تصوير ومونتاج هادي سيد: أصبحت مشكلة الصرف الصحي داخل قرى بني سويف عبئا لا يطيقه الأهالي، على حد وصفهم، فالنفقات والأعباء الإضافية التي يواجهونها جراء المشكلة، وسط ارتفاع الأسعار والدخول المحدودة، أصبح أمر لا يطيقونه، لاسيما بقرى منشأة عاصم، وسط غياب المسؤولين، سواء وحدات محلية أو شركة مياه الشرب، ولا يجد الأهالي ملجئًا لحل مشكلاتهم المتراكمة. يقول عاطف طه، أمين المكتبة الثقافية بمنشأة عاصم، إن قرية منشأة عاصم تعاني أزمة الصرف والطفح المستمر له، مما جعل القرية وبيوتها تعوم على بركة من الصرف، لافتًا إلى أقرب القرى لقريتهم مثل طنسا بني مالو على بعد 500 متر أي أقل من كيلو واحد يدخلها الصرف، بينما قرابة 30 ألف نسمة في 9 قرى بمنشأة عاصم تعاني أزمة الصرف، والأهالي لا ملجأ لها من طفح الصرف سوى الكسح الذي يتكلف 50 جنية للنقلة الواحدة، لتصل الأعباء إلى 300 جنية للأسرة الواحد في الشهر، وهذا لا يصح وسط الحالة الإقتصادية الصعبة التي يعانيها المواطنين. وأضاف عاطف أن المشكلة جعلت بعض الأهالي يلجؤون لتركيب "القيسون" لتصريف مياه الصرف في أعماق المياة الجوفية، لافتًا إلى أن هذا الأمر كارثي، حيث أن هناك طلمبات مياه يلجأ إليها الأهالي في حالة غياب مياة الشرب، وتسحب هذه الطلمبات من مياه الصرف المسربة في الأرض عبر "القيسون" وهو ما كان سببا في ارتفاع نسب الإصابة بالفيروسات، مناشدا المحافظ بأن يضع حد لهذه المشكلة، لأن وجود الصرف الصحي في قرية منشأة عاصم أصبح مسألة حياة أو موت، على حد وصفه. وأضاف أمين المكتبة الثقافية للقرية أن الجميع يعلم أن القيسون مخالف قانونا، لافتًا إلى أن الوحدة المحلية لقرية باروط التي تتبعها قرى منشأة عاصم قامت بتحرير محاضر وإلغاء استخدام القيسون، مشيرا إلى أن 5 أفراد بمحيط قرى منشأة عاصم استخدموا القيسون وقامت الوحدة المحلية بإصدار قرارات لإزالتها. ويكمل محمد عيد، موظف بالزراعة من أبناء قرية منشأة عاصم، أن غياب الصرف الصحي يدفع الأهالي لاستخدام الترع في إلقاء المياة ومخلفات الاستخدام المنزلي فيها توفيرًا لنفقات الكسح التي تصل إلى 300 جنية في الشهر، وهو ما يهدد الزراعات الموجودة حول القرية، وكذلك انتشار العدوى بالحمى القلاعية والأمراض الفيروسية في المواشي التي تشرب من مياة الترع المسممة، لافتًا إلى أن توزيع مشروعات الصرف الصحي لا تحظى بها إلا القرى الكبيرة التي يكون لها مسؤوليها في الحكومة أو مجلس النواب، لافتًا إلى أن مشروعات الصرف دخلت إلى قرى باروط وأهوة وطنسا التي لا يفصلها عن منشأة عاصم سوى 500 متر أو كيلو متر على الأكثر، وغاب نصيب قريتهم من الصرف. ولفت محمد إلى خطورة استخدام القيسون بسبب التسريبات التي تنتج عنه في باطن الأرض وتعيد مواتير مياة الشرب سحبها للاستخدام اليومي أثناء فترات انقطاع المياة التي تستمر لساعات طويلة؛ بل إن معظم بيوت القرية لا تدخلها مياة الشرب من الحنفيات إلا من خلال هذه المواتير، موضحًا أنه مع تهالك مواسير مياة الشرب وتسريب الأيسون لمياة الخزانات تصبح مياة الصرف هذه هي المصدر الحقيقي الذي تسحب منه حنفيات المياة، ولا عزاء لصحة المواطن، لافتًا إلى أن نسبة الفشل الكلوي وفيروس سي ارتفعت داخل القرية بسبب مثل هذه الأمور. وأضاف ناجح سيد عبد العزيز من أبناء القرية، أن غياب الصرف الصحي في القرية لسنوات طويلة وازدياد الكتلة السكانية جعل الطفح يظهر داخل البيوت وشوارع القرية، لافتًا إلى أن ضيق الشوارع وغياب المسؤولين ومشروعات الحكومة عن القرية جعل البعض يلجأون إلى استخدام القيسون بديلاً للكسح المتكرر، وهو عبارة عن مواسير تحت الأرض يتم دقها على عمق معين حتى تخرج تسريباتها إلى باطن الأرض، محذرًا من ارتفاع منسوب المياة الجوفية في بيوت القرية، والتي ستؤدي على مراحل إلى سقوط بيوت القرية على الأهالي لأن استخدام شخص أو خمسة من أبناء القرية لهذا "القيسون" يصبح تهديدًا لكل بيوت القرية، ويجعل القرية كلها تعوم على بركة من الصرف الصحي. وعلق محمد صالح عمدة القرية، أن الأهالي تلقوا العديد من الوعود بإقامة الصرف بالقرية، ولكن لم يتحرك فيها أي شخص، وأن نواب مجلس النواب لا أحد يراهم إلا فترة الانتخابات، وبعدها تنصب كل خدماتهم على قراهم، هذا إن استمر تواجدهم بين الناس، والأمر في النهاية يكون مسألة حسابات ومصالح، بمعنى ماذا تقدم له القرية مقابل أي خدمة يقدمها لها؟، متسائلاً: هل يجب دفع الفاتورة مسبقًا؟! مسؤولي شركة مياه الشرب يرفضون التعقيب على الأمر عندما يتعلق بإمداد خدمة جديدة إلى أي قرية، فهم يعتبرون الأمر عبء خارج موازناتهم، ويكون التوجيه دائمًا بالتعامل مع هيئة مياة الشرب والصرف الصحي في القاهرة باعتبارها المنوطة بوضع الميزانيات، ويبقى وضع قرى بني سويف متأزم في انتظار مسؤول يتحرك لخدمة المواطنين.