في ظاهرة فريدة ورغبة في مواجهة ارتفاع أسعار أجرة المواصلات، ابتكر عدد من أبناء مركز ومدينة بني عبيد، مركبة صغيرة لاستخدامها كمواصلة عاملة في التنقل الداخلي، وبأدوات موجودة في الريف المصري، أنتجوا أول طفطف بأياد مصرية. أحمد الجندي، 28 عامًا، شاب تخرج من كلية التجارة، أحد أعضاء فريق "وحدتنا سر قوتنا" والمختص بالأعمال التنموية داخل بني عبيد، قرر بالتعاون مع باقي المجموعة، الخروج عن المألوف، وعدم الانصياع لسياسة الأمر الواقع الذي يفرضها السائقين، بعد رفع سعر أجرة التوكتوك إلى 3 جنيه، إذ يعد وسيلة الانتقال الداخلية الوحيدة في القرى، "ولو مش عاجبك متركبش". بين ليلة وضحايا، استقر الجندي على فكرة إنشاء أول طفطف داخلي يستخدمه الأهالي، وخلال اجتماعهم الأسبوعي، عرض المشروع على الفريق، وأبدوا موافقتهم المبدئية وفق الإمكانيات المتاحة لهم. وبعد عدة مشاورات، بدأت المجموعة أولى خطوات إنشاء الطفطف، إذ قاموا بالاتفاق مع إحدى الورش بمدينة المحلة على إنتاجه، وكان "جرار زراعي" هو نواة المشروع الصغير. بتعديلات داخلية استطاع الفريق إنتاج مركبة تختلف عن المستخدمة في المصايف، والتي تعمل بالكهرباء، تتكون من عربة واحدة طولها 7 أمتار تستوعب حتى 40 فردًا. يقول الجندي إن المشروع تم تجهيزه بمكونات جديدة، وبلغت تكلفته الإجمالية 70 ألف جنيه من صندوق اشتراكات وتبرعات أعضاء المجموعة. يقول الجندي إنه بدأ تسيير المركبة في الشارع اليوم الأحد، لتعريف الأهالي بالطفطف الجديد، والذي تم تخصيصة بصورة مبدئية للطلبة، بتوصيلهم من وإلى المدارس خلال الفترة الصباحية، مقابل جنيه واحد. ويوضح أن الأهالي أبدوا استغرابهم في البداية، لكنهم رحبوا بصورة كبيرة، متمنيين استمراره وزيادة عدد العربات ليستوعب أكبر عدد. تم تصميم المركبة لتضم أكثر من عربة، لكنهم في الوقت الحالي سيكتفون بواحدة حتى نجاح مشروعهم الصغير، وتوافر إمكانات مادية تسمح لهم بالتوسع. يوضح الجندي أن هناك اقتراحًا من المجموعة لاستخدادم الطفطف في الحفلات والمساهمات الخيرية، قائلًا "لو في فرح في البلد والناس على أد حالهم ومش مقتدرين ماديًا، إحنا هنزفهم ونفرحهم بدون مقابل"، وذلك خلال الفترة المسائية. لم يكن الهدف من الطفطف ماديًا، حسب أعضاء الفريق، ولكن من شعورهم بالمسؤولية كفريق خدمي، فإنهم يسعون بكل الطريق لمواجهة جشع التكاتك. ووفقًا للجندي، فإنه في حال قدرتهم على استيعاب عدد أكبر من الراكبين، سيسمحون للموظفين للركوب مع الطلبة، مؤكدًا أن المسؤولين عن قيادة الطفطف هم أعضاء المجموعة، وتم تخصيص مكانًا في نهاية العربة، لشخص سيكون مسؤول عن التنظيم ومنع المشاجرات. أثار الطفطف الجديد حالة من الجدل بين أبناء بني عبيد، وانقسموا بين مرحب ومؤيد للفكرة وبين رافض له وأغلبهم من سائقي التوكتوك. يقول حمدي السيد، سائق، إن المركبة ستنافسهم على مصدر رزقهم الوحيد، والذي منع شباب كثيرة من الانحلال، مشيرًا إلى أن سبب ارتفاع سعر الأجرة يرجع إلى تكلفة المركبة والتزاماتهم المادية. ويرى أحمد عبدالله، من أهالي المركز، أن الفكرة جيدة جدًا، مشيرًا إلى أنها سترحم الأهالي من الجشع، كما ستجعله يطمئن على أبنائه حال استخدامه بدلًا من التوك توك. فيما طالبت نادرة محس، ربة منزل، المسؤولين بدعم المشروع الجديد ومراقبته. أما فيما يتعلق بالإجراءات القانونية والتراخيص، يقول أحمد عبدالسميع مقبل، رئيس مدينة بني عبيد، إنه تواصل مع أعضاء المجموعة للتقدم بطلب رسمي لمجلس المدينة، حتى يتسنى له اتخاذ إجراءات الترخيص. ويوضح أن الطفطف يضيف شكلًا جماليًا للمدينة، معتبرًا أنه ظاهرة فريدة غير موجودة بالمدن الأخرى، بالإضافة إلى تصديه لجشع التوك توك، وإجبارهم على خفض الأجرة. ويعرب عبدالسميع عن تأييده للمشروع بصورة كبيرة، كما أنه في حال اعتماد المركبة رسميًا من المحافظة، سيتم إلزامهم بأجرة معينة ليست مرتفعة، وتبني المشروع وزيادته.