المخ البشرى، ذلك الجهاز المعقد، الذى يحاول العلماء كشف اغواره السحيقة، ربما لم يعد معقداً بعد الآن، فقد تمكن علماء من مركز ''يوليش'' لأبحاث المخ والأعصاب فى ألمانيا مع إعادة بناء مخ بشرى لسيدة أوصت بتبرعها بمخها بعد موتها. باستخدام تكنولوجيا فائقة اعتمدت على أكثر من 100 ألف معالج كومبيوتري، قام مجموعة من الباحثين بتقطيع المخ إلى الأف من الشظايا الصغيرة ولصقها بخلايا رقمية عالية التقنية بهدف رسم أطلس يعتبر الأكثر تفصيلاً فى التاريخ.
مشروع ''الدماغ الضخم''، يعتمد على إعادة بناء المخ البشرى وعمل نموذج رقمي له، وهو الأمر الذى سيمكن الباحثين من إعادة النظر فى مفاهيم ظلت تحكم كيفية أداء العقل البشرى لمهامه لسنوات طويلة.
قبل أكثر من 100 عام، اعتمد العلماء على تشريح الدماغ لقطع سميكة، فى محاولة لعمل دراسات تتعلق بأداء المناطق العصبية فى المخ وكيفية قيام العقل البشرى بوظائفه الحيوية، ثم تطور الأمر تدريجياً، وبدأ الباحثون فى استخدام تقنيات الرنين المغناطيسي، الأمر الذى سمح لهم بإلقاء نظرة أكثر شموليه وعمقاً للدماغ البشرى، وبالرغم من ذلك، ظلت هناك أمور مستعصية على الفهم تتعلق بالمناطق المجهولة الوظائف داخل الدماغ.
وفى عام 2010، نجح مجموعة من العلماء الصينيون فى تشييد أول خريطة رقمية ثلاثية الأبعاد لدماغ ''فأر''، وفى ذلك الوقت، فشل الباحثون فى رسم نفس الخريطة للمخ البشرى، كون الدماغ البشرى أكبر بمئات المرات من أدمغة الفئران، حتى تمكن الدكتور ''إيفانز'' بمساعدة فريق مكون من علماء بمراكز الأعصاب الأوربية والأمريكية والكندية من تحويل دماغ المرأة المتوفاة إلى شريحة بلاستيكية لا يزيد طولها عن 15 سم.
وتمكن الباحثون من استخراج بيانات جديدة من مخ السيدة المتوفاة تعادل 1000 جيجابايت، وهو الإنجاز الذى سيمكن العلماء من الحصول على معلومات شديدة الأهمية تفيدهم فى رسم خريطة ك''خرائط المرور والطقس'' على حد تعبير الدكتور ''إيفانز'' والذى يؤكد أن المشروع سيساهم فى التعرف على اسباب الأمراض الغامضة مثل ''ألزهايمر'' و ''باركنسون أو الشلل الرعاش'' وسيمكن الباحثين من استباط طرق جديدة لعلاجها.