استعار الرئيس التونسي المؤقت المنصف المرزوقي صفة ''الطاغوت'' من العناصر الجهادية لوصف منافسيه في الانتخابات الرئاسية، ما أثار انتقادات واسعة من جانب معارضيه. وقال المرزوقي في كلمة له أمام أنصاره بمدينة القيروان، التي نظم بها تنظيم أنصار الشريعة مؤتمرين قبل حظر أي نشاط له وتصنيفه تنظيما إرهابيا، إن ''الطاغوت الحقيقي هم من يريدون إرجاع المنظومة القديمة.. وهم من يجب محاربتهم، وليس الجنود''. ولم يكن من الصعب توقع الأطراف المعنية بلفظة ''الطاغوت'' في كلمة المرزوقي الذي دخل في مواجهة شرسة مع مرشح حزب نداء تونس العلماني والفائز بالأغلبية في الانتخابات التشريعية. وحتى الآن تضع استطلاعات الرأي رئيس نداء تونس الباجي قايد السبسي في صدارة المرشحين لنيل المنصب، لكن المرزوقي بدأ بعمليات حشد واسعة لدى الأحزاب المقربة من حزبه المؤتمر من أجل الجمهورية وحتى قطاعات واسعة من الإسلاميين والسلفيين. ودأب الجهاديون المنتسبون إلى تنظيم أنصار الشريعة وكتيبة عقبة بن نافع الذراع العسكري للتنظيم على إطلاق صفة ''الطاغوت'' على قوات الأمن والجيش وكبار القادة بالمؤسسة العسكرية ووزارة الداخلية. وأثار المرزوقي لغطا بهذا المصطلح المتداول لدى الجماعات الإرهابية، إلى جانب ظهوره جنبا إلى جنب مع الداعية البشير بن حسن في حملته الانتخابية بمدينة مساكن التابعة لولاية سوسة. وتلاحق الداعية بن حسن اتهامات بالتسويق للتيار الوهابي المتشدد في البلاد على خلاف العقيدة الأشعرية والتيار المالكي التي تدين به تونس. ''إهدار الدم'' وقال الإعلامي البارز والمحلل السياسي زياد الهاني، أحد المرشحين المستقلين للانتخابات الرئاسية قبل إعلان انسحابه من السباق، لوكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ) إن ''إطلاق صفة الطاغوت على شخص تعني من الناحية الفكرية إهدار دمه. وأنا أستغرب صمت الهيئة المستقلة للانتخابات والنيابة العامة على التحريض لقتل خصم سياسي''. وفي الكثير من المنابر الإعلامية تعود المرزوقي، الطبيب والمناضل الحقوقي في فترة حكم الرئيس السابق زين العابدين بن علي، على تقديم نفسه كسياسي متعدد الأبعاد: إسلامي وعلماني وقومي عربي واجتماعي. لكن معارضيه يتهمونه بالقرب من الإسلاميين والعمالة لدول أجنبية راعية للإخوان والتنظيمات الإسلامية المتشددة. وتحدث الهاني عن أكثر القرارات إثارة للجدل التي اتخذها المرزوقي خلال فترة ولايته وهو قرار قطع العلاقات مع النظام السوري وغلق السفارة التونسية هناك. وقال :''المرزوقي كان أداة من أدوات صنع الإرهاب في تونس لأن قراره قطع العلاقات مع سوريا وفتح الباب أمام الدعاة الأجانب والتكفيريين لحث الشباب على الجهاد في سوريا هو الذي سهل ارتماء الآلاف من الشباب التونسي في المحرقة السورية''. وأضاف الهاني :''الجهاديون التونسيون تحولوا في سوريا إلى إرهابيين وسفاحين وقتلة وقنابل موقوتة ستنفجر في تونس إذا عادوا''. وتعتبر أحزاب مؤيدة للمرزوقي أن فوزه ضرورة لإحداث توازن في البلاد ومنع حزب نداء تونس من التغول والاستحواذ على السلطات كافة. لكن مراقبين يعتبرون أن فوز المرزوقي ، إذا حدث ، سيكون بداية صدام بين رأسي السلطة في وقت تبحث الديمقراطية الناشئة عن حد أدنى من الاستقرار السياسي لإعادة البناء واستعادة ثقة المستثمرين والمؤسسات الدولية. وعلق القيادي في حزب نداء تونس لزهر العكرمي بالقول ل(د.ب.أ) :''المرزوقي ينطق بمرجعية إرهابية. ولن يفوز في الانتخابات بهذا الفكر''.