وجهه الأسمر المصري، لا تستطيع أن تفرقه كثيرا عن دفء وجه أبيك أو جدك، ضحكاته المتكررة وحكاياته المبهرة عن أيام الانتصار والهزيمة والخوف والترقب، يحكي لك عن حياته مع الجيش المصري، وكيف خدم مع الرئيسين ''ناصر'' و ''السادات''، وكيف دافع عن فكرته التى لاقت دهشة رؤسائه آنذاك، إلا أنها كانت مفتاح النصر بعد ذلك. إنه المهندس المصري ولواء الجيش المتقاعد ''باقي زكي يوسف'' - صاحب فكرة فتح ثغرات بمضخات وخراطيم المياه في خط بارليف - الذي قام العدو الصهيوني بإنشائه بعد هزيمة القوات المصرية فى سيناء 1967 على يد قوات الجيش الإسرائيلي . بدأت رحلة ''زكي يوسف'' مع القوات المسلحة بعد تخرجه فى كلية الهندسة عام 1954؛ حيث انضم فى نفس العام لسلاح المركبات فى الجيش المصري، ثم تم انتدابه كمهندس للعمل فى بناء مشروع السد العالي من عام 1964 وحتى عام النكسة، والحق أن عمل '' زكي ياقوت'' فى السد العالي أوحى له بالفكرة التى اعتبرها البعض أحد أهم المفاتيح لنصر اكتوبر؛ إذ أنه يحكي أن السد العالي كان عبارة عن ''رمل وطوب وزلط'' وكان الطبيعي أن يتم التعامل مع ذلك بالمياه بشكل أكبر . وبعد النكسة صدر قرار بعودة كل المنتدبين خارج القوات المسلحة إلى ثكناتهم الأصلية فى الجيش، فعاد ''زكي'' كرئيس لسلاحه فى القوات المسلحة وهو المركبات، وكان يرى العدو الإسرائيلي وهو يبني خط ''بارليف'' الذي اعتبروه آنذاك أنه حصن منيع، وكان يتم بنايته من الكثبان الرملية الطبيعية وكثبان أخرى عن طريق حفر قنوات أخرى على الشاطئ كما تم وضع مدافع آلية وقنابل داخله . وجاءت الفكرة من بدايتها عندما انتقل المهندس ''زكي'' مع ضباط آخرين لقناة السويس عام 1969، وكانت الفكرة المطروحة فى الجيش المصري بخصوص السد آنذاك تقتضي أن يتم تفجير السد أو ضربه بالمدافع والدبابات، ولكن كانت الخسائر التقديرية لذلك حوالي 20 ألف جندي، وعندما سمع ''زكي'' بالرقم فكر فى طريقة استخدام المضخات لتقليل الخسائر البشرية بقدر المستطاع؛ حيث تم الاتفاق على عمل ثغرات فى السد بخراطيم المياه ويتم قذف المياه بكميات كبيرة على الساتر فتبدأ الرمال بالانهيار لتنزل فى قاع قناة السويس، وبذلك يتم تجنب خسائر أكبر. وعلى الرغم أن الفكرة حازت الاستغراب من البعض إلا أنها نجحت نجاحا ساحقا؛ حيث تمكن الجنود المصريين في الساعة العاشرة مساءا يوم '' 6 أكتوبر'' من فتح حوالي 60 ثغرة فى ''خط بارليف''، الذي يبدأ من قناة السويس وحتى عمق 12 كم داخل شبه جزيرة سيناء على امتداد الضفة الشرقية للقناة . وحصل المهندس '' زكي يوسف'' على ''نوط الجمهورية العسكري'' من الطبقة الأولى عن أعمال قتال استثنائية تدل على التضحية والشجاعة الفائقة في مواجهة العدو بميدان القتال في حرب أكتوبر 73؛ حيث تسلمه من يد الرئيس الراحل '' أنور السادات '' في فبراير 1974، وأيضا وسام الجمهورية من الطبقة الثانية تسلمه من يد الرئيس السابق ''حسني مبارك'' بعد إحالته إلى التقاعد من القوات المسلحة عام 1984 .