كانت ضمن أول وفد للفتيات المصريات يذهبن للدراسة في ''السوربون''، درست الفلسفة ورسالتها كانت حول''المرأة في الإسلام''، ناضلت من أجل تحرير المرأة، وكافحت من أجل تحرير مصر وجلاء الاستعمار، "اقتحمت البرلمان" مرة بالتظاهر ومرة بالانتخاب، وترجمت القرآن الكريم إلى الإنجليزية و الفرنسية . هي رائدة الحركة النسائية المصرية الدكتورة "درية شفيق"، المولودة في طنطا عام 1908، وتعلمت في المدارس الفرنسية هناك، وأرسلتها "وزارة المعارف" لتتعلم على نفقة الدولة في "باريس"، وتحصل على رسالة الدكتوراة في أطروحة قدمتها ناقشت فيها "حقوق المرأة في الإسلام"، قالت فيها أن التشريع الإسلامي أنصف المرأة أيما إنصاف، ووهبها حقوقها كاملة أكثر مما أعطاها أي تشريع آخر. خاضت أولى معاركها بعد عودتها من فرنسا؛ حيث تقدمت للجامعة المصرية لتعمل بها أستاذة بقسم الفلسفة بكلية الآداب، إلا أن عميد الكلية رفض أن يسند إليها مهنة التدريس الجامعي لكونها "إمرأة"، لم تستسلم للأمر وحولت رسالة التدريس إلى رسالة عامة تمارسها من خلال الصحافة والتعليم المجتمعي، و أسندت إليها "البرنسيسة شيوه قار" رئاسة تحرير مجلة "المرأة الجديدة"، وما لبثت "درية" أن أصدرت مجلتها الخاصة "بنت النيل" لتكون أول مجلة نسائية في مصر لتعليم وتثقيف المرأة المصرية. مع نهاية الأربعينات، تبلورت فكرة "تحرير المرأة" وخوضها الحياة السياسية بشكل كبير، وقتها أسست درية "اتحاد بنت النيل"، مستلهمة اسمه من مجلتها الناجحة حينها، وكرست مجهودها لتحرير المرأة المصرية من قيود الأمية وسوء التثقيف، ولم تقف عند هذا الحد، بل كوّنت فرقا نسائية لمحو الأمية وتعليم الفتيات في المناطق الشعبية والفقيرة. الصدام السياسي الأول جاء في 1951، وقتها قادت "درية" مظاهرة نسائية مكونة من 1500 فتاة وسيدة مصرية اقتحمن "البرلمان المصري" في ظاهرة لم تشهدها مصر من قبل، كانت "صرخة نسائية مدوية" للمطالبة بحقوق المرأة، تمخض عنها - بعد أسبوع واحد فقط - عرض قانون على البرلمان المصري ينص على حق المرأة في الترشح وخوض الانتخابات البرلمانية. استكملت المسيرة، وجاء الصدام الثاني في نفس العام 1951 "أمام الاحتلال الإنجليزي"، فكوّنت "فرقة مقاومة نسائية" كانت تستهدف قواعد الجيش الإنجليزي في منطقة القناة، وأيضا إعداد الممرضات الميدانيات، وقدمت للمحاكمة بعد قيادتها لمظاهرة نسائية حاصرن فيها "بنك باركليز الإنجليزي" و دعون لمقاطعته. "أول حزب نسائي سياسي مصري" أسسته "الدكتورة درية شفيق" بعد ثورة يوليو 52، وتحول "اتحاد بنت النيل" ليصبح حزبا بنفس الاسم، إلا أن "الصدام الثالث" جاء عام 1954، وقتها كان "دستور الثورة" تتم كتابته، واحتجت "الدكتورة درية" على عدم وجود تمثيلا للمرأة في لجنة كتابة الدستور، وهو ما دفعها للإضراب عن الطعام ل10 أيام، لم تنتهي إلا بوعد من "اللواء محمد نجيب" أن يكفل الدستور حق المرأة، وبالفعل جاء الدستور لينص على حق المرأة المصرية في التصويت والترشح للانتخابات. مرت أعواما اختزلت فيها السياسة المصرية في "التنظيم الحزبي الواحد"، وهو ما دفع "الدكتورة درية" للانعزال، وعكفت لمدة 18 عاما على الكتابة الأدبية والشعرية، وإصدار دوريات مجلتها "بنت النيل" ومجلة للأطفال بعنوان "كتكوت الصغير"، وكان أعظم أعمالها "ترجمة القرآن الكريم للإنجليزية والفرنسية"، كل هذا في وقت كان "الحجاب" مقصورا على كبار السيدات في المجتمع المصري، والغلبة كانت "للاحتشام" ورقي الأخلاق. توفيت الدكتورة "درية شفيق" في 1975 بعد سقوطها من شرفة منزلها، ومرت أعواما وهي "حروف من نور" في سجل نضال المرأة المصرية، لتعود في الأيام الأخيرة بعد إشاعة "حذف صورتها من الكتب التعليمية" بسبب سفورها وعدم ارتدائها للحجاب، وهو ما نفاه وزير التعليم، مؤكدا قيمتها الاجتماعية و الإنسانية الكبيرة.