حلم الخروج من العالم الصغير إلى أخر أكثر براحاً هو ربما ما يراود الكثير ممَن ينهون المرحلة الثانوية؛ فتنفتح لهم أبواب الجامعات، آملين في رؤية الكثير المختلف. وإن كان ذلك يتحقق للجميع بدرجات متفاوتة فإنه يمكن اعتبار هؤلاء في مرتبة متقدمة بين أقرانهم، لا لشيء غير أن قرار ترك المنزل وقطع مسافة ليست هينة في أغلب الأحوال بغرض ارتياد الجامعة خاصة إذا كان الكلية المختارة لا بديل لها إلا في إحدى جامعات القاهرة؛ يجعلهم مختلفين. شاهد الفيديو المغتربون بجامعة القاهرة وما أن تطأ القدم أرض ذلك المكان حتى يأتي منح اللقب ''طالب المدينة''؛ هكذا ُيطلق على المغتربين أو القادمين من محافظات مصر المختلفة للدراسة بالجامعة، ويقيمون في مدينتها. وفي جامعة القاهرة تعرف سِماهم خاصة وقت إقبالهم على الخروج أو دخول باب المدينة الجامعية، وعلى الرغم من الهدف المرجو من المدينة الجامعية التي من المفترض أنها محاولة للتخفف من وطأة البعد عن الأهل والشعور بالغربة غير أنها مع مرور الأعوام وتوافد الطلاب أصبحت تضفي مزيد من العبء على حياة الطالب الجامعي خارج حدود موطنه. وخلف أبواب مدينة جامعة القاهرة الجامعية تولى أحد طلاب الجامعة التعبير، ووصف الحال للغرفة التي تشهد إقامته طوال العام الدراسي، وعنها قال '' الأوضة تعتبر بالنسبة للأدوات اللي فيها كافية بس مش مساحة إنها تسمح لحد بحرية إنه يتحرك يا دوب على قد الحاجات اللي موجودة''. وتلك ''الحاجات'' لا تخرج كما أوضح الطالب عن '' يا دوب مكتبين وكرسيين والسرير أكتر من كده مفيش وهو موضع واحد لكل حاجة مبتتغيرش فالمساحة مش مناسبة بدرجة كافية'' . لينتقل الطالب إلى الحمامات والتي تواجه هي الأخرى مشاكل '' برضو محتاجة مستوى عالي من التنضيف..نظافة تعتبر مهملة بدرجة كبيرة''، وإن كانت هذه المشكلة بالنسبة له لا تقع على عمال المدينة وحدهم بل أيضا الطلبة؛ حيث أن '' في زبالة بتبقى موجودة في الحمام بس ده بيعتمد على الطلبة أكتر.. العامل بيقوم بواجبه كل يوم بس الطلبة في ناس كتير الصراحة مبتبقاش نضيفة ولا بتحافظ على المكان اللي هي قاعدة فيه''. ولا يخلُ وقت تجمع الطلاب لتناول الطعام من ما يسبب الضيق؛ حيث يقول الطالب '' المطعم الأكل محتاج إشراف عالي جدا وإنه يتطور ويكون أكل بيتعمل بنضافة أكتر '' معرباً عن الاختلاف الكبير بين ما يلقاه ومنزله ''الصراحة مش زى أكل البيت خالص محتاج يتعمل بطريقة أحسن كتير''. ليصف الطالب ضاحكاً هيئة الطعام المقدم والذي يلقاه وزملائه بالجامعة '' مثلاً المكرونة على سبيل المثال بتبقى معجنة، اللحمة ما بتبقاش لحمة دي بتبقى كوتش مش مستوية كويس''. وليس هذا فقط ما قد يكر صفو وقت تناول الطعام بل أيضاً وصوله إلى الطلاب يواجه مشاكل '' المطعم بيبقى زحمة جدا بسبب أن ما بيبقاش في إشراف متكامل بحيث واحد يجب الصواني للعامل اللي هيغرف وبالتالي ساعات يتعطل؛ فالعامل يتعطل والمشرف ساعات يقفل باب المرور بتاع الأكل فبرضو يعطل الطابور أكتر فيحصل''. وأخيراً وربما ليس آخراً؛ لا يهدأ حال طالب المدينة الجامعية خاصة من القلق على متعلقاته التي يتركها بغرفته؛ حيث أن '' بتحصل حوادث سرقة كتير للموبايلات واللاب توبز وساعات فلوس'' وذلك على الرغم من أن الناس متأكدة أنها قافلة باب الأوضة كويس وكل حاجة لكن الأوضة بتتفتح بطريقة بحيث أن مفيش أي خدش ولا حاجة''. ومع تأكيد الطالب بعدم رغبته في إلقاء اللوم أو توجيه الاتهام لأحد قال '' ده حد أكيد عارف وقت الطلبة بيبقوا خارجين وداخلين أمتى كمان بيبقى معاه نسخة من المفتاح والنسخة دي ما بتبقاش غير عند المشرف أو العامل فبالتالي ملهاش حل غير كده''.