يحيي العالم غدا اليوم الدولي لليوجا 2017 تحت شعار "اليوجا والصحة"، ويبرز هذا الموضوع حقيقة أن اليوغا يمكن أن تسهم بطريقة شاملة لتحقيق التوازن بين العقل والجسم. ويعتقد المنظمون أن هذا النهج يمكن أن يسهم مساهمة مباشرة ومفيدة في السعي البشري لتحقيق التنمية المستدامة والتحرك نحو أنماط الحياة التي تتفق مع الطبيعة. وتعد اليوغا تمرينا بدنيا وعقليا وروحيا قديما نشأ في أرض الهند، ومفرد 'يوجا' مشتقة من اللغة السنسكريتية وتعني الانضمام أو الاتحاد، وترمز إلى وحدة الجسد والشعو، وتمارس اليوجا اليوم بطرق متنوعة في أرجاء العالم كما أنها تزداد شعبية، واعترافا بشعبيتها العالمية، قررت الأممالمتحدة في 11 ديسمبر العام 2014 إعلان 21 يونيو يوما عالميا لليوجا بموجب القرار 131/69، ويهدف اليوم العالمي لليوجا إلى إذكاء الوعي العالمي بالفوائد الكثيرة لممارسة اليوجا. وكانت الهند قدمت مشروع قرار لتخصيص يوم عالمي لليوجا، ولقي مشروع القرار تأييد 175 دولة من الدول الأعضاء..فكان رئيس الوزراء ناريندرا مودي هو أول من اقترح هذا اليوم في كلمته خلال افتتاح الدورة رقم 69 للجمعية العامة التي قال فيها إن اليوجا هدية لا تقدر بثمن من تقاليدنا القديمة، وتجسد وحدة الجسد والعقل، والفكر والعمل، ونهج شامل مهم لصحتنا ورفاهنا..فاليوجا ليست تمرينا وحسب وإنما وسيلة لاكتشاف شعور الوحدة مع النفس ومع العالم ومع الطبيعة. ويشير القرار إلى أهمية اختيار الأفراد والسكان اختيارات صحية واتباعهم أنماط معيشية تعزز الصحة الجيدة، وفي هذا الصدد لم تفتئ منظمة الصحة العالمية تحث الدول الأعضاء على مساعدة مواطنيها في العمل على الحد من الخمول البدني، الذي يعد أحد عشرة أسباب للوفاة في أرجاء العالم، فضلا عن أنه عامل خطير في الأمراض غير المعدية مثل أمراض القلب والسرطان والسكري. واليوجا ليست نشاطا بدنيا وحسب..فأكد رئيس الدورة 69 للجمعية العامة سام كوتيسا في كلمته التي ألقاها قبل التصويت على القرار على هذه النقطة، فقال" لقرون عدة، لا يزال الناس يمارسون اليوجا لما يدركونه من تجسيدها الفريد لاتحاد العقل والجسد..فهي تنمي طرق الحفاظ على نمط متوازن في الحياة اليومية وتضفي مهارة على أداء الفرد. واليوجا رياضة هدفها دمج العقل والجسد ضمن وحدة واحدة متجانسة، وكلمة اليوجا تعني وحدة الفكر، وهي رياضة تناسب جميع الأعمار، خاصة لأنها تتم دون استخدام أي من الأجهزة الرياضية، وممارسة هذه الرياضة بشكل مستمر يحقق الكثير من الفوائد للجسم. ومنشأ هذه الرياضة الأصلي يعود إلى الهند، فقد عرفها الهنود منذ ما يقارب 5000 سنة، إلا أن الغرب عرفوها في القرن التاسع عشر، ففي أواخر هذا القرن وبدايات القرن العشرين أخذ معلمو رياضة اليوجا ينتقلون إلى الغرب، بحيث جذبوا عدداً من المتابعين. وفي عام 1947، تم افتتاح ستوديو لليوجا في هوليوود عن طريق اندرا ديفي، وقد زاد ذلك من عدد الرواد الغربيين والمعلمين الهنود بشكل كبير، وزادت شهرة اليوجا لتحصل على ملايين المتابعين، ولهذه الرياضة العديد من المدارس والأنماط التي تختلف من واحدة لأخرى. مدارس اليوجا: الأنوسارا نشأت عام 1997م من قبل الأمريكي جون فريند، وتتميز هذه المدرسة بكونها تعتقد أن الإنسان بطبيعته وغريزته صالح ، ويتم استغلال الممارسات البدنية لتشجيع الممارسين لهذه اليوجا، إضافة للشعور بالنعمة، بحيث تخرج جميع الصفات الصالحة من باطن الإنسان. أشتانغا: وتنطبق على التعاليم القديمة لليوجا، ونقل تابي جويس في السبعينات من القرن العشرين بنقل هذه المدرسة إلى الغرب، وتعد هذه اليوجا دقيقة، فتستخدم وضعيات متسلسلة يتم فيها ربط كل حركة منها بطريقة تنفس معينة، وهذه اليوجا تحتاج إلى ممارسة وتدريب. بيكرام: تم إنشاء هذه المدرسة من قبل بيكرام تشودوري، حيث تقام في غرف أو قاعات ذات درجات حرارة عالية، خلال سلسلة من 26 وضعية يتعرق الشخص بشكل كبير، وتعد هذه المدرسة من أكثر المدارس شيوعا، ويسهل إيجادها. هاذا: ويطلَق مسمى هاذا على أي نوع من أنواع اليوجا التي تقوم بتعليم وضعيات وممارسات بدنية، فمعظم أنواع اليوجا الموجودة في الغرب هي من نوع هاذا، وهي بسيطة بطبيعتها، فلن يتعرق الشخص الممارس لها، وهي بالعادة تقوم بتعليم وضعيات أساسية وبسيطة في اليوجا. اليوجا الساخنة: وتشبه بحد كبير يوجا بيكرام عدا فروق بسيطة، ولكن كلا النوعين يعتمد على الغرف الساخنة في الممارسة. آيينغار: هي يوجا دقيقة جدا، وتتطلب تركيزاً عالياً من أجل الوصول إلى الوضعية المطلوبة، من أجل مساعدة الممارسين على اتخاذ الوضعيات المناسبة ، وتستخدم عدة أنواع من الدعائم (وسائد، كراسي، أشرطة، إلخ...). ويتطلَب هذا النوع تمريناً شاملاً لتطبيقه بالطريقة الصحيحة. المنعشة: وتقوم بإراحة الشخص وإزالة التوتر، وتستخدم بعض الدعائم كالأغطية والوسائد من أجل إراحة الجسم، وتمكن الممارسين من الاستفادة دون بذل أي مجهود إضافي، فحصة يوجا منعشة تقام بالشكل الصحيح كافية لتنعش الجسم أكثر من أخذ قيلولة، وتقام هذه اليوجا عادة ليالي الجمعة في النوادي والاستوديوهات. فينياسا : كلمة فينياسا وهي كلمة سنسكريتية تعني (جعل الشيء مميزاً)، وتشير إلى بعض الوضعيات التي يتم اتخاذها، وتعد تمارين يوجا الفينياسا سلسة وكثيفة، ويقوم معلمو هذه اليوجا بتصميم رقصات تسهِل الانتقال من وضعية لأخرى ، وأحياناً يتم وضع موسيقى أثناء القيام بالرقصات. وتتميز يوغا الفينياسا بكونها تكسر الروتين في كل مرة، فلا تتشابه حصتين من يوجا الفينياسا مع بعضها البعض. ولتمارين اليوغا فوائد عظيمة، منها ما هو للصحة الجسدية، ومنها ما هو للراحة النفسية، ومن هذه الفوائد ، تعمل بعض تمارين اليوجا على حرق الدهون، وبالتالي خسارة الوزن، ولها دور كبير في التخلص من القلق والتوتر، كما تزيد من الشعور بالاسترخاء لأنها تعلم الإنسان كيفية التأمل، كما أنها تزيد من مرونة الجسم بما فيها الظهر والأكتاف ، وتخفف من آلام الظهر بشكل كبير. وبحسب الدراسات العلمية الحديثة، فقد تم إثبات أن اليوجا تقلل الإصابة بالاكتئاب، وتساعد على النوم بشكل أفضل؛ لأنها تحسن المزاج وتحارب الأرق، كما أنها تجدد طاقة الجسم وتشعره بالانتعاش والحيوية، وتحسن من حالة الجسم الداخلية، وشد الجسد وعضلاته بالكامل، وتمده بطاقة كبيرة وتجعله أكثر اتزانا، وتعمل على زيادة الطاقة الجنسية، وتزيد من كفاءة عملية التنفس، تخفف من آلام الطمث وأعراض ما قبل الطمث، تعمل على رفع مستوى الهيموغلوبين في الدم، ما يقي الجسم من الإصابة بفقر الدم، وتساعد في العلاج من التهاب المفاصل. وكشفت دراسة مشتركة بين فرق علمية من بريطانيا وفرنسا عن فوائد كبيرة لرياضة اليوجا، يتقدمها عامل التقليل من خطر الإصابة بمرض السرطان، فضلاً عن الفوائد العامة في مجال الصحتين البدنية والنفسية. وأوضحت الدراسة العلمية أن رياضة اليوجا تقلل خطر الإصابة بنسبة كبيرة، من خلال تغيير عناصر في الحمض النووي، فوجدت الدراسة أن ممارسي اليوجا بشكل منتظم تطورت لديهم بشكل ملحوظ المادة المقاومة للالتهابات المرتبطة بالسرطان، كما توصلت الدراسة إلى أن ممارسي رياضة اليوجا ينتجون كميات قليلة من المادة الجينية المسببة للالتهابات بشكل عام، والتقليل من ظهور الشيخوخة، وضعف الصحة النفسية الذي تسببه ضغوط العمل، والحياة بشكل عام. وأشارت إيفانا بورك الباحثة في جامعة "كوفنتري" البريطانية، أن رياضة اليوجا من خلال تغييرها الإيجابي لمواد في الحمض النووي للإنسان، تسهم في التسريع من التئام الجروح، والقيام بدور أكبر في التقليل من خطر العدوى الذي تسببه أنواع مختلفة من الجروح. من جهتها أكدت دلفين سامبيك المتخصصة في العلاج الفيزيائي من جامعة باريس ، أن المشي مدة 30 دقيقة يومياً مع ممارسة رياضة اليوجا سيحقق نتائج مذهلة للذين يعتمد عملهم على الجلوس لفترات طويلة.