قبل أسابيع، شاركت "مي محمد عبد الله"، الطالبة بالسنة النهائية بكلية الفنون الجميلة بجامعة المنيا، في صالون الشباب بالقاهرة، وذلك بقطعتين من مشروع تخرجها، وهما ماري منيب وعبد الفتاح القصري، ليلتقط الحضور صورا لهما، وتصبح منتشرة عبر مواقع التواصل الاجتماعي، بتعليقات تشيد بالفن المصري بالنحت. مي، ابنة إلمنيا، والتي تبلغ 22 عاما، ناقشت هذا الإسبوع مشروع تخرجها، والذي يتكون من ثماني شخصيات، من التراث الفني الضاحك، حصلت على إشادات لجنة التحكيم، أبرزهم مساندة مشرفها الدكتور "محمد جلال"، تجاه ما قدمته من نحت "كاريكاتيري" لتلك الشخصيات، وهو الفن الذي يندر في النحت بمصر. تقول مي ل"مصراوي" إن التعليقات الإيجابية بدأت منذ أول شخصيتين قامت بنحتهما، قبل أن يبدأ موعد مشروعات التخرج، وهو 35 يوما، صممت خلال تلك الفترة ستة شخصيات أخرى، وهم "حسن فايق، نجيب الريحاني، محمد رضا، إسماعيل ياسين، والطفلين "أحمد فرحات" من فيلم طاقية الإخفاء، و"إكرام عزو" من فيلم عائلة زيزي. بدأت موهبة الفن لدى مي منذ الصغر"أول حد يشجعني على الرسم هى أستاذتي في الحضانة"، سرعان ما تحولت الموهبة إلى رغبة في الدخول لكلية الفنون الجميلة، ويجذب عالم النحت جذب الفتاة الشابة. لاقت الفتاة استغرابا من زملائها باختيارها هذا التخصص، إذ إنه ليس سهلا للفتيات، لكنها وجدت فيه تحديا ومتعة في نفس الوقت. حتى فجر يوم المناقشة، كانت الفتاة تعكف على شخصياتها كما أبنائها، تصنع الثماني شخصيات بقدر من الانضباط "لازم يكون أكثر شبه للشخصية الحقيقية"، ومن أجل ذلك كانت تتقن النحت من جميع الزوايا، حتى "ظهر" الشخصية، وليس فقط القطع الأمامي، ثم تعود لمنزلها في الواحدة صباحا، بصحبة أخيها "أمي كانت بتزعل، لكن لما شافت النتيجة والمشروع وردود الفعل الايجابية فرحت بيا". كانت الفتاة تطبع صور الشخصية بزوايا متعددة أمامها، تشغل كذلك عدد من مقاطع الفيديو للشخصية، تذكر "تقريبا حفظت فيلم ابن حميدو"، لنحت شخصية عبد الفتاح القصري، تهتم بكل التفاصيل، الوجه، الملبس، الجسد "كنت بحاول أنقل روح الفنان على الطين الاسواني"، تقول مي. حجم كل شخصية لا يزيد عن 80 سم X 75 سم، ولأن تصبح كاركياتورية أمام الناظرين، فمقياس الشخصية هو أن يكون الرأس ضعف حجم الجسد. كانت أسهل الشخصيات على الناحتة الشابة "عبد الفتاح القصري"، وأصعبهم "حسن فايق"، تردف "حسن فايق غلبني.. مكنش عايز يطلع بسهولة"، ترواح كذلك الوقت في ال35 يوم لكل شخصية "لإن وقت المشروع قليل كنت مجهزة ماري والقصري قبلها، والباقي إللى خد 4 أيام، واللي أخد إسبوع". "الشخصية تكون الناس بتحبها ودمها خفيف، وتطلع معايا بسهولة، وليها قفشات".. بهذه الشروط وضعت الفتاة معايير اختيار الشخصيات الثمانية للنحت، ترضى الفتاة عن مشروعها، لم تستطع بسبب انهماكها بالعمل أن تطلع على التعليقات الايجابية على مواقع التواصل. يظل المشروع الآن ثابتا بالكلية، فيما لم تتوقف التعليقات الإيجابية للفتاة، من زملائها ومن معلقين عبر مواقع التواصل الاجتماعي، تتابع "طول الوقت باخد رأي الناس في الشخصيات لحد ما تطلع مظبوطة"، حتى انتهت منه على شكل هندسي، بمقياس 3 مترX 3 متر و60 سم. تلقت الفتاة عروضا كثير من معارض مختلفة بالقاهرة، وكذلك من مكتبة الاسكندرية، من أجل عرض التماثيل "الناس ما تعرفش إن التماثيل ثابتة في التصميم الهندسي في الكلية"، تعزم الفتاة على نحت الشخصيات من جديد على طين أسواني، وتحلم بأن تقيم معرضها الخاص "نفسي أنحت شخصيات كتير، بأحجام مختلفة". منذ اليوم الأول بقسم النحت، تتعرض لتعليقات عن "حرمانية" فن النحت، في البداية كانت ترد وتنفعل، أما بعد مرور الوقت "مبقتش ألتفت للردود دي، لإني مقتنعة بفتوى الإمام محمد عبده، بأن زوال سبب التحريم يؤدي لزوال التحريم، محدش بيعبد أصنام حاليا، عمرو بن العاص لما افتتح مصر لم يهد الأصنام لنفس السبب".