عبدالله قدري وإبراهيم عياد: شهد عام 2013 تجاذبات وتقاطبات بين قوي الإسلام السياسي وبين أحزاب التيار المدني المتمثلة في ''جبهة الإنقاذ''، وذلك في غضون الخلاف السياسي الذي نشب بين الطرفين، بسبب مطالب المعارضة للرئيس السابق محمد مرسي بإجراء انتخابات رئاسية مبكرة وإجراء تعديلات علي دستور 2012. وتعددت طرق الاتهام بين الطرفين، ما بين التخوين والتكفير والتشهير، الي أن وصلت الي حد الفتاوى التي أهدرت دم المعارضين وقتلهم، مما أدي الي تخوف في الوسط السياسي من تكرار المشهد التونسي في قتل المعارضين. يرصد ''مصراوي'' أبرز وأهم الفتاوى التي صدرت في 2013 علي النحو الاتي: فتوى تُبيح ''قتل من يريد اسقاط مرسي'' في فبراير 2013 أصدر الشيخ محمود شعبان، الداعية السلفي، فتوى خلال حديث له علي قناة ''الحافظ''، تقضي بقتل كل من يُطالب بإسقاط مرسي ومنازعته علي كرسي الرئاسة، حيث نصت فتوى شعبان علي '' إن كل من طلب الكرسي منازعة للرئيس مرسي، وكل من يريد إسقاط مرسي، وكل من يريد إنزاله ''مرسي'' من على كرسيه، وكل من يطالب بوضوح بالكرسي مكان مرسي، يصدق عليه حديث الرسول صلى الله عليه وسلم: ''من بايع إماماً فأعطاه صفقة يده وثمرة قلبه فيلطعه إن استطاع، فإن جاء آخر ينازعه فاضربوا عنق الآخر''. وتابع شعبان: ''ندفعه (من يريد إنزال مرسي) بكل وسيلة، فإن لم يُدفع إلا بقتله، وجب قتله''. جاءت هذه الفتوى اثناء مطالبة المعارضة المتمثلة في ''جبهة الإنقاذ'' والتي يتزعمها -وقتها- حمدين صباحي وعمرو موسي ومحمد البرادعي، حيث طالبوا بإجراء انتخابات رئاسية مبكرة، وهو ما رفضة مؤيدو الرئيس السابق، معتبرين أن ذلك خروجا علي الشرعية ومنازعة لرئيس جاء بانتخابات وقد بايعه الشعب علي ذلك - بحسب تعبيرهم. وأعادت هذه الفتوى الي الأذهان اغتيال المعارض التونسي شكري بلعيد، مما دفع رئاسة الجمهورية بإصدار بياناً قالت فيه'' ''الرئاسة تؤكد رفضها الكامل لخطابات الكراهية التي تتمسح بالدين، والدين منها بريء''. فتوى ''وجوب مساندة مرسي'' في يوليو 2013 أصدر الداعية الاسلامي، الدكتور يوسف القرضاوي، فتوى بوجوب تأييد الرئيس السابق محمد مرسي، داعيا وزير الدفاع الفريق أول عبد الفتاح السيسي ''ومن معه الى الانسحاب حفاظا على الشرعية والديموقراطية''. وجاء في نص الفتوى التي نشرها الموقع الرسمي للقرضاوي ''أنادي الفريق السيسي ومن معه بكل محبة وإخلاص، وأنادي كل الأحزاب والقوى السياسية في مصر، أن يقفوا وقفة رجل واحد، لنصرة الحق، وإعادة الرئيس مرسي إلى مكانه الشرعي، ومداومة نصحه''. واعتبر القرضاوي ان ''من استعان بهم الفريق السيسي لا يمثلون الشعب المصري، بل جزءا قليلا منه''، مشيرا في هذا الاطار الى ان امام الازهر الشيخ احمد الطيب ''مخطئ في تأييده الخروج على الرئيس الشرعي للبلاد، وهو مخالف لإجماع الأمة، ولم يستند في موقفه إلى قرآن ولا إلى سنة، بل كل القرآن والسنة مع الرئيس مرسي''. جاء ذلك بعد اعلان السيسي في 3 يوليو، بعد اجتماع مع شيخ الأزهر أحمد الطيب والبابا تواضروس الثاني، والدكتور محمد البرادعي وآخرين، اقالة مرسي وتعيين المستشار عدلي منصور رئيس المحكمة الدستورية العليا رئيسا مؤقتا الى حين تنظيم انتخابات رئاسية وانتخاب رئيس جديد للبلاد. فتوى'' تكفير السيسي وارتداده عن الإسلام'' وفي أغسطس 2013 وعقب عزل مرسي، أفتى الشيخ وجدي غنيم الداعية الإسلامي بتكفير وزير الدفاع عبدالفتاح السيسي وارتداده عن الإسلام. وقال غنيم في فتواه التي نشرها موقعه الرسمي ''بعد تجميعي للمعلومات وتجهيزي لها فقهياً وشرعياً، أستطيع أن أعلن وأقول إن عبد الفتاح السيسي خائن ومرتد عن الإسلام وكافر، بناء على أدلة''. وقدم غنيم الأدلة التي استند إليها في فتواه بتكفير السيسي ''هي قيام طائرة يهودية باختراق المجال الجوي المصري وقذف المسلمين بسيناء، وقتل أربعة منهم كانت بالتنسيق مع قيادات القوات المسلحة، قائلاً: ''طائرة يهودية من الكيان الصهيوني، دخلت المجال الجوي المصري وقذفت صواريخ، وقتلت ناس من أهل بلدنا المسلمين، من أهل سيناء الأبطال الشجعان، وأبلغ العدو الصهيوني أن الطائرة من عندهم، وأن الطائرة كانت بتنسيق بين الكيان الصهيوني والسيسي، لفتح المجال الجوي المصري للدخول والضرب، محدداً لهم من سيقومون بقتلهم أيضاً''. فتوى تبيح بقتل المعارضين وبالرغم من انتهاء مدته كمفتي للجمهورية، مارس الدكتور علي جمعة مهنته السابقة، حيث افتي بقتل المعارضين ل30يونيو ووصفهم بالخوارج. وقال علي جمعه، مفتي الجمهورية السابق، في فتوي له بتاريخ 30 / 6 / 2013 ''أثناء تظاهرات 30يونيو، '' أن هناك من يريد شق الصفوف، والنبي-صلي الله عليه وسلم- يتكلم عن انه ان كنتم جميعا علي رجل وليس جماعة، وهذا هو الذي حدث في ثورة 30 يونيو خرج الشعب ولذلك كان الجيش معه، اذن نحن جميعا علي رجل، وجاء من يفرقكم، فاقتلوه كائناً من كان، مع حرمة الدم يبيح لنا رسول الله ان نقاتل هذا الخارجي ''. وأثارت هذه الفتوي ردود فعل بسبب تحريض مفتي الجمهورية السابق علي القتل، حيث أعتبر الشيخ ياسر برهامي نائب رئيس الدعوة السلفية، أن فتوي جمعه ''شر ومنكر''، وقال برهامي في فتوى له نشرها موقعه الرسمي ''صوت السلف'' ''الإفتاء بقتل المتظاهرين على الإطلاق ''ولو رغبوا في إسقاط حاكم'' شر عظيم ومنكر ظاهر، ثم هو مخالف للدستور والقانون بعد مخالفة الشريعة''. فتوى تحرم محاكمة ''مرسي'' أصدر الشيخ هاشم إسلام، عضو لجنة الفتوي بالأزهر، فتوي بتاريخ 4 / 11 / 2013 ''يوم محاكمة الرئيس السابق'' أكد فيها حرمة المحاكمة التي وصفها ب'' الهزلية '' الجارية الرئيس السابق، لافتًا إلى وجوب العمل على استعادة الشرعية في البلاد، وبذل كل السبل المتاحة من أجل إسقاط ما وصفه ب'' الانقلاب''. وجاء نص الفتوي التي نشرها موقع ''اخوان أون لاين ''، ''سقوط وبطلان محاكمة الرئيس الشرعي محمد مرسي (والمبايع بيعة عامة بالانتخاب الحر المباشر من شعب مصر) شرعا وعرفا وقانونا، لأنه لا يزال الرئيس الشرعي والحق معه وفي جانبه. وتابع في فتواه، بوجوب محاكمة من وصفهم ب''الانقلابين'' وان هذه فرض عين علي الشعب المصري كله. فتوى التصويت بنعم علي الدستور مثل أكل ''الميتة'' مضطراً واستمراراً لمسلسل فتاوي هذا العام ،أصدر الشيخ ياسر برهامي ،نائب رئيس الدعوة السلفية ،فتوي تقضي بأن التصويت ب''نعم'' للدستور مثل اكل الميته مضطراً. وقال برهامي في فتوي نشرها موقع صوت السلف، أن الدعوة والحزب اضطرا إلى الحشد والتصويت ب''نعم'' للدستور لحماية مستقبل البلاد، موضحاً أنه إذا لم تكن المشاركة قوية في الدستور والتصويت عليه ب''نعم''، ستكون البلاد ومستقبل المشروع الإسلامي في خطر. وشبّه برهامي عبر فتوى له بموقع صوت السلف بتاريخ 9 / 12 / 2013 ''تصويت الدعوة السلفية على الدستور ب''نعم''، بأكل المضطر للميتة، بحيث إنه يجب عليه أكلها إذا غلب على ظنه الهلاك''. فتاوى وجوب مقاطعة الدستور وعقب دعوة المستشار عدلي منصور، الرئيس المؤقت، دعوة المصريين للمشاركة في التصويت علي الدستور، يومي 14 و 15 يناير المقبل، أصدر عدد من مشايخ السلفية بوجوب مقاطعة التصويت علي الدستور، حيث وصفوه بالغير شرعي. واصدر الشيخ أبو إسحاق الحويني فتوي عبر صفحته الرسمية ''فيس بوك'' بشأن الاستفتاء علي الدستور : هذا الدستور به عوار كثير، وأرى مقاطعة التصويت عليه ''. كما قال الشيخ فوزي السعيد، الداعية السلفي، ''أدعوكم لمقاطعة ا?ستفتاء على الدستور غير الشرعي استجابة للتحالف الوطني لدعم الشرعية'' بدوره، قال الشيخ محمد عبد المقصود، الداعية السلفي، إن الواجب الآن هو مقاطعة الاستفتاء على الدستور وعدم المشاركة فيه ولو بالرفض. وأشار عبدالمقصود في بيان له، إلى ضرورة توافق سائر القوى الإسلامية مع '' تحالف دعم الشرعية '' والتحرك ككتلة واحدة في مواجهة ما وصفه ب''الأزمة''. تلك كانت أبرز الفتاوي التي صدرت في عام 2013 والتي أثارت ردود فعل وجدل في الوسط السياسي والديني.