لم يكونوا مختلفين عنه كثيرا؛ الظروف متقاربة، المهن المضنية متشابهة حتى إن اختلفت والظلم واحد في كل الأحوال؛ كلٌ منهم حضر إلى الجنازة ومعه ''عربة'' عليها شيء يبيعه ليساعده على ''أكل العيش'' وييسر عليه نوائب الحياة، وخاصة أن معظمهم ليس له مأوى أو عائلة ثابتة تستطيع أن تعوله. تراصّوا بجانب بعضهم البعض، غير عابئين بثقل العربات أو بصعوبة جرّها طالما سيشاركون في جنازة صديقهم ''بائع البطاطا''. بعضهم كان صديق عمر الذي سقط قتيلاً برصاصة مجند في الجيش؛ إذ تعود ''عمر'' على التواجد في محيط السفارة الأمريكية للبيع هناك للمجندين الذين يحرسون السفارة دون حدوث أي مشاكل بينه وبينهم، لكن المجند هذه المرة قام بإشهار سلاحه وأطلق رصاصة اخترقت صدر ''عمر'' فقتلته في الحال. بعض الأطفال الآخرين الذين اصطحبوا عرباتهم للجنازة لم يعرفوا ''عمر'' من قبل؛ مجرد سمعوا كمن سمع عن الطفل الذي قُتل دون سبب واضح حتى الآن لمجرد أنه كان يبيع ''البطاطا'' مرغماً ليوفر قوت يومه وأبيه. مقتل عمر ابن الثالثة عشر أدى لحالة من الغليان في الشارع المصري؛ فتم تنظيم أكثر من مسيرة في أكثر من مكان؛ بالإضافة للجنازة الرمزية ل''عمر'' والتي شارك فيها العديد من التيارات السياسية والمواطنين البعيدين عن السياسة، إلا أن وجود أطفال يعملون كباعة جائلين في مسرح الجنازة كان الأمر الأكثر إيحاءا بمآساويتها.