تباين أراء اقتصاديون بشأن تقييمهم لأداء المجموعة الاقتصادية في إدارة الملف الاقتصادي خلال عام 2016، فمهنم من يرى أن الأداء كان دون المستوى ولابد من تغيير فوري لهذه الحكومة، بينما يرى البعض أن "الحكومة عملت اللي عليها" . وخلال استطلاع أجراه مصراوي معهم، أكدوا أن هذا العام كان صعبًا على جميع الأصعدة، وتعرض فيه المواطنون للعديد من الضغوط والتأثيرات السلبية نتيجة القرارات التي اتخذتها الحكومة. وكانت المجموعة الوزارية الاقتصادية عكفت على اتخاذ بعض القرارت "الصعبة" في إطار برنامج أعلنته لاصلاح الاقتصاد المصري، ومن أبرز تلك القرارت تحرير سعر صرف الجنيه، وخفض دعم المواد البترولية، ورفع أسعار الكهرباء، وتطبيق ضريبة القيمة المضافة. وتسببت هذه القرار في تعرض مصر لموجة غلاء، وتسجيل التضخم السنوي مستويات قياسية وصل إلى 20 بالمئة في شهر تعويم الجنيه نوفمبر الماضي، مقابل 14 بالمئة خلال أكتوبر. وشهد شهر مارس الماضي تعديلًا وزاريًا في حكومة الدكتور شريف إسماعيل من بينهم بعض وزراء المجومعة الاقتصادية، وهم وزارة المالية ووزارة الاستثمار، حيث تولى الدكتور عمرو الجارحي وزارة المالية بدلًا عن الدكتور هاني قدري، وداليا خورشيد بدلًا من الدكتور أشرف سالمان الوزير السابق. 2016 الأسوء اقتصاديًا من جانبها، قالت الدكتورة عالية المهدي استاذ الاقتصاد وعميدة كلية سياسة واقتصاد بجامعة القاهرة الأسبق، إن تقييم الأداء الاقتصادي للحكومة يقاس بعدة مؤشرات ومنها معدل النمو، والتضخم، والبطالة، والفقر، وشهدت هذه المؤشرات في عهد الحكومة الحالية تغيرات سلبية هذا العام لم تحدث منذ سنوات طويلة. واعتبرت عالية المهدي - خلال اتصال هاتفي مع مصراوي -، أن القرارات الاقتصادية التي اتخدتها الحكومة في 2016 كانت في مجملها سيئة وليس لها أي مردود إيجابي على الاصلاح الاقتصادي، مضيفة "الحكومة خدت من المواطن كل حاجة ومدتهوش أي حاجة". وأضافت "أي حكومة قوية تقدر تعمل أكتر من كدا، فين الاصلاح اللي اتعمل كما أنه لايوجد اصلاح اقتصادي في دولة ويكون معدل نموها أقل من 4 بالمئة، حيث أن ارتفاع هذا المعدل من المفترض أن يكون مؤشر لبداية الاصلاح وليس العكس". وأكدت أن 2016 كان من أسوء الأعوام اقتصاديًا فقد ارتفع معدل التضخم لنحو 20 بالمئة وهذا لم يحدث خلال ال30 سنة الماضية، كما ارتفع معدل البطالة إلى 21.7 بالمئة بزيادة نحو 50 بالمئة عن عام 2010، وتزايدت نسبة الفقر إلى 28.7 بالمئة، وارتفاع الدين العام الأجنبي والمحلي، كل هذه النسبة لم تشهدها مصر من قبل. وقالت "هذه المؤشرات كانت بسبب القرارات الاقتصادية التي اتخذتها الحكومة خلال هذا العام، مثل قرار رفع أسعار البنزين والكهرباء، وضريبة القيمة المضافة وتعويم الجنيه، مضيفة "مفيش دولة تاخد كل القرارات دي في وقت واحد الحكومة ضربت المواطن على دماغه ضرب جامد من غير أي مقابل". وتابعت "حينما نقارن الحالة الاقتصادية لمصر مع دول نامية مثل الهند وأندونسيا وماليزيا، نجد فرق شاسع في معدلات النمو والادخار والاستثمار، حيث أن معدلات هذه الدول لاتقل عن 30 بالمئة، بينما يبلغ معدل الاستثمار في مصر 14 بالمئة ومعدل الادخار لا يتجاوز 7 بالمئة من الناتج المحلي الاجمالي". ونوهت إلى أن تصريحات الحكومة بقيادة شريف إسماعيل أن اجراءات الاصلاح الاقتصادي تتوجب هذه الفترات الصعبة، وأن هذه القرارات كانت حتمية وعلى المواطنين التحمل لمدة عامين أو أكثر بهذه المعدلات "كلام غير معقول وميصحش يتقال من مسؤولين دولة كبيرة زي مصر"، ودليل على ضعف الحكومة في الإدارة، -على حد تعبيرها-. وأكدت استاذ الاقتصاد، أن الاستثمارات المباشرة لن تأتي مصر من خلال تحرير سعر الصرف فقط ولكن لابد من تهيئة مناخ الاستثمارات من التشريعات والقوانين الخاصة به، حيث أنه لا يوجد دولة تظل أكثر من عامين لوضع قانون لاستثمار. وقالت "ماذا فعلت حكومة شريف اسماعيل منذ توليه غير أنها رفعت كل الأسعار وحملت المواطن أعباء رهيبة"، منوهة إلى أن عام 2003 كان يشهد ظروف اقتصادية أسوء من الآن ولكن عندما جاءت حكومة أحمد نظيف عملت طفرة في الاصلاح الاقتصادي خلال عامين، وذلك حيث أن مصر دولة لديها لديها العديد من المقومات لمواجهة الأزمات. وتابعت "أداء الحكومة كان دون المستوى خلال هذا العام"، وطالبت بتطبيق قانون الموظف العام للحفاظ على صلاحيات الوزراء مش أي غلطة يعملها يتحبس". سئ للغاية واتفق الدكتور رشاد عبده الخبير الاقتصادي على نفس الرأي، معتبرًا أن أداء الحكومة وخاصة المجموعة الاقتصادية لهذا العام كان سئ للغاية وليس على قدر طموحات رئيس الجمهورية أو الشعب أو المستثمرين أو المسؤلين. وقال رشاد عبده - خلال اتصال هاتفي مع مصراوي - "آن الآوان لتغير هذه الحكومة واستبدالها بمجموعة أكفاء لتحسين هذا الوضع السئ، حيث أن مصر دولة لديها العديد من المقومات الاقتصادية المتاحة لاستغلالها". ويرى الخبير الاقتصادي، أن خطة الاصلاح التي وضعتها المجموعة الاقتصادية كانت سيئة، مضيفًا "لايوجد اصلاح هدفه اللجوء لصندوق النقد الدولي واقتراض 12 مليار على مدار 3 سنوات ثم أخذ شهادة ثقة من الصندوق للاقتراض من البنك الدولي واقتراض سندات دولية ثم بيع الشركات العامة ثم ارتفاع الأسعار وفرض ضرائب وزيادة معاناة الناس والأجيال القادمة". وتساءل "ماذا فعلت الحكومة للقضاء على البيروقراطية أو خفض معدلات التضخم والبطالة والقضاء على الروتين والفساد وجذب الاستثمار، كل مافعلته الحكومة سلمت المواطنين لصدنوق النقد الدولي، خدت من المواطن كل حاجة وادته فوق دماغه". وأكد أن الحكومة فشلت في إدارة الملف الاقتصادي، قائلًا "جبت ناس أشباه محترفين والنتيجة خربو الدنيا، ليس لديهم فكر أو استيراتيجية ولابد من تغير المجموعة الاقتصادية بأكملها والحكومة بداية من رئيس الوزراء، ووزراء السياحة والتعليم والصحة". كما تساءل "ماذا فعل وزير الصناعة والتجارة لزيادة الصادرات.. وماذا فعلت وزيرة الاستثمار في قانون الاستثمار الذي يجهز للإعداد منذ أكثر من عامين"، مضيفاً" وفي نفس الوقت لاننكر أن هناك وزراء أبلوا بلاءً حسنا مثل وزير التخطيط ووزيرة التعاون الدولي ولكن ليس على المستوى المطلوب وجاء وقت تغييرهم أيضًا". قيمة الوقت وعلى صعيد آخر، يرى محمد البهي عضو اتحاد الصناعات المصرية، أن هناك بعض الوزراء عملوا جاهدين خلال هذا العام على تحسين الأوضاع الاقتصادية مثل وزير الصناعة والتجارة ووزير المالية، ولكن كانت هناك وزارات أخرى بها خلل في الأداء مثل وزارة الاستثمار. ويرى محمد البهي - خلال اتصال هاتفي مع مصراوي -"أن من أكبر المعضلات والمشكلات التي أثرت على الاقتصاد المصري، هو عدم إدارك الحكومة أو وزرات محددة لقيمة الوقت كما حدث في إعداد قانون الاستثمار الذي أخذ أكثر من عامين منذ عقد المؤتمر الاقتصادي، حيث أنه كانت هناك إشارت أو تلميح بوجود أرقام استثمارات كبيرة جدًا جاهزة للدخول في السوق المصري إذا تم تهيئة البيئة التشريعية وإصدار قانون الاستمثار والقوانين المكملة". وقال "ما يؤخذ على الحكومة أن خطواتها كانت أقل من القيادات السياسية وخاصة رئيس الجمهورية، حيث أنه من الواضح أن الرئيس عبد الفتاح السيسي هو من كان يوجه بالعديد من الانجازات وكثيرًا منها لم يتم، بجانب أن أعلى أداء في تنفيذ هذه التوصيات كانت من قبل المؤسسة العسكرية في مشروعات البنية التحتية". وأشار إلى أن عمل المؤسسة العسكرية والهيئة الهندسية كانت أكثر ايجابيًا وفعال خلال هذا العام من خلال المشروعات القومية ومشروعات الطرق والكباري التي تم تنفيذها. وأضاف أنه على صعيد آخر كان هناك أشياء عارضة مثل قرار تعويم الجنيه، ولكن حدوثها كان حتمي وأول من نادى به كان اتحاد الصناعات لتحديد سعر واحد للصرف والذي بلا شك يساهم في جذب الاستثمارات المباشرة، والتاثير في تخفيض العملة الأجنبية وتوفيرها. ولكن يرى عضو اتحاد الصناعات، أن قرار تحرير سعر الصرف كان له تأثيرات سلبية على ارتفاع الأسعار وزيادة التضخم، "وكان من المفترض أن نسستغل مزايا هذا القرار للقضاء على هذه السلبيات وهو لم يحدث ذلك بسبب تقصير وزارة الاستثمار في إعداد البيئة التشريعية"، -حسبما قال-. ولفت إلى أن الاستثمار مرتبط بكافة النواحي الاقتصادية حيث أن جذب الاستثمارت المباشرة سيعمل على تقليل نسبة البطالة، وانخفاض سعر الدولار ومن ثم انخفاض أسعار السلع. وعن أداء بعض الوزراء، يرى "البهي" أن وزيرة الاستثمار لا تستحق أكثر من صفر بالمئة، كما أنها سبب كافة المشكال الاقتصادية خلال هذا العام، فلا يعقل أن يأتي مسثمر وهو يعلم أنه يتم حبسه في أي وقت، ونحن لا ننسى أن هذا حدث لبعض رجال الأعمال في عهد الرئيس الأسبق والمسثتمرين يعرفون هذا جيدًا"، -على حد تعبيره-. وقال "بينما كان لوزير الصناعة دورًا هامًا وجيد في إصدار بعض القوانين التي لها مردود إيجابي مثل الحد من الاستيراد وتفضيل المنتج المصري، ومجهوداته في دعم المصانع، وتسهيل إصدار التراخيص، وكذلك دور وزير المالية في محاولة التواصل مع جميع الأطراف للوصول إلى حلول المشكلات المالية والنقدية". أقوى الحكومات ويختلف تقييم ياسر عمر وكيل لجنة الخطة والموازنة باللجنة الاقتصادية بمجلس النواب لأداء المجموعة الاقتصادية لهذا العام، حيث يرى أن الحكومة من أقوى الحكومات، قائلًا "عملت اللي محدش قدر يعملوه في 30 سنة.. وهو إصدار قرار التعويم والذي يعد من أصعب القرارات الاقتصادية". وأضاف ياسر عمر - خلال اتصال هاتفي مع مصراوي -، أن هذه القرارات الصعبة من الطبيعي أن يكون لها تأثير سلبي، "ولذلك على الشعب أن يتحمل هذا التأثير، حيث تم البدء في الخطوة الأولى للاصلاح الاقتصادي". ويرى وكيل لجنة الخطة والموازنة بمجلس النواب، أن أكبر التأثيرات السلبية لقرار تعويم الجنيه والتي لم يضعها محافظ البنك المركزي طارق عامر في الحسبان هي تفاقم مشكلات بعض الشركات والمؤسسات التي كانت لديها ائتمانات واعتمادات دولارية بالسعر القديم وتأثير فرق السعر الجديد، وتكبد هذه الشركات للخسائر وتعرضها للإغلاق. وشدد على ضرورة معالجة هذه الأمر قبل نهاية ديسمبر الحالي، حتى لا تحدث أزمة وكارثة اقتصادية في مصر. وأكد ياسر عمر، أن الحكومة بذلت قصارى جهدها وعلى الشعب تشجيعها للتقدم للأمام والنهوض بالاقتصاد المصري وتوفير البيئة المناسبة لجذب الاستثمارات، مضيفًا " نحارب من قبل دول وقوى عظمى وعلى الجميع فهم ذلك وتحمل نحو عامين على الأقل لهذه الظروف الصعبة حيث أننا في مرحلة العلاج ولابد من تحمل الألام".