كتب - يسرا سلامة ورنا الجميعي وصابر المحلاوي وعاطف مراد: تصوير - نسيم عبد الفتاح: لم يكن يتوقع أهالي "عزبة الشيخ"، أن يومهم سينقلب رأسًا على عقِب، كونهم ملاصقين للمنطقة التي شهدت تصادم بين القطار رقم 13 (القاهرة - الإسكندرية) ركاب بالقطار رقم 571 (بورسعيد - الإسكندرية) ركاب من الخلف، بمنطقة خورشيد – دائرة قسم شرطة ثاني الرمل الإسكندرية. يوم الجمعة، لم يكن كأي يوم جمعة، إجازة، كلٌ يتكوع داخل بيته، قبل أن يؤرق عقول مواطني العزبة صوت ك "القنبلة"، يُرهب الجميع.. يقول محمد طه، ميكانيكي من عزبة الشيخ، قبل أن يرن هاتفه، لينتقل من بيته إلى محل الحادث "جيراني قالولي تعالى فيه حادثة كبيرة حصلت"، لتمتد ساعد الرجل الأربعيني لإنقاذ المصابين، وانتشال الجثث "الناس كانت عبارة عن قطع لحمة في العربية"، يقول طه بحُزن. استعان طه مع أسامة رزق، الطالب بكلية تجارة دمنهور، بالصواريخ لتقطيع حديد بالقطار "عشان نطلع ست كانت الحديدة لازقة على جسمها"، يقول رزق "دي المفروض شغلانة الإنقاذ، لكن الإسعاف أول ناس جت للمكان بعد حوالي ساعة، هنطلع الناس ازاي !!". "طلعنا ميتين وناس بتطلع في الروح".. تقولها الحاجة صباح، تقطع كلامها سيدة أخرى "احكي يا حاجة عن الدم والناس اللي ماتت"، تستكمل صباح "الناس المُصابة سقيناهم مياه بسُكر.. والناس اللي ماتت غطيناهم بملايات". رائحة الموت لم تمنع قدوم الأهالي في ساعات الإنقاذ لمد يد المساعدة "عزبة الشيخ كلها شالت دم"، يقول أحد شهود العيان، فيما تُضيف سيدة تُدعى فاتن "لولانا كانت أهالي كتير ماتت.. كنا كلنا رجالة وشيلنا الناس اللي ماتت"، قبل أن تُضيف "النهاردة شُفنا الموت". يشكو الأهالي من عدم وجود مستشفى أو نقطة طوارئ إلا على الطريق الدولي في دمنهور، فيما تفتقد أقرب نقطة "مستوصف" لمستلزمات الطوارئ لإنقاذ المصابين، والتي تقع على طريق السكة الحديد. عند حوالي الثانية ظهرًا؛ سمع حسين (نجار مسلح)، صوت اصطدام رهيب؛ علم أنه حادث قطار، هرول إلى مكان الواقعة، وبدأ في استخراج جثث الضحايا وانتشال المصابين، يقول "البلد كلها كانت بتساعد". تتذكر "آمال" لحظة رؤيتها لقطار القاهرة، حيث تقع مكتبتها أمام المزلقان "شفت القطر معدي.. بعدها الإشارة فتحت وسمعت صوت الخبطة". يتذكر حسين مشهد السيدة التي أنقذها، واستنجدت به للاتصال بزوجها لتقول له صارخة "أمي.. وعيالي الاتنين ماتوا"، يؤكد حسين أن سيارات الإسعاف وصلت إلى موقع الحادث بعد نحو ساعة إلا ربع، وبعدها بدأت قوات الأمن في إبعاد الأهالي، إلا أنهم لازموا المكان، تحسبًا لطلب أي شخص منهم المساعدة. وقف "علي محمود" (44 سنة)، ويعمل سائقًا، في حالة ذهول شاخصًا ببصره نحو قضبان القطار التي تكسوها الدماء، قائلا: "اللي فايق كنا بنسعفه والميت كنا بنشيله نجهزه على عربية العيش لحد ما الإسعاف تيجي وتشيله". هرول السائق إلى مكان الحادث في محاولة لإنقاذ ما يمكن انقاذه: "مش هستنى الإسعاف لما تيجي" قالها متأثرًا، قبل أن يدخل شاب آخر في نوبة بكاء، متذكرًا لحظة مجيء رجل مسرعًا نحو البيوت المجاورة لمكان الحادث مستنجدًا "عايز سكينة بسرعة"، فابنته في الرابعة من عمرها وجزء من القطار يدهس يدها "كان عاوز يقطع إيديها عشان ينقذ حياتها"، موضحًا أن أهالي القرية قاموا بمساعدته ب "كوريك رفع" وقاموا بإنقاذها وتم نقلها للمستشفى مع المصابين. يلتقط عبدالرؤوف خيط الحديث قائلاً: "حرام اللي حصل.. الناس ماتت وماعرفناش نعمل حاجة"، ساردًا ما حدث وقت وقوع الحادث "الناس كانت متقطعة.. سيدة تسارع الموت تطلب إنقاذها من تحت عجلات القطار.. وأخرى طلبت إنقاذ طفلتها من تحت الكراسي وفور عودتي لها وجدتها ماتت".