في العام الماضي تكبدت شركة جنرال موتورز4.1 مليار دولار تكلفة حملة استدعاءات وسحب لسياراتها. واليوم تتعرض الشركة اليابانية تاكاتا لضغط من مسئولي السلامة بشأن الوسائد الهوائية المعيبة التي قامت بتصنيعها وأودت بحياة 6 أشخاص وإصابة أكثر من 100 شخص. وقد يستغرق الأمر من شركة تاكاتا سنوات كي تتمكن من التغلب على الآثار الناجمة عن تلك المشكلة ومعالجتها بشكل تام. وفي هذا السياق قام موقع كارمودي، سوق السيارات الأول والأسرع انتشاراً والذي يقدم أسهل الطرق لبيع أو شراء السيارات عبر الانترنت، بالبحث في كافة الجوانب المتعلقة بهدف تسليط الضوء على أكبر عمليات استدعاء وسحب للسيارات والتي تمت في قطاع صناعة السيارات بِدءاً من كابوس سيارات مازدا التي تم استدعاؤها بسبب انسداد أنابيب التهوية الموجود بها لوجود بيوت العناكب داخلها، ومروراً بمشكلة سيارات فورد التي تم استدعاؤها بسبب مشكلة السلامة الخاصة بأقفال الأبواب؛ حيث صرحت شركة فورد أن أي جزء تالف في الأبواب قد يؤدي إلى صعوبة في إغلاقها ويزيد من إمكانية فتح الباب أثناء القيادة. والجدير بالذكر أن معظم الشركات المصنعة للسيارات قد تعرضت لعمليات استدعاء وسحب لسياراتهم، حيث حاول معظمهم القيام بذلك بشكل سريع وهادئ في محاولة منهم لاحتواء ردة الفعل العنيفة المتوقعة من عملائهم، إلا أن الأمر يخرج في بعض الأحيان عن السيطرة والهدوء، تماماً مثلما حدث مع شركة تاكاتا فيما يتعلق بحوالي 53 مليون سيارة تأثرت بالفعل من الوسائد الهوائية المعيبة التي صنعتها هذه الشركة مما جعل عملية استدعاء هذا العدد الهائل من السيارات الأضخم من نوعها على مر التاريخ. وبالرغم من نمو مبيعات شركة تاكاتا بنسبة 15%، إلا أن الكُلفة التي تكبدتها الشركة نتيجة استدعاء ملايين السيارت جعلها تتعرض لخسائر فادحة ومن المتوقع أن تدخل هذه الشركة في دوامة الدين، وهناك مخاوف من أمور أسوأ تلوح في الأفق، حيث تتعرض الشركة هذه الأيام لانخفاض حاد في أسعار الأسهم الخاص بها مما عرضها لصافي خسائر بلغت 244 مليون دولار حتى الآن. وقد ارتبط اسم هذه الشركة اليابانية بأمور مماثلة من حملات استدعاء وسحب السيارات منذ عام 1995 وأشهرها فضيحة حزام الأمان والتي قامت على إثرها العديد من الشركات التي تستخدم تاكاتا كمورد أساسي لأحزمة الأمان باستدعاء 8.3 مليون سيارة من مختلف أنحاء العالم بسبب وجود تلف في المفتاح المخصص لتحرير قفل حزام الأمان مما يتسبب في تعذر الراكب في تحريره وفتحه. لقد أصبحت مثل هذه الأمور من حملات استدعاء وسحب السيارات أمراً معتاداً وليس بجديد بالنسبة لنا. ففي عام 1980 قامت شركة فورد للسيارات باستدعاء 21 مليون سيارة بسبب وجود مشكلة في علبة التروس حيث كان ينتقل ذراع السرعة من وضعية ركن السيارة إلى وضعية العودة للخلف تلقائياً دون تدخل من قائد السيارة. وفي وقت سابق من هذا العام، قامت شركة فورد باستدعاء 389,585 سيارة بسبب مشكلة سلامة تتعلق بأقفال الأبواب والتي قد ينتج عنها زيادة احتمالات فتح الأبواب أثناء القيادة. وقد تعرضت شركة جنرال موتورز لأضخم كابوس في حملات الاستدعاء وسحب السيارات حيث قامت باستدعاء حوالي 8.4 مليون سيارة من مختلف أنحاء العالم بسبب مفاتيح التشغيل المعيبة والتي أودت بحياة 13 شخصاً كما خلفت العديد من الإصابات جراء الحوادث التي تعرضوا لها بسبب هذه المفاتيح. وفي عام 2014 قامت شركة السيارات اليابانية سوزوكي باستدعاء وسحب 184,000 سيارة قامت بتصنعيها لها شركة جنرال موتورز في كوريا الجنوبية وقامت سوزوكي ببيعها في الولاياتالمتحدةالأمريكية. وفي نفس العام قامت جنرال موتورز باستدعاء 218,000 سيارة شيفي أفيوس بسبب مخاطر ارتفاع درجة الحرارة واحتمالية وقوع عمليات اشتعال واحتراق. وعلى الرغم من كل ما سبق، فهذا لا يمثل شيئاً مقارنةً بحملة الاستدعاء الكبرى التي قامت بها شركة فورد حيث قامت بسحب عدد 14 مليون سيارة في عام 1996 لوجود عيوب مماثلة نظراً لوجود مشكلة في جزء الكتروني متعلق بإيقاف تفعيل خاصية تثبيت السرعة وعند الضغط على بدال المكابح يمكن أن ترتفع درجة حرارة هذا الجزء مما قد يسبب اشتعال السيارة. ولم تسلم شركة تويوتا اليابانية، كبرى الشركات المصنعة للسيارات على مستوى العالم، من ذلك اللغط، ففي عام 2009 أُجبِرت الشركة على استدعاء وسحب 10 مليون سيارة بسبب حوادث تسارع "غير متعمدة" حيث تزداد على إثرها سرعة السيارة تلقائياً ودون تدخل من السائق وذلك عن طريق تعلق بدال السرعة أو وجود مشكلة في نظام الربط بين المحرك وبدال السرعة. وقد وافقت الشركة لاحقا على دفع مبلغ بقيمة 1.2 مليار دولار لإخفاء هذه المشكلة عن عملائها على الرغم من علمها بهذه المشكلة مسبقاً. وربما كان المثال الأكثر إثارة للمخاوف في حملات استدعاء وسحب السيارات عندما قامت شركة مازدا باستدعاء 425 ألف سيارة سيدان موديل 2014 وبمحركات سعة 2.5 لتر بسبب وجود بيوت العناكب التي سدت أنابيب تهوية المحركات، إذ لم تكن هذه هي المرة الأولى التي تواجه فيها مازدا مشاكل بسبب العناكب، ففي الواقع تحظى الشركة بسجل حافل مع هذه العناكب يُدعى" العناكب المدمنة للبنزين". ومن المثير للقلق أن السيارات العائلية مثل الحافلات العائلية الصغيرة، وسيارات الدفع الرباعي هي الأكثر عرضةً للمخاطر وعمليات الاستدعاء والسحب، حيث تكمن المشكلة في مصنعي السيارات الذين يتعين عليهم أن يكونوا على تواصل مع أصحاب السيارات فيما يتعلق بإخطارات الاستدعاء، إذ يتعين على الشركات إرسال إخطارات لأصحاب السيارات في غضون شهرين من قرار الاستدعاء وأن يخبرونهم بأنهم على استعداد لإصلاح العيوب دون مقابل. وهناك أمور قد تزيد الأمر سوءاً حيث أن أصحاب هذه السيارات المعيبة منهم من يتجاهل هذه الإخطارات ومنهم من يكون قد قام بالفعل ببيع السيارة بحيث تصبح هذه المعلومات بالنسبة لهم قديمة ولا قيمة لها. ومع وجود كثيرا من الشركات المصنعة للسيارات والتي تضررت من كوارث استدعاء وسحب السيارات على مدار السنوات الماضية، تلوح في الأفق عملية استدعاء ضخمة ستحدث في القريب العاجل، ولتفادي ذلك، فإننا بحاجة إلى وجود تشريعات أكثر حزماً، وميزانيات كافية لتنفيذها، ومعايير أكثر صرامة. كما يتعين على الشركات المصنعة للسيارات أن توفر غطاءً من الحماية للعاملين بها والذين يكتشفون وجود مثل هذه العيوب وأن تُمكن مهندسيها الذين لا يرغبون في المخاطرة بحياتهم المهنية من التقدم بكل شجاعة لتقديم ما لديهم من معلومات بشكل سري، وهذا من شأنه أن يُجنب الشركات كثيرا من المتاعب.