دبي (رويترز) - ربما تلعب الزيادة في طاقة تكرير النفط في الهند والشرق الاوسط دورا في تحويل دبي في نهاية الامر الى مركز تجاري ينافس سنغافورة لكن الكثير يتوقف على قدرة الامارة على التعامل مع المشتقات المالية للتحوط من مخاطر الاسعار. ونظرا لوجودها وسط أكبر منطقة لانتاج النفط في العالم يتركز دور دبي على مبيعات النفط الفعلية أكثر منه على تداول الاوراق المالية المرتبطة بالنفط. لكن زيادة النشاط التكريري والطاقة الاستيعابية الجديدة بالموانيء قد تغير ذلك. وخلال العام المنصرم زاد عدد العاملين بالشركات التي يتركز نشاطها على التعاملات الاكثر تعقيدا من مجرد الصفقات المباشرة بين المنتج والمستهلك. ويقول تجار انه نظرا لموقع دبي الاستراتيجي الذي يتيح لها التعامل مع الاثار المترتبة على حدوث زيادة في نشاط التكرير بالشرق الاوسط والهند فانها تملك من المزايا ما يفوق مزايا سنغافورة التي تعد البديل الرئيسي للتعاملات النفطية في أسواق الولاياتالمتحدة وأوروبا. وقال تاجر من شركة صينية "بمقدور دبي أن تتمكن في عشر سنوات من التقدم على سنغافورة التي تفتقر لطاقة التخزين." وفي العام الماضي أصبح ميناء جبل علي في دبي مركزا للتجارة في الزيت الاساسي المستخدم في انتاج زيوت التشحيم. وازدادت أيضا الطاقة بالفجيرة وهي المركز رقم ثلاثة في العالم في مجال اعادة تزويد السفن بالوقود ومن المتوقع أن تواصل نموها خلال الاعوام الخمسة القادمة. ومن شأن طاقة التخزين الاضافية أن تستوعب قدرا من الزيادة في طاقة الانتاج الهندية وكذلك منتجات التكرير الاضافية من شركات النفط الوطنية في أبوظبي والسعودية. وتتوقع مؤسسة (فاكتس) الاستشارية ومقرها سنغافورة أن يزيد انتاج المشتقات النفطية بالشرق الاوسط بنسبة 16 في المئة ليصل الى 9.6 مليون برميل يوميا في 2012 مقارنة بما هي عليه هذا العام مما سيرفع صافي الصادرات الى 3.1 مليون برميل يوميا من 2.6 مليون برميل يوميا حاليا. وتمثل زيادة كمية المنتجات تحديا بالنسبة لكبار أعضاء أوبك بالمنطقة بمن فيهم السعودية وايران والكويت. فهم يمنعون فعليا عملاءهم من الاتجار في خاماتهم التي يجري تسعيرها كل شهر عندما تصدر السلطات المعنية أسعار البيع الرسمية. وللقوى النفطية رؤية مختلفة لمنتجات التكرير مثل البنزين والنفتا والديزل التي لم تتمكن منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) على مر السنين من التأثير عليها. لكن هناك عقبات.. فالمنطقة تفتقر للوائح وشفافية مراكز التجارة الراسخة لكن الاهم هو أن التجار بحاجة للتحوط فيما يخص الشحنات من خلال استخدام أدوات ورقية وهو ما لم يتأسس في المنطقة. وقال أحد التجار "لا توجد تقريبا سوق ورقية هنا. هناك دائما شق ورقي للامر لكنه يجري في أسواق أخرى مثل سنغافورة أو لندن الى حين ادخال مزيد من الادوات بالشرق الاوسط لحماية الاسعار." ويستخدم تجار النفط ما يسمى "النافذة" لوضع أسعار البيع والشراء المتعلقة بالتعاملات التي تجري خارج بورصات النفط. ولا توجد الان نافذة في دبي وما حولها وقالت ادارة التسويق بمؤسسة بلاتس في تصريحات لرويترز ان المؤسسة ليست لديها خطط فورية لتغيير ذلك الوضع. وتقدم بلاتس التابعة لمؤسسة مكجرو هيل الامريكية مؤشرات أسعار لعدد من أسواق الطاقة وعادة ما تحدد السعر من خلال سلسلة من عروض البيع والشراء والتعاملات خلال "نافذة" لمدة نصف الساعة. والتعاملات الاجلة ببورصة دبي للطاقة المدعومة من بورصة نايمكس والتي أطلقت عقود التعاملات الاجلة في خام عمان عام 2007 حطمت مرارا أرقاما قياسية ولقيت اشادة من كثير من التجار. لكنها مع هذا نحت جانبا خططا لاطلاق عقد لوقود الطائرات. وقالت بورصة دبي للطاقة انها كرست تركيزها خلال العامين المنصرمين على مؤشر عمان فيها وانها لا تتطلع لهذا الى عقود أو منتجات أخرى. وقال بعض التجار ان النجاح الذي حققته بورصة دبي للطاقة والمؤشر العماني كان مفاجأة سارة. ولا تزال الشكوك تنتاب تجارا اخرين. وقالت نائلة شيرازي مديرة الجودة في جالانا بتروليوم وهي شركة نفط تعمل أساسا في شرق افريقيا "نحن نقتفي أثر سنغافورة بلاتس والاسواق العالمية." ويتحدث التجار أيضا عن الافتقار لاطار عمل تنظيمي ومستويات الشفافية التي تميز المراكز التجارية الناضجة. وقال بهاجوان جاواي عضو مجلس الادارة المنتدب بشركة سورابه انرجي لتجارة النفط والغاز والتي يقع مقرها في دبي "التنظيم مشكلة.. اذ لا يوجد نظام مصرفي ملائم لدعم عمليات النفط والغاز." وأضاف "من الصعب جدا على الشركات التجارية أن تعمل هنا. الدعم الحكومي ضعيف أيضا وكذلك البنية التحتية." غير أن هناك متعاملين كثيرين يتوقعون أن يحدث التطور تلقائيا مع تزايد وجود المؤسسات التجارية. وقال تاجر "الكل تقريبا هنا الان. الشفافية ستستغرق وقتا وستتغلب قوة السوق على هذه العناصر. الصفقات المالية يمكن أن تحدث في أي مكان بالعالم لذا فان الشفافية والتنظيم لا يمثلان قضية كبرى. وهذا لن يمنع المنطقة من أن تصبح مركزا للتجارة." ومازال بعض المحللين يرون أن النمط التقليدي المتمثل في الاحتفاظ بمكتب في سنغافورة وباخر في أوروبا مازال مثاليا وأن المستقبل قد يكون في الصين بعد ذلك. وقال أوليفييه جاكوب المحلل في بتروماتريكس ومقرها سويسرا "اذا كان لديك (مكتب لادارة) عمليات تجارية في لندن أو جنيفوسنغافورة لتغطية السوق الصينية فهل تحتاج حقا أن يكون لديك واحد في المنتصف." وأضاف "النموذج التشغيلي التقليدي هو أن يكون هناك مركز للتجارة في أوروبا ومركز في سنغافورة حيث تنبع قوة الطلب على عمليات التمويل. أما الاتجاه الان فهو أن تنشيء الشركات مكاتب تجارية تمثيلية صغيرة في الصين."