خلال 8 سنوات فقط، خسرت مصر معركتين في انتخابات مدير منظمة اليونسكو، فبعدما خسر وزير الثقافة الأسبق فاروق حسني أمام البلغارية "إيرينا بوكوفا"، فقدت السفيرة مشيرة خطاب، أمس، أيضًا فرصتها في الحصول على المقعد الأممي بعد خسارتها ضد المرشحة الفرنسية أودري أزولاي والمرشح القطري حمد الكواري. وصلت خطاب حتى المحطة قبل الأخيرة ورفضت أن تفارقها إلا بعد جولة فاصلة بينها وبين "أزولاي"، بعدما حصلت كل مرشحة على 18 صوتًا في الجولة الرابعة من الانتخابات خلف "الكواري" الذي حصل على 22 صوتًا. وحسمت "أودريه أزولاي" رئاسة المنظمة لصالحها بعد حصدها 30 صوتًا مقابل 28 للقطري حمد الكواري، في الجولة الفاصلة. وبالعودة إلى الانتخابات السابقة وفي سبتمبر 2009 تحديدًا، خسر المرشح المصري فاروق حسني بفارق 3 أصوات عن مرشحة بلغاريا إيرينا بوكوفا حيث جمع 27 صوتًا مقابل 31 لأول امرأة تفوز بالمنصب الدولي المرموق. في المرتين لم تكن الخسارة لقصور في أداء البعثة المصرية، بحسب المسؤولين، فوزير الخارجية المصري خلال انتخابات اليونسكو عام 2009 كان أمين جامعة الدول العربية الحالي أحمد أبو الغيط. وقال آنذاك إن الغرب وقوى في أمريكا اللاتينية وآسيا وقفت ضد مرشح مصر فاروق حسني. بينما جاءت الأسباب في هذا العام لتركز على الدور السياسي في الانتخابات واستخدام قطر لنفوذها المادي في عملية التصويت والذي منحها فرصة الوصول إلى المرحلة الأخيرة من الانتخابات. فاروق حسني خدعته دول أوروبية وقال في حوار مع قناة العربية، في سبتمبر 2009، إن الأمر ليس مؤامرة بل إن هذه القوى "حاولت ونجحت في إسقاطه، وفُقدت بذلك فرصة تاريخية أن يشغل هذا المقعد مسلم عربي يربط الحضارات ببعضها، ما ترك مرارة لدى المسلمين والعرب". وفي كتابها "فاروق حسني وأسرار معركة اليونسكو" الصادر في بداية هذا العام، استفاضت الصحفية فتحية الدخاخني في شرح الاستعداد والحشد للمعركة المنتظرة في ساحات المنظمة الأممية. وقالت إن المرشح المصري تلقى خطابات تأييد من دول عربية بينها قطر وقام بجولات حول العالم، لكن "أقطاب الصهيونية كانوا بالمرصاد وبدأت المخططات المشبوهة بمباركة أمريكية صهيونية باستقطاب أطراف عربية لتفتيت الأصوات". كما أشارت الدخاخني في كتابها أيضًا إلى الخداع الذي مارسته دول غربية مثل إيطالياوفرنساوالنرويج بعدما وعدوا بالتصويت لصالح مصر، ثم عادوا ومنحوا صوتهم لمرشحة بلغاريا. وجاء في الكتاب أن الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي أكد لفاروق حسني أن فرنسا ستمنحه صوتها وأنه سيفوز بالمقعد لكن مرشح مصر رأى ممثل فرنسا بالمنظمة وهو يصوت لصالح بوكوفا. كما أبدت إيطاليا تأييدها لمرشح مصر طوال الحملة الانتخابية قبل أن تصوّت لمرشحة بلغاريا. أما ملكة النرويج فأكدت أنها ستصوت لحسني بعدما قبلت دعوته على عشاء لكنها لم تنفذ كلمتها. وذكر الكتاب أن الواقع السياسي والضغوط من الدول الكبرى هو من تحكم في الانتخابات وليس الكفاءة. وبعد خسارة فاروق حسني، قال أحمد أبو الغيط وزير الخارجية آنذاك إن الدول الغربية ستعلم "في المستقبل حجم الخطأ الذي وقعت فيه اليهودية العالمية... أعتقد أنها عكست مأساة تصوّر أن حوار الحضارات له مستقبل براق، فإذا لم ترجع أوروبا عن مفاهيم التصدي والاحتقار والتحدث من علوّ، فهذا سيؤدي إلى ابتعاد الدول العربية، وتحفّظها". كان الكاتب الصحفي فهمي هويدي أكد في مقال له بتاريخ 24 سبتمبر 2009، أن المرشح المصري فاروق حسني خاض ولمرة نادرة "تجربة انتخابية حرة لا مجال فيها للتلاعب أو التزوير. صحيح أن الأمر لم يخل من تربيطات ومناورات، وهو ما يحدث في كل انتخابات، ولكن ذلك كله يتم خارج قاعة الاجتماع ولا علاقة له بفرز الأصوات". وتابع في المقال بعنوان "لا فشله هزيمة ولا فوزه انتصار"، أن فاروق حسني لم "يخرج خاوي الوفاض من المعركة، ولكنه عاد ضحية وكسب نقطتين من حيث لا يحتسب. إذ اتهم بالعداء لإسرائيل وحسب عليه انتماؤه العربي والإسلامي. والحقيقة أنه بريء من التهمتين". كانت الواقعة الكبيرة التي اعتبرها كثيرون السبب في خسارة فاروق حسني هي حينما وقف أمام البرلمان مدافعًا عن اتهامه بالتساهل مع إسرائيل، وقال إنه سيحرق أي كتاب إسرائيلي يجده في مكتبة الإسكندرية. مشيرة خطاب ضد مزاعم "الرشاوى القطرية" بعد تقدم المرشح القطري في الجولة الأولى لانتخابات اليونسكو الجديدة، خرجت الإشارات إلى النفوذ القطري وتأثيره على عملية التصويت بالمال. وقال المستشار أحمد أبو زيد المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية، الجمعة، إن مصر تقدمت بمذكرة رسمية إلى مدير عام اليونسكو "إيرينا بوكوفا" لطلب التحقق من صحة ما تم رصده من خروقات شابت عملية انتخاب مدير عامة المنظمة الجديد. وتابع في بيان للخارجية أن بعثة مصر نقلت ما تم رصده بشأن العملية الانتخابية خلال الأيام الماضية مطالباً بالتحقق من تلك الخروقات بشكل عاجل لتأثيرها المباشر على نزاهة العملية الانتخابية. كما قال السفير محمد حجازي، عضو حملة ترشح السفيرة مشيرة خطاب، إن الأصوات الإفريقية باليونسكو التي أبدت دعمها لمصر تتعرض لضغوط مادية واقتصادية من قطر لتدفعها إلى التصويت لصالح حمد الكواري. واتهم أيضًا نادر مصطفى، أمين سر لجنة الثقافة والإعلام بمجلس النواب، بعض الدول بقبول الرشاوي القطرية من أجل حسم التصويت لمرشحها. وكان من الطبيعي بعد ذلك، أن يخرج السفير محمد العرابي، مدير حملة مشيرة خطاب، ليعلن الجمعة أن مصر لن تدعم المرشح القطري في الجولة النهائية لأنه مرشح "دولة تعادي مصر والدول العربية". كما أشار بعد خسارة خطاب ضد مرشحة فرنسا إلى أن مصر خاضت "المعركة الانتخابية بكل شرف وأمانة".