انتقد عدد من خبراء الاقتصاد الأرقام التى أعلنتها وزارة المالية فى تقريرها عن حجم الدين المحلي فى نهاية سبتمبر الماضي، مؤكدين أنه يجب التوقف أمامها، وإيجاد حلول مجدية لها بدل من الدخول فى نفق مظلم في حالة استمرار الدين المحلي فى الارتفاع. واقترح الخبراء إنشاء هيئة قومية لعلاج أزمة الدين وعجز الموازنة بالإضافة إلى ترشيد الإنفاق الحكومي والدعم، وتحصيل الضرائب المتأخرة. ومن جانبها، قالت الدكتورة إيمان محمد، رئيس قسم الاقتصاد بكلية التجارة بجامعة بورسعيد، إن مشكلة زيادة الدين المحلي إلى هذه الأرقام الكبيرة ترجع إلى الأزمة المزمنة والتى تتوسع وهي دعم عجز الموازنة، مشيرة إلى أن الحكومة قامت بإجراءات لزيادة إيراداتها مثل رفع الدعم عن بنزين 95، ورفع أسعار الكهرباء ولكنها إجراءات غير مجدية لحل الأزمة. وطالبت رئيس قسم الاقتصاد بكلية التجارة بجامعة بورسعيد، في تصريحات ل مصراوي، بإنشاء هيئة قومية لإيجاد حل جذري للدين المحلي وعجز الموازنة، متسائلة '' إلى متى سيظل الاعتماد في تمويل عجز الموازنة على أموال التأمينات، وإلى متى ستظل زيادة المعاشات فى مصر بقرار حكومي؟''. وانتقدت''إيمان'' التوجه للاستدانة الخارجية لسد عجز الموازنة، لافتة إلى أن هذه الطريقة تدخلنا فى مشكلات أخرى للدين الخارجي مثلما حدث فى الثمانينات. وكانت وزارة المالية قد كشفت فى تقرير حديث لها عن ارتفاع نسبة الدين المحلى لأجهزة الدولة بالموازنة العامة، مقارنة بالناتج المحلى فى نهاية سبتمبر 2012، إلى 69.7% ليسجل 1238.7 مليار جنيه، مقارنة بنحو 1019.5 مليار فى نهاية سبتمبر من العام الماضى. وبلغ حجم الزيادة فى إصدارات أذون وسندات الخزانة بقيمة 713.6 مليار جنيه، والتى اشترتها البنوك والمؤسسات المالية والأشخاص خلال الفترة من سبتمبر 2011 وحتى سبتمبر 2012، مقارنة بنحو 571.3 مليار جنيه، خلال الفترة المماثلة السابقة عليه. وفي نفس السياق، شدد الدكتور سلامة الخولي، الخبير المصرفي، على أن الديون المحلية ارتفعت لأرقام كبيرة يجب التوقف أمامها وإعادة النظر فيها، منبهاً إلى أن الخطورة تكمن فى أن الخسارة من وراء هذه الاستدانة مزدوجة، فالحكومة تنفق الأموال التى تقترضها فى سد عجز الموازنة، بدلاً من إنفاقها فى مشروعات استثمارية فى نفس الوقت الذي تحمل فيه الخزانة العامة تكلفة هذه الديون التى تسددها الحكومة بدلاً من تخصيص أموال هذه التكلفة فى مشروعات تجلب أموالاً للدولة. وأضاف الخبير الاقتصادي لمصراوي، أن على الحكومة أن تلجأ لوسائل أخرى لتقليص عجز الموازنة مثل ترشيد الدعم وتحصيل الضرائب المتأخرة على بعض رجال الأعمال، وترشيد النفاقات الحكومية، والتوقف عن الاقتراض الداخلي والبنوك والمؤسسات المالية. ولفت الخولي إلى أنه ليس هناك خطورة على أموال البنوك فى الاستثمار فى أذون الخزانة والسندات التى تصدرها الحكومة، ولكن الخسارة تعود على المجتمع والاقتصاد فى عدم استخدام هذه الأموال فى إنشاء مشروعات تنموية، كما ان البنوك لديها من السيولة ما تعجز عن توظيفه وبالتالي ليس لهذا النوع من الاستثمار رغم كبر حجمه تأثير كبير على السيولة بداخلها. وأوضح أن البنوك هي الرابح الوحيد من هذا النوع من الاستثمار لأنها تستثمر فى أوعية مضمونة ونسبة المخاطر بها ضعيفة كما أن العائد كبير مقارنة للعائد التى تعطيه لودائع عملاءها، بما يجعلها تحقق أرباح كبيرة جراء هذا الاستثمار، مرجعاً الأرباح الكبيرة للبنوك الحكومية فى العامين الأخيرين لاستثمارها فى الأذون والسندات الحكومية. وانتقد الخولي فى الوقت نفسه عدم تشجيع البنوك لرجال الأعمال والقطاع الخاص في هذه الفترة الأخيرة للعمل على إقامة المشروعات وتنشيط الاقتصاد وتبديد المخاوف حتى لا تتضاعف الأزمة الاقتصادية الحالية، موجهاً اللوم لها لأنها اعتمدت فقط على تمويل الخزانة العامة عن طريق الأذون والسندات.