يومان يفصلانا عن موعد الانتخابات التشريعية في هولندا، وفي هذه الأثناء يُكثّف السياسي اليميني المُتطرف، خيرت فيلدرز، حملته الانتخابية بتنظيمه وقفة احتجاجية أمام مقر السفارة التركية في لاهاي، شارك فيها عشرات للمطالبة بمنع إجراء تجمّع في روتردام يؤيد تعزيز سلطات الرئيس التركي رجب طيب أردوغان. ويُعد الأشقر اليميني المتطرف أحد اللاعبين الرئيسيين في الانتخابات الهولندية، وواحدًا من أبرز القادة الشعبويين المثيرين للجدل في أوروبا. حياته وُلِد "فيلدرز" في بلدية فينلو الفقيرة، الواقعة بمقاطعة ليمبورخ الهولندية، على الحدود مع ألمانيا. وشبّ مع أخ وأختين هو أصغرهم، لعائلة من الكاثوليك الرومان، في تناغم مع المجتمع المحافِظ المحيط بهم، وفقًا لمجلة "بوليتيكو" الأمريكية. يُتقن "فيلدرز" اللغة الليمبورجية، التي تجمع ما بين الألمانية والهولندية، وتُشير "بوليتيكو" إلى إتقانه إيّاها بفضل تواجده مع زُمرة من أصدقائه والمُقرّبين له من ليمبوج، يتحدّثون اللهجتين معًا، من بينهم أحد أصدقاء طفولته الذي جعله ينتقل من حيّه القديم إلى لاهاي. ظهرت بوادر التحوّل السياسي للشاب الأشقر ذوي الميول المتطرّفة في أوائل العشرينات من عمره، بعد إنهاء خدمته العسكرية ودراسته في الجامعة المفتوحة، وبعدها وجد فرصة للعمل في إدارة الضمان الاجتماعي، وصُدِم حينئذٍ بما يكتنف المجال من خلل وظيفي. أبرز القادة الشعبويين المثيرين للجدل في أوروبا ودخل فيلدرز الحياة السياسية عام 1990 بصفته متخصصًا في السياسات الاجتماعية، يقدم المشورة لأصحاب التيار الليبرالي حول سبل خفض إعانات البطالة التي كانت في غاية السخاء في هولندا حينذاك. ويتذكر زملاؤه أنه كان يتصرف كخبير يتمتع بتمكن سياسي مُحنّك من تخصصه الفني وليس لديه الوقت للمناسبات الاجتماعية. بدأت مسيرة "فيلدرز" السياسية بالالتحاق بحزب "الشعب للحرية والديمقراطية" VVD- حزب منافسه الحالي، رئيس الوزراء مارك روته، وصولًا إلى تأسيسه حزب "من أجل الحرية"، PVV، اليميني المتطرف عام 2006؛ بُغية "خفض أعداد المسلمين في هولندا". ألقاب حصل فيلدرز ذو ال 63 عامًا، على ألقاب عدة، بينها "موزارت"؛ بسبب شعره الأشقر المنتفخ ذي اللون البلاتيني الذي أصبح بمثابة علامة تجارية مُرتبطة ببداية حظر السفر من بريطانيا. إدراج فيلدرز ضمن قوائم أهداف طالبان وتنظيم القاعدة كما لُقِب ب "ترامب هولندا"، في إشارة إلى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، ليس بسبب كونهما شقراوين ذي تسريحة شعر غريبة، ولكن – وكما تقول بوليتيكو- لأنهما يمتلكان الموهبة نفسها في استغلال حالة الجدل المُثارة حولهما للهيمنة على وسائل الإعلام وجذب الأنظار بما يصُب في صالح الأجندة الخاصة بكليهما. كما عُرِف فيلدرز بأنه يُعاني "فوبيا" من الإسلام والمُسلمين، فبحسب صحيفة "التليجراف" البريطانية، فقد شبّه القرآن الكريم بالسيرة الذاتية للنازي أدولف هتلر، التي تحمل اسم "كفاحي". مواقفه السياسية وقف فيلدرز موقف المُناهِض لقضية الهجرة، على مدى أكثر من عِقد من الزمان، وارتفعت وتيرة هذا الموقف في ظل أزمة اللاجئين في أوروبا. كما تعهّد السياسي الهولندي بفرض حظر على هجرة المسلمين إلى هولندا، وحظر استخدام القرآن، وغلق كافة المساجد ومراكز اللجوء، وسحب هولندا من الاتحاد الأوروبي، حال فوزه برئاسة الوزراء. كما ذكرت "بي بي سي" أن فيلدرز اشترك في إنتاج فيلم سابق هاجم النبي محمد والدين الإسلامي كله. وفي 2010، طالب فيلدرز الحكومة الهولندية الجديدة وكذلك الاتحاد الأوروبي ودول العالم بإلغاء الاعتراف بالأردن، وإطلاق اسم فلسطين عليها. وقال فيلدرز إن "الأردن هي فلسطين وتسمية الأردنبفلسطين من شأنها أن تنهي أزمة السلام فى الشرق الأوسط بإيجاد وطن بديل للفلسطينين". أعلن القضاء الهولندي إحالة فيلدرز لاتهامه بنشر افكار للتحريض ضد المغاربة لم يقتصر الأمر على مواقفه المُناهضة للهجرة والمُعادية للإسلام والمسلمين وحسب، بل امتدت لتوجيه السُباب لبعض الدول، كما المغرب، بعد سبّه الجالية المغربية، ووصف أغلب شبابها بأنهم "حُثالة". وقال فيلدرز: "هناك الكثير من حثالة المغاربة في هولندا، وهم الذين يجعلون شوارعها غير آمنة". وأضاف: "إذا أردتم أن تستعيدوا بلادكم، وتجعلوا هولندا للهولنديين، يمكنكم أن تصوتوا لحزب واحد فقط"، لكنه أكد أنه لا يستطيع تعميم صفة "حثالة" على جميع المغاربة، بحسب شبكة بي بي سي الأمريكية. وتأتي هذه التصريحات المثيرة للجدل بعد شهرين فقط من اتهامه بالترويج للكراهية في أعقاب إطلاقه وعودًا بتقليل عدد المغاربة في هولندا. إلى جانب ذلك، تشير "بوليتيكو" إلى إدراج فيلدرز ضمن قوائم أهداف طالبان وتنظيم القاعدة. "مشاغبات قانونية" واجه فيلدرز مشكلات قانونية متكررة في هولندا، في ظل ما تفرضه من قوانين خطابة تُعد اكثر صرامة من المُطبّقة في الولاياتالمتحدة، طبقًا لما أوردته شبكة "إن بي سي" الأمريكية. في 2014، أعلن القضاء الهولندي إحالة فيلدرز لاتهامه بنشر أفكار للتحريض ضد المغاربة خلال حملته الانتخابية في مارس. ووجهت الاتهامات لفيلدرز بعد خطاب ألقاه خلال حملته الانتخابية في لاهاي، حيث شن هجومًا حادًا على المغاربة المقيمين في البلاد ثم سال أنصاره "هل تريدون مغاربة أقل أو أكثر في هولندا؟" فرددوا قائلين "أقل ..أقل". فيما برئت ساحة فيلدرز في عام 2011 من تهمة التحريض بعد اتهاماه بالتشجيع على كراهية المسلمين. وضعه في استطلاعات الرأي تشير التليجراف إلى تصدّر فيلدرز في نتائج استطلاعات الرأي العام الماضي، غير أنه بدأ الآن يفقد شعبيته بين أوساط الديمقراطيين المحافظين واشتراكيي اليمين المتطرف، مع اقتراب موعد الانتخابات. تعهّد السياسي الهولندي بفرض حظر على هجرة المسلمين إلى هولندا هل يمكن أن يُصبح رئيسًا للوزراء؟ تقول "التليجراف" إن ثمة احتمالات قليلة تُرجّح بأن فيلدرز سيصبح قائدًا، وسط توقعات بفوز حزبه ب 27 مقعدًا في البرلمان، بواقع 76 في حاجة إلى شغلهم لتشكيل حكومة. وعلى نحو قاطع، رفضت أحزاب أخرى تشكيل ائتلاف مع فيلدرز، ما رفع بدوره من احتمالية أن يُمنع زعيم أكبر الأحزاب الهولندية المحتملة في البرلمان من تولّى إدارة البلاد للمرة الأولى منذ 1977. وبدلًا من ذلك، يتوقّع محللون بقاء فيلدرز في موقفه المُعارض، بينما يُشكّل الائتلاف المكوّن من أربعة أو أكثر من ال 28 حزب لحكومة. فيلدرز وترامب