أكد الدكتور أحمد جلال وزير المالية، أن الحكومة نجحت في تحقيق عدد من المؤشرات الإيجابية خلال الفترة الوجيزة الماضية تتمثل في تراجع ملموس في معدلات اعتماد الخزانة العامة على التمويل المصرفي سواء من البنك المركزي أو البنوك التجارية، وهو ما ساعد على انخفاض أسعار الفائدة على أذون وسندات الخزانة خلال أقل من شهرين بنحو 4 بالمئة. وقالت وزارة المالية، في بيان لها اليوم الاثنين، تلقى مصراوي نسخة منه، إن الوزير لفت خلال لقاءه بأعضاء غرفة التجارة الامريكية بالقاهرة برئاسة أنيس أكليمندوس رئيس الغرفة، أمس الأحد، أن التراجع في معدلات اعتماد الخزانة العامة على التمويل المصرفي سينعكس أيضًا على تخفيض عبء الدين العام على الموازنة العامة، كما ساعد ذلك أيضًا علي تقليل مزاحمة الدولة للقطاع الخاص للفوز بالتمويل المصرفي بما سيسهم في زيادة حجم التمويل المتاح لمشروعات القطاع الخاص، إلى جانب تحقيق استقرار نسبي في أسعار سوق الصرف الأجنبي. وكشف عن استهداف الحكومة زيادة معدل النمو الاقتصادي للعام المالي الحالي إلى ما يتراوح بين 3.5 و4 بالمئة مقابل 2.2 بالمئة العام المالي الماضي، مع تخفيض عجز الموازنة العامة من 13.8 بالمئة إلى ما يتراوح ما بين 9 و10 بالمئة، لافتًا إلى أن حزمة تنشيط الاقتصاد التي أُعلن عنها مؤخرًا بقيمة 22.3 مليار جنيه تستهدف أيضًا تحقيق العدالة الاجتماعية، وتوزيع عادل لثمار النمو الاقتصادي. وقال الوزير إن الاقتصاد المصري يعاني من 3 مشكلات رئيسية وهي اختلالات في مؤشرات الاقتصاد الكلي تتمثل في نسب عالية للدين العام، وعجز الموازنة، وعجز متزايد في ميزان المدفوعات، والثانية ارتفاع معدل البطالة بصورة كبيرة، والثالثة تباطؤ في حركة النشاط الاقتصادي مع عدم عدالة في توزيع الدخل القومي، لافتًا إلى أن الحكومة تدرك أهمية التعامل السريع مع تلك الملفات لكن لا يمكنها حلها معًا في ذات الوقت ولذا تتعامل مع كل مشكلة حسب أولويات مدروسة وبصورة متوازنة. وأضاف أن علاج تلك المشكلات لا يكون من خلال الاعتماد على الموارد المحلية فقط، وإنما الأمر يحتاج لجذب أموال جديدة من الخارج لتضخ في صورة استثمارات في شرايين الاقتصاد الوطني، منوهًا إلى أن حزمة المساعدات الخليجية ساهمت في حل جزء من المشكلة، لكن مصر لا يمكنها الاستمرار في الاعتماد على المساعدات والمنح الخارجية بل يجب أن تستعيض عنها بالعمل بجدية لإصلاح الاقتصاد حتى يحقق الفوائض اللازمة لعملية التنمية وتقليل الاعتماد على المساعدات الخارجية. وأكد الوزير أنه رغم المشكلات التي يعاني منها الاقتصاد إلا أنه متفائل بمستقبل الاقتصاد المصري وقدرته على تحقيق الازدهار بفضل 3 عوامل رئيسية وهي تسارع خطوات التغيير الديمقراطي الذي تشهده حيث سيكون لدى مصر خلال فترة وجيزة قادمة مؤسسات منتخبة ودستور يحظى بالتوافق المجتمعي، والعامل الثاني أن الاقتصاد استمر في النمو وبصورة مقبولة طوال الفترة الماضية رغم الأزمات التي تعرض لها قبل وبعد الثورة، والعامل الثالث إمكانات مصر الاقتصادية العديدة وتنوع مصادر النمو. وكشف أن وزارة المالية تدرس عدة سيناريوهات لتمويل العبء المالي لقرار تطبيق الحد الأدنى للأجور الذي أُعلن عنه مؤخرًا بقيمة 1200 جنيه، حيث تبحث حاليًا أفضل سبل استيعاب هذا العبء بصورة لا تزيد من العجز الكلي للموازنة. وأوضح الوزير أن التجارب العالمية تؤكد أن أهم عامل للنجاح هو امتلاك الدول لتنظيم جيد للأسواق كي تعمل بأعلى كفاءة ويتم استغلال مواردها بأفضل صورة، وهذا ما تحاول الحكومة تحقيقه في مصر، من خلال العمل على محورين إصلاح اقتصادي وتحقيق العدالة في توزيع ثمار النمو، فهذه هي الوصفة المثلى لتحقيق النجاح. وبالنسبة للإصلاح الاقتصادي، قال الوزير إن الحكومة تسعى لترسيخ الحوكمة الرشيدة، وفي نفس الوقت ضمان التوازن بين مؤسسات الدولة وفعالية عمليات الرقابة. وبالنسبة للوضع الاقتصادي قبل 2011، أشار إلى أن الحكومة في ذلك الوقت كان لديها برنامج إصلاحي فيما يخص الاقتصاد، ولكن كان لديها مشكلة عميقة فيما يخص أجندة العدالة الاجتماعية. وحول احتمالات فرض ضرائب جديدة، أكد الوزير أن السياسة المالية التي تُتبع حاليًا لا تميل إلى فرض ضرائب في الوقت الراهن باعتبارها آلية تقلل من الموارد المتاحة لأفراد المجتمع للاستثمار والاستهلاك، وبالتالي تحد من تنشيط الاقتصاد الذي تستهدفه الحكومة، منوهًا إلى وجود تنسيق وتكامل بين السياستين المالية والنقدية بالتعاون مع البنك المركزي في هذا المجال حيث تحرص وزارة المالية على عدم فرض ضرائب جديدة دعمًا للسياسة النقدية التي خفضت أسعار الفائدة من أجل تقليل عبء تمويل المشروعات الجديدة والاستثمارات الخاصة. وأضاف أنه قد يكون من المناسب مع استعادة النشاط الاقتصادي إعادة النظر في المنظومة الضريبية بوجه عام لتحقيق المزيد من الموارد للدولة بهدف تخفيض عجز الموازنة وزيادة القدرة على تمويل البرامج الاجتماعية. وقال الوزير إن وزارة المالية تركز في الوقت الراهن على شرح قواعد ومبادئ الضريبة العقارية للجمهور خاصة مع بدء تطبيق الضريبة بالفعل والتأكد من فعالية آليات الاعتراض على التقديرات الضريبية مثل لجان الطعن حيث يتم إعادة تشكيلها لضمان توازن التشكيل بين ممثلي الجهات الحكومية والخبراء والمكلفين بأداء الضريبة. وأضاف أن وزارة المالية تدرس حاليًا الانتقال للضريبة على القيمة المضافة بدلًا من ضريبة المبيعات باعتبارها أكثر عدالة. وأوضح الوزير أن الحكومة تدرس أيضًا وضع حزمة حوافز لضم القطاع غير الرسمي لمظلة الدولة بما يحقق 3 أهداف أهمها تحقيق الاستقرار الاقتصادي، وزيادة حصيلة الإيرادات العامة، والأهم تحسين المناخ الذي تعمل في ظله هذه المنشآت والعاملين بها وهو الأمر الذي يعد مكسب لجميع الأطراف الحكومة والمجتمع. وأكد أن الاقتصاد المصري يتمتع بقدرات كامنة تتمثل في موارده البشرية التي تحتاج لمزيد من التحفيز من خلال الاهتمام بشكل أكبر بقطاعي التعليم والصحة، بالإضافة إلى إيجاد شبكات حقيقية للأمان الاجتماعي، لافتًا إلى أن الحكومة حريصة ليس فقط على زيادة مخصصات تلك البرامج بالموازنة العامة ولكن أيضًا على زيادة جودة الخدمات العامة وأن تدعم المواطن وليس السلعة. وأشار الوزير إلى أن الحكومة حريصة على تحسين بيئة الاستثمار حيث تعمل على محورين الأول حل المشكلات العامة التي يعاني منها المستثمرون بصفة عامة، والمحور الثاني حل مشكلات المستثمرين مع الجهات الحكومية كل على حدة، منبهًا إلى أن الإعفاءات الضريبية ليست الآلية المثلى لجذب الاستثمارات المحلية والأجنبية حيث تؤكد الدراسات الدولية أن تحسين مناخ الاستثمار، وتذليل العقبات، وتوفير البنية التحتية أهم العوامل التي تحكم قرار الاستثمار في الدول المختلفة.