يجلب الحجاج الهندوس مولودا حديثا إلى معبد لأول مرة في حياته، وينشد الكهنة السيخ ترانيم طوال الليل في المعبد الذهبي بمدينة أمريتسار، وتدير راهبة بوذية عجلة للصلاة بجوار منزل الدالاي لاما في دارامسالا. فالهند هي دولة متعددة الديانات، ويمكن للسياح الذين يرغبون في التعرف على هذه الديانات عن قرب أن يدرجوا رحلة " حج " قصيرة في جدول زيارتهم للبلاد بسهولة. والقيام برحلة لمدة ثلاثة أيام من العاصمة الهندية نيو دلهي إلى دارامسالا تحت سفح جبال الهيمالايا عبر طريق أمريتسار بالقرب من الحدود مع باكستان يتيح فرصا عديدة للمعرفة والتأمل، ويمكن توسيع هذه الرحلة وفقا للرغبة لتمتد إلى فارانساي وكوتشي للتعرف على الإسلام واليهودية هناك. ويمثل الهندوس حوالي 80 في المئة من سكان الهند الذين يبلغ عددهم 1ر1 مليار نسمة، حيث يقيمون طقوسهم الدينية للعديد من الآلهة المختلفة بينهم شيفا وفيشنو وكالي الذين يظهرون غالبا في أشكال متعددة. وتحفل الكثير من المعابد الهندوسية بصور لالهة عدة تتغير أسماؤها وفقا للمنطقة واللغة المحلية. وعلى الرغم من أن هذا التنوع قد يثير الحيرة إلا أنه عند زيارة أحد هذه المعابد يلاحظ أن الطقوس الهندوسية التي يطلق عليها "بوجا " تتماثل في كل المعابد. ويعد معبد شاموندا ديفي في بالامور بولاية هيمتشال براديش الهندية أحد المعابد الهندوسية التي تفتح أبوابها لغير الهندوس، ومادمت لا تعكر صفو الطقوس فيمكنك أن تشاهد ما يجرى كما يحلو لك، ويزور هذا المعبد كل عام مئات الآلاف من الأشخاص "للحصول على البركة". وتوجد متاجر خارج المعبد يشتري منها الحجاج القرابين التي تقدم للآلهة وبينها مناديل مطرزة بخيوط ذهبية وبخور وكرات صغيرة بيضاء من السكر، وعندما يعبر الحجاج البوابة يقدمون القرابين لأحد الكهنة الجالسين أمام صور الآلهة. والاعتقاد بتناسخ الأرواح مسألة محورية في الهندوسية وهو يقوم على فكرة التحرر من الدائرة المتواصلة من الموت والميلاد، وهذا الاعتقاد هو أيضا من العناصر الأساسية في النظام الفلسفي لسيدارتا جواتما المعروف باسم بوذا أو " المستنير " والذي عاش ونشر تعاليمه في شمال الهند منذ أكثر من 2500 عام. وكان للبوذية المبكرة كثير من الأتباع في الهند ولكن هذه الديانة لا تكاد تلعب الآن دورا في هذه الدولة. غير أن أبرز بوذي في العالم يعيش في الهند وهو الدالاي لاما الزعيم الروحي للبوذيين بالتبت، وكان الدالاي لاما يرافقه نحو مئة ألف من أتباعه فر من التبت التي تحتلها الصين عام 1959 بعد انتفاضة فاشلة، ومنذ ذلك الحين اتخذ موطنا له منطقة دارامسالا التي تقع على ارتفاع نحو 2000 متر فوق سطح البحر في ظل جبال الهيمالايا التي تغطيها الثلوج. ويلقى الزوار الغربيون الترحيب في المعبد البوذي الكبير القريب من المتحف المكرس للتبت والمجاور لمنزل الدالاي لاما، ويقوم المتعبدون بتدوير عجلات ذهبية للعبادة محفور عليها نصوص مقدسة، ويمكن سماع قرع القبول وأصوات الأبواق أثناء جلسات التعبد. وتعد ديانة السيخ التي تأسست في القرن السادس عشر أحدث عهدا من الهندوسية والبوذية، ويمثل السيخ 2 في المئة من سكان الهند، وعلى الرغم من العناصر المشتركة بين الهندوس والسيخ إلا أن السيخ يؤمنون بإله واحد كما أن النظام الطبقي لديهم أقل صرامة من الهندوسي. وكتاب السيخ المقدس يعرف باسم "جرانت صاهب" ويتلو الكهنة نصوصه في المعبد الذهبي بمدينة أمريتسار. وإذا أعجبتك رحلة الحج، يمكنك أن تمضي ثلاثة أسابيع بدلا من ثلاثة أيام متتبعا ديانات الهند العديدة، فمثلا يوجد على جبل أبو في ولاية راجستان معابد لديانة الجيانية التي تأسست في الهند، كما أن المعبد اليهودي في كوتشي على الساحل الجنوبي الغربي دليل على التراث اليهودي بالهند، ومن ناحية أخرى يعد جامع مسجد الذي يرجع تاريخه إلى فترة حكم إمبراطورية المغول من أجمل الأماكن في العاصمة الهندية.
