تصوير- علاء أحمد: في الأقصر، التي عرفتها مصر الفرعونية باسم طيبة، يتوافد السائحون بأعداد قليلة، بعد تخبط صاحب حضورهم إليها منذ 6 سنوات، في ظل أحوال السياسة وتعقيداتها. يتنقلون في شوارعها بالحنطور. يزورون معابدها الفرعونية، ويتجولون في ممشاها الشهير. يجلسون على مقاهيها التي تصدح منها أغاني الصعيد، الذي يحتفظ حتى اللحظة بخطاهم في صور ملتقطة. في التقرير التالي يعرض مصراوي رحلة في شوارع الأقصر. كيف "تعافر" المدينة السياحية في غياب مَن تأنس به من الزوار؟ أمام محطة قطار الأقصر، يتمركز سائقو الأجرة في انتظار الوافدين إلى المحافظة للتو. وفي الشوارع المحيطة تتوزع عربات الحنطور بكثافة. فيما يرتكز عامل من أهل المكان على عربة بدائية من حديد، بينما ملأ الحزن وجهه. على بعد أمتار من بوابة المحطة، يستقل رجل صعيدي حنطوره. يمسك بيده اليمنى "كرباج" ترحم جلدته حيوانه، بينما يُدخن باليسرى سيجارة محلية الصنع. ينظر بين الحين والآخر إلى عربته الخالية من أي زبون، فيما يُمني نفسه باتساع رزق؛ ضاق بعد أن قلت السياحة في المدينة الأثرية. على ركاب آخر، يشد حصانه شاب يجاوره مرشد للسياح. من مظلته، تتطلع أجنبية إلى شوارع الأقصر المميزة، تسأل عن معالم المدينة القديمة، ينصحها سائق العربة بزيارة معبد الأقصر، بعد جولة حول كورنيش المدينة السياحية، توافق السائحة على خطته، بينما تتجه العربة إلى بوابة "الأقصر". بجانب سور المعبد، يمر "تروسيكل" يحمل أعلاه 10 أفراد من أهل المحافظة، من بوابة حديدية ممهورة ب"مرور الأقصر"، هو وسيلتهم الأرخص في الطريق إلى منزلهم بالحي الأثري. بمجرد أن تدخل معبد الأقصر، يلفت نظرك صرح عظيم، تبدأ أثاره ببوابة ضيقة. في الممر الضيق، يمر السائحون إلى ساحة أوسع، غير أنهم لا ينسوا التقاط الصور لأعمدته الشامخة. في الساحة الواسعة، وسطها، يلتقط صيني لزوجته صورة تذكارية، في خلفيتها تماثيل فرعونية. باستمرار السير، تلتقط الأعين أفواج من السائحين، يرأسها مرشد يعرف تاريخ الفراعنة. بين السائحين 4 من الفرنسيين، يلتقطون صور لكتابات ورسوم هيروغليفية نُقشت على الجدران قبل آلاف السنين. مع حلول ساعات الليل، تقل الأرجل داخل المعبد الذي شيده الفراعنة في العام 1400 قبل الميلاد، وتتجه نحو شارع الممشى الأشهر بين شوارع الأقصر. بالحنطور، يتنقل أغلب السائحين في الأقصر. يتحدث السائق الذي لم يكمل عامه ال20، عن تأثر معيشة أصحاب العربات من قلة الوافدين إلى مصر، فيما يتمنى أن يحمل الشتاء القادم الرزق لأهالي المحافظة القديمة. في شارع الممشى، تلحظ الأعين ركود المنتجات التي تمزج تراث الفراعنة بإرث الصعيد، بعد أن قلت السياحة إلى الأقصر قبل 6 سنوات. على أشهر مقهى بالشارع، يجلس السائحون، يستمعون إلى أغاني صعيدية تصدح من محل ضيق يقابل المقهى، يتفاعلون معها ويتراقصون على ألحانها، فيما تتلاعب سائحة بولندية بدخان الشيشة في ضحك. على بعد كيلو مترات قليلة من المقهى، تتواجد محطة قطار الأقصر، داخل عرباته، ينتظر المسافرون قضاء ساعات طويلة في الرحلة إلى مدنهم، فيما يتابع طفل صغير أراضي مزروعة على جانبي طريق السفر.
