والخاضعين لها، بداية من الكشف الطبي المبدئي، مرورا بالأشعة والتحاليل الطبية، وصولا إلى كبرى التدخلات الطبية والجراحية الحرجة والعاجلة. وتتيح المنظومة للأسرة استفادة كل من اشترك فى المنظومة، ويستفيد المشترك بالخدمة بسهولة ويسر، مع تقليل قيمة الإنفاق الشخصي للحصول على الخدمة الصحية، فيما سيدفع من لم يشترك فى المنظومة ثمن الخدمة الطبية كاملة دون دعم، وقد احتفظت وزارة الصحة والسكان ببعض الخدمات الطبية التي لا تغطيها المنظومة الجديدة، ومنها التطعيمات الدورية للأطفال والمواليد والحملات القومية ضد الأمراض والأوبئة، إلى جانب برامج وخدمات تنظيم الأسرة، بمختلف أنواعها، وجميعها تقدم مجانا. وتهدف منظومة التأمين الصحي الشامل الجديدة إلى خفض معدلات الفقر والمرض، وتركز على توفير الحماية الطبية الكاملة للأسرة بالكامل، مقابل تسديد الاشتراكات للأسر القادرة، فيما تتحمل الموازنة العامة للدولة والعبء المالى عن الأسرة غير القادرة للتغطية الصحية نيابة عن تلك الأسر، بهذا تعمل على تقليل الإنفاق الشخصي من المواطنين على الخدمات الصحية والحد من الفقر بسبب المرض، وتساهم في تسعير الخدمات الطبية بطريقة عادلة، وحصول المريض على الخدمة دون اللجوء إلى إجراءات إضافية. ويشترط للانتفاع بالمنظومة أن يكون المنتفع من قانون التأمين الصحي الشامل، مشتركا في النظام ومسددا للاشتراكات، وإذا لم يشترك أو تخلف عن السداد يربط انتفاعه بخدمات التأمين الصحي الاجتماعي الشامل بسداد الاشتراكات المتأخرة دفعة واحدة أو بالتقسيط، فيما عدا حالات الطوارئ، وتتراوح نسبة الاشتراك ما بين 1 فى المائة للموظف من الأجر التأميني، و3 فى المائة من صاحب العمل شهريا، فضلا عن دفع رب الأسرة اشتراكات المسئول عنهم، وهم الزوجة غير العاملة وباقى أفراد العائلة، فيما تدفع خزانة الدولة اشتراك غير القادرين. وتنشأ 3 هيئات تكون معنية بتطبيق القانون الأولى هيئة الرعاية الصحية وتكون معنية بمنافذ تقديم الخدمة والثانية هيئة الجودة والاعتماد وتمنح المستشفيات الاعتماد وفق معايير الجودة المعمول بها والثالثة هيئة التأمين الصحة تتولى إدارة وتمويل التأمين الصحي. وتضطلع وزارة الاتصالات في المنظومة الجديدة بدور كبير، إذ أنها ستنفذ البنية المعلوماتية لربط جميع المستشفيات ووحدات الرعاية الطبية بكابلات ضوئية سريعة، وستقوم ببناء المنظومة التأمينية لبيانات المواطنين بعد إدراجها، ستتولى مهمة التدريب والتوطين والتوعية لكافة العاملين في المنظومة وتغطية خدماتها، وميكنة إنشاء سجل صحي متكامل لمواطني بورسعيد، وميكنة المطالبات والتسويات المالية والتعاملات بين مقدمي الخدمة ومتلقيها، وإدارة الشكاوى والتظلمات، وتوعية المواطنين بإمكانية التعامل مع المنظومة، والرقابة على الخدمة بشكل مميكن للاطمئنان على جودتها.