تعرف على أسعار الدولار فى البنوك اليوم الجمعة    أسعار البيض والفراخ في الأقصر اليوم الجمعة 24 مايو 2024    أمريكا تستعد للقيام بدور "بارز" في غزة ما بعد الحرب.. تفاصيل    اكتشاف كوكب جديد قد يكون صالحا للحياة ومشابها للغلاف الجوي للأرض    هل ارتفاع الحرارة في الربيع مؤشر على سخونة الصيف؟.. الأرصاد تحسم الجدل    الصحة العالمية: شركات التبغ تستهدف جيلا جديدا بهذه الحيل    اليابان ترسل 4 آلاف جندي و200 آلية للمشاركة في مناورات أمريكية    الأهلي يختتم استعداداته اليوم لمواجهة الترجي التونسي    يمنى الحماقي: التعويمات المتكررة تسببت في إفقار الطبقة المتوسطة    تعرف على أسعار ومميزات السيارة اليابانية سوزوكي سياز 2024 Suzuki Ciaz    استقرار سعر الدولار أمام الجنيه المصري اليوم    حظك اليوم برج العقرب 24_5_2024 مهنيا وعاطفيا..تصل لمناصب عليا    «الإفتاء» توضح مناسك الحج بالتفصيل.. تبدأ بالإحرام    «القاهرة الإخبارية»: قصف مدفعي للاحتلال على المناطق الشرقية لمدينة دير البلح    موعد مباراة جنوى وبولونيا في الدوري الإيطالي    بعد انكسار الموجة الحارة.. تعرف على حالة الطقس اليوم    نتيجة الشهادة الإعدادية 2024 برقم الجلوس الصف الثالث الإعدادي الترم الثاني محافظة جنوب الوادي    مقتل مُدرس على يد زوج إحدى طالباته بالمنوفية    مصرع شخص فى مشاجرة بسبب خلافات الجيرة بالفيوم    45 دقيقة متوسط تأخيرات القطارات على خط «طنطا - دمياط».. الجمعة 24 مايو 2024    هشام ماجد: أرفض المقارنة بين مسلسلي «أشغال شقة» و«اللعبة»    عودة الروح ل«مسار آل البيت»| مشروع تراثي سياحي يضاهي شارع المعز    مدرب الزمالك السابق.. يكشف نقاط القوة والضعف لدى الأهلي والترجي التونسي قبل نهائي دوري أبطال إفريقيا    مواقيت الصلاة اليوم الجمعة 24 مايو في محافظات مصر    ألمانيا: سنعتقل نتنياهو    أوقاف الفيوم تنظم أمسية دينية فى حب رسول الله    شخص يحلف بالله كذبًا للنجاة من مصيبة.. فما حكم الشرع؟    نقيب الصحفيين يكشف تفاصيل لقائه برئيس الوزراء    هيثم عرابي: فيوتشر يحتاج للنجوم.. والبعض كان يريد تعثرنا    عائشة بن أحمد تكشف سر العزوبية: أنا ست جبانة بهرب من الحب.. خايفة اتوجع    وفد قطرى والشيخ إبراهيم العرجانى يبحثون التعاون بين شركات اتحاد القبائل ومجموعة الشيخ جاسم    «حبيبة» و«جنات» ناجيتان من حادث معدية أبو غالب: «2 سواقين زقوا الميكروباص في الميه»    تمنحهم رعاية شبه أسرية| حضن كبير للأيتام في «البيوت الصغيرة»    الزمالك ضد فيوتشر.. أول قرار لجوزيه جوميز بعد المباراة    منتخب مصر يخسر من المغرب فى ربع نهائى بطولة أفريقيا للساق الواحدة    بركات: مواجهة الترجي ليست سهلة.. ونثق في بديل معلول    تشييع جثمان شقيق مدحت صالح من مسجد الحصرى بعد صلاة الجمعة    أصداء «رسالة الغفران» في لوحات عصر النهضة| «النعيم والجحيم».. رؤية المبدع المسلم وصلت أوروبا    الهندية كانى كسروتى تدعم غزة فى مهرجان كان ب شق بطيخة على هيئة حقيبة    السفير رياض منصور: الموقف المصري مشرف وشجاع.. ويقف مع فلسطين ظالمة ومظلومة    بوتين يصل إلى بيلاروس في زيارة رسمية تستغرق يومين    متحدث الوزراء: المجلس الوطني للتعليم والابتكار سيضم رجال أعمال    يوم الجمعة، تعرف على أهمية وفضل الجمعة في حياة المسلمين    سورة الكهف مكتوبة كاملة بالتشكيل |يمكنك الكتابة والقراءة    كسر محبس مياه فى منطقة كعابيش بفيصل وانقطاع الخدمة عن بعض المناطق    شعبة الأدوية: التسعيرة الجبرية في مصر تعوق التصدير.. المستورد يلتزم بسعر بلد المنشأ    وفد قطري يزور اتحاد القبائل العربية لبحث التعاون المشترك    إخفاء وإتلاف أدلة، مفاجأة في تحقيقات تسمم العشرات بمطعم برجر شهير بالسعودية    إصابة فتاة إثر تناولها مادة سامة بقنا    «صحة البرلمان» تكشف الهدف من قانون المنشآت الصحية    "قمة اليد والدوري المصري".. جدول مباريات اليوم والقنوات الناقلة    حظك اليوم برج الجدي الجمعة 24-5-2024 على الصعيدين المهني والعاطفي    افتكروا كلامي.. خالد أبو بكر: لا حل لأي معضلة بالشرق الأوسط بدون مصر    مندوب فلسطين بالأمم المتحدة: الحصول على العضوية الكاملة تتوقف على الفيتو الأمريكي    لمستخدمي الآيفون.. 6 نصائح للحفاظ على الهواتف والبطاريات في ظل الموجة الحارة    «فيها جهاز تكييف رباني».. أستاذ أمراض صدرية يكشف مفاجأة عن أنف الإنسان (فيديو)    انتهاء فعاليات الدورة التدريبية على أعمال طب الاسرة    في إطار تنامي التعاون.. «جاد»: زيادة عدد المنح الروسية لمصر إلى 310    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



محمد رمضان.. و"النافذة الديموجرافية" في مصر
نشر في مصراوي يوم 10 - 06 - 2017

رمضان العام الحالي مختلف في مصر بسبب غياب محمد رمضان عن شاشة الفضائيات.. هذه الجملة يرددها الكثير من الشباب من مختلف الطبقات الاجتماعية في مصر، أنا شخصياً أشعر بالذهول، فهل أصبح الجيل من مواليد السبعينيات بعيداً تماماً لهذه الدرجة عن واقع وأفكار واتجاهات الجيل الجديد من الشباب (من 15 إلى 25 عاماً)؟
هذا الجيل سيكون لغزاً اجتماعياً يجب بحثه قبل أن تهب عواصف أو تتغير معادلات، ونحن نعيش وهم أن الثابت هو المطلق، فيما لا يزال رأي هيجل صحيحا طوال الوقت، فالتغيير هو الثابت الوحيد في عالمنا.
من ينتمون للطفرة الشبابية، (وهي نسبة السكان في عمر 15 -29 عاماً من إجمالي السكان في سن العمل من 15 إلى 65 عاماً)، هم جيل تفتح وعي أغلبه بعد ثورة 25 يناير 2011 بكل إيجابياتها وسلبياتها وانتهاء بحكم جماعة الإخوان الإرهابية.
بدءاً فإن تحول محمد رمضان لرمز عابر للطبقات والشرائح الاجتماعية في مصر، يمثل ظاهرة لا تتكرر كثيراً في المجتمعات، فعادة يرتبط النجم السينمائي بصعود طبقة اجتماعية أو بشريحة اجتماعية أو تحول سياسي أو اقتصادي.
فصعود عادل إمام النجم الأهم في تاريخ السينما المصرية جاء في ظل سعي جيل لتجاوز أزمة سقوط الناصرية، والتوافق مع التحولات الاجتماعية في عصر السادات ومبارك بحلم الصعود المفاجئ. كما كان أحمد زكي تعبيراً عن شباب يرفض الاستسلام لواقع صعب في ظل تراجع أحلام الهجرة والثراء السريع.
جاء محمد رمضان ليصبح نجم مصر الأول في مرحلة ما بعد 2011، ولكن هذه المرة متجاوزاً الشرائح الاجتماعية، فهو ذلك الشاب القادر على تحدي الجميع بالثروة والقوة، وليس بالطيب أو الشرير، بل هو بطل "ظالم ومظلوم" في نفس الوقت.
في ظل التحولات الاجتماعية التي تشهدها مصر من 2005، بدا أن جيل الشباب أصبح يهيمن عليه أبناء الطبقة الوسطى الذين مدوا تأثيرهم للشرائح الوسطى والعليا، بل وأصبح هناك توجه لتبني رموز وممثلي الطبقات الأفقر والأكثر شعبية، كممثلين لهذه الشرائح، وهو ما وضح في ظاهرة نفوذ شعبان عبد الرحيم – في ذلك الوقت- وسط الطبقات الأغنى والشرائح العليا.
ومع ثورة 2011، كان هذا التوجه جلياً، وقاد شباب الطبقة الوسطى المجتمع من أجل مواجهة سياسية، تبنى خلالها رموز سياسية واجتماعية للطبقات الأفقر.
ومع انكسار أو تراجع أو أزمة أو انكشاف (سمها كما شئت بحسب توجهك السياسي) ثورة 25 يناير، كان البديل في بطل عابر للطبقات يعبر عن مركب جديد اجتماعياً، هو البطل حامل التناقضات الشرير والطيب، القاتل والحنون، حلم البلطجي الجميل.
ملامح أقرب لمواصفات ابن الأحياء الشعبية مع ثقافة التحدي انطلاقاً من قاعدة لا شر ولا خير ولا نصر ولا هزيمة، البطل المنتشي بانتصاراته وثرواته.. هل ننسى قصة سيارات محمد رمضان قبل عام؟
إن ظاهرة محمد رمضان قد تبدو غريبة على السالكين في طريق الأربعينيات اليوم، فأبناء السبعينيات جيل توافق تشكيل وعيه الاجتماعي والسياسي مع "يوتوبيا" البحث عن التغيير في البطل الطيب والمنتصر سواء كان عادل إمام أو أحمد زكي.
إن صعود محمد رمضان بتركيبته الجديدة المعبرة عن وعي كتلة جديدة من الشباب بمثابة الصدمة التي تم استقبالها في البداية برفض قبول تواجده أصلاً– كما حدث مع الأسطورة أحمد عدوية-، ثم النقد العنيف وأخيرا قبول التعايش من منطق الضرورة.
مع غياب محمد رمضان عن شاشات الفضائيات في دور البطل، فإن جيله صنع له بطولته عبر الإعلانات وتحول إعلانه للتبرع للمرضى هو الخبر الأهم (بمقاييس القراءة والاهتمام) في رمضان 2017.
ما علاقة ما سبق بالعنوان.. ما هي ضرورة التفلسف الزائد والحديث عن النافذة الديموجرافية ومحمد رمضان؟ .. هذا لسان حال القارئ
عودة على بدء فإن مصر دخلت منذ نهاية العقد الماضي وبالتحديد في 2009 مرحلة هامة من مراحل التحولات السكانية والاجتماعية وهي مرحلة "النافذة الديموجرافية" أو كما يحب علماء اجتماع تسميتها "الهبة الديموجرافية".
هذه المرحلة يبدأ فيها ارتفاع فرص النمو الاقتصادي مع ارتفاع نسبة الأشخاص في سن العمل بالتوافق مع تراجع نسبي في معدل الخصوبة يقلل معها نسبة الإعالة في المجتمع.
بقول آخر أن يكون لدينا نموذجان الأول الأسرة مكونة من 5 أشخاص أب وأم يعملان وثلاثة أبناء اثنين منهما يعملون بأجر، وبالتالي تصبح الأسرة بها 4 أشخاص يحصلون على دخل شبه ثابت/ أي أن 80٪ من الموجودين بالمنزل الواحد يحصلون على دخل.. في مقابل النموذج الثاني أسرة تتكون من 8 أفراد والد ووالدة و6 أبناء يعمل منهم الأب واثنان فقط من الأبناء أي أن 35٪ فقط من الأسرة يحصلون على دخل.
وعندما تزيد نسبة النموذج الأول عن النموذج الثاني فإنه يعني بدء دخول المجتمع مرحلة الهبة الديموجرافية، واستقبال المجتمع مجموعات جديدة من الشباب أكثر وعياً وأكثر استقراراً مقارنة بالأجيال السابقة، فهي لديها طموحات أكبر بكثير سياسية واجتماعية واقتصادية.
إن مصر ديموجرافيا واجتماعيا دخلت مرحلة النافذة الديموجرافية في 2009، – وفكرة أنها هي التي قادت لثورة 2011 حديث هام ومؤجل –، وهي مرحلة تتوافق على مستوى البنية الفوقية صعوداً لبطل عابر للطبقات والشرائح الاجتماعية، حيث يتشابك استقرار الطبقة الوسطى النسبي، -بعيداً عن ندب طبقتنا المعتاد من تراجعها ومعاناتها وتأكلها–، مع استقبال شبابها ضيوفا جددا من أبناء الطبقات الشعبية والأفقر، فاتجه شباب الطبقة الوسطى بشكل غير واعي لاستقبال رموز هذه الطبقات الشعبية بالترحاب في سياق صناعة الهوية المشتركة لجيل من الشباب دخل مرحلة "النافذة الديموجرافية".
وتصادف أو صنع (كل طرف يراها حسب هواه السياسي) هذا الجيل تحولاً سياسياً كبيراً في 2011، ولكنه لم ينجح في أن يفرض أجندته لأسباب عدة ليس هذا محلها، فبحث عن بطل أو رمز يعبر عن الطبقات الأكثر فقرًا، ولكنه بطل غير مغلوب على أمره بل يتحدى مجتمع الآباء في الشكل وفي الهوية وفي رفضه للهزيمة، ولا يحلم بيوتوبيا بل أكثر واقعية من الأبطال السابقين.
في هذا السياق، المركب اجتماعياً وسياسياً كان المتحدث فنيا عن "النافذة الديموجرافية" هو محمد رمضان بكافة سماته الشكلية والموضوعية.
وفي النهاية لماذا هي "نافذة دموجرافية" وليس "هبة ديموجرافية" كما يحلو لمعظم علماء الاجتماع تسميتها؟ لأنها مرحلة قد تستمر لعقود ولكنها تغلق في النهاية مع بدء عملية تحول ديموجرافي جديد وهي النضج الديموجرافي، وهيمنة الكبار على التركيبة السكانية، وعندها سنعود للبطل الممثل التقليدي للطبقة الوسطى المتعايشة كما مثله نجيب الريحاني في الأربعينيات.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.